يؤدي طلبة المرحلتين المتوسطة والثانوية الأربعاء المقبل أول الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الأول حضورياً بعد غياب عن هذا النمط من الاختبارات استمر لأكثر من عامين دراسيين، وسط حاجة ماسة إلى رفع مستوى الجاهزية والاستعداد بالمنزل والمدرسة، وتهيئة الطلاب والطالبات بما يضمن تحقيق استقرارهم وتوافقهم النفسي، وبالتالي تقبلهم للاختبارات حضورياً وتأديتهم لها بمستوى عالٍ. وقالت ربى خالد الوحيشي - طالبة ثانوية -: الاختبارات حضورية كانت أو عن بُعد لها سلبياتها وإيجابياتها، لكني أُفضل الأخيرة لسهولة التعامل مع الموضوع، ولأنها تُحقق الاستقرار والراحة والطمأنينة، مضيفةً أنه في حال عدم توفر الإنترنت أو ضعفه أو عدم توفر الأجهزة، فالاختبار الحضوري هو الخيار الأسلم والأفضل. وبيّن خالد راشد البلوي -ولي أمر- أن الاختبارات محك أساسي لتجويد التعلم وقياس المخرجات ومدى ما اكتسبه الطالب من مهارات ومعارف وعلوم، مضيفاً أن تأدية الاختبارات عن بُعد أفضل للطالب والأسرة على حد سواء، معللاً ذلك بتمكن الطالب من السيطرة على القلق والتوتر في أداء الاختبار والشعور بالأمان، بالإضافة إلى أن الطالب قد يعاني من ظروف صحية تحول دون تمكنه من الحضور للمدرسة وتأدية الاختبار. بشرى خير وتحدثت مريم موسى الفيفي - معلمة مرحلة ثانوية - قائلةً: رأيت أن عودة الاختبارات الحضورية بشرى خير بعودة الحياة إلى طبيعتها، ورأينها بناتي الطالبات عقبة وصعوبة، فقد كانت شيئاً مخيفاً بالنسبة لهن، كونهن انقطعن عن هذا النمط لفترة طويلة، وتعودن الأسهل والمعتاد وهو عن بُعد، مؤكدةً على دورها ودور زميلاتها المعلمات في تهيئة الطالبات نفسياً لإعادة ثقتهن بأدائهن وتهيئتهن فعلياً عن طريق المراجعات ونماذج الأسئلة، مختتمةً: "غداً سنفرح بإنجازهن ومستواهن العالي بإذن الله". وذكرت هدى إبراهيم الجهني -ربة منزل- أن الاختبارات الحضورية هي أفضل بكثير، مضيفةً أن العبء الأكبر سيكون على الطالب والأسرة، ومن المهم المتابعة الجيدة للدروس والمذاكرة وفهم المعلومات واستيعابها حتى يتدارك الطالب ما فاته ويؤدي الاختبار بمستوى عالٍ وينخفض لديه مستوى القلق والتوتر. وأوضحت أسماء مشتاق مقبول -مُعلمة- أنه استطاعت المعلمات مع عودة الطالبات حضورياً المتابعة وتمييز الفروق الفردية وتدارك المهارات المفقودة، وبإذن الله نتجاوز معهن أي عائق سيواجهنه أثناء تأدية الاختبارات الحضورية، مشيرةً إلى أن قرار عودة الاختبارات حضورية خطوة جريئة ومهمة للعودة الكاملة بوضعها الطبيعي ولتأدية الاختبارات بشكلها الحقيقي الصحيح. أروع البدايات وأكدت خديجة أحمد فتحي -مديرة مدرسة- على أنه كانت بداية هذا العام من أروع البدايات بعد قرار عودة الدراسة حضورياً وانقطاع دام قرابة العامين، مضيفةً: "واجهتنا صعوبات بسيطة تخطيناها بعون الله ثم بإغفال الرسائل السلبية والتشاؤمية ك(لا أستطيع ولن أتمكن ولا أقدر ومستحيل وغيرها)، وإحلال التحفيز والإيجابية محلها"، مبينةً أنه ازدانت مدارسنا بلقاء طالباتنا ومعلماتنا وعودة الحياة للمدرسة، ذاكرةً أن صوت جرس المدرسة وأصوات الطالبات في مرافقها نغم تطرب معه الأرواح ويدخل البهجة للنفوس، لافتةً إلى أنه بعودة الاختبارات الحضورية من المؤكد أن الطالبات سيواجهن بعض الصعوبات كالرهبة من الاختبار والكتابة بأوراق الإجابة، مبينةً أنه تم الاستعداد لهذه المرحلة وهذا الحدث منذ بداية الشهر المنصرم ومع اختبارات الفترة الثانية، وذلك بإعداد اختبارات محاكية للاختبارات النهاية بدأناها بعبارات تحفيزية ووجهناهن للبداية الصحيحة والقوية، كما تم تدريبهن على تنظيم الوقت وطرق الاستذكار الجيد وقد هدفنا من وراء كل ذلك إلى تعويد الطالبات وكسر حاجز الرهبة لديهن وتطمينهن. قلق وتوتر وقال د. زكريا السنوسي -استشاري الطب النفسي عضو لجنة شؤون الأسرة بجازان-: لا شك أن الجميع يتّفق أن للمدرسة دوراً رئيساً في حياة الطالب وتكوين شخصيته، إذ لا تقل أهميتها عن دور الأسرة، خاصةً في ظل التحول المتكامل لنظام التعليم وتعزيز دور المدرسة الفعّال وفق ما جاء في رؤية المملكة 2030، مضيفاً أن المملكة كانت سباقة في تفعيل أدوات التعليم عن بُعد من منطلق حرصها على ضرورة استمرار التعليم لجميع الفئات العمرية مؤكداً على أن ذلك لا يخلو من بعض الصعوبات والمعوقات، التي قد تؤثر على الطالب والمعلم والأسرة على حدٍ سواء. وعن أهمية دراسة ومتابعة الآثار النفسية بشكل خاص، أوضح أن الدراسات العلمية الحديثة المُحكّمة أكدت على أن نسبة مهمة ومعتبرة من المعلمين والطلاب قد يعانون من أعراض القلق والتوتر والاكتئاب بدرجات متفاوتة، والتي قد تتضح آثارها بشكل جلي عند عودة التعليم الحضوري تدريجياً في المدارس، وذلك يُعزى للإجهاد الذي عانى منه المُعلم فترة التعليم عن بُعد في أوقات سابقة، مبيناً أن أحد الأسباب التي قد تجعل المعلم يعاني من مستويات توتر أعلى من المعتاد وخاصةً إن اقترن ذلك مع صعوبات تتعلق بأقلمة ذوي المعلم "من أبناء مثلاً" مع بيئة التعليم الجديدة والقيام بواجباته الأسرية. دعم نفسي وشدّد د. السنوسي على أنه من هنا تتجلى أهمية الدعم النفسي والسلوكي للمعلم والطالب على حد سواء من خلال مواءمة البيئة التعليمية لتصبح جاذبة ومريحة وتوفّر الأساليب التربوية المهمة، مضيفاً أنه من المهم تحديد المشكلة النفسية لدى الطالب أو المعلم ومعالجتها بالكشف والتدخل المبكر من خلال تسهيل الوصول للمساعدة من قبل المختص النفسي، ومن ذلك توفير خط ساخن للدعم النفسي وتوفير إرشاد نفسي على شكل ملصقات أو منشورات توضّح أهم الأعراض الشائعة، لافتاً إلى أن من أهم الأعراض الشائعة للتوتر الشعور الدائم بالحزن والكآبة والبكاء غير المبرر وقلة الثقة بالنفس والخجل، وقد يتطور إلى اضطراب قلق عام وحالة اكتئاب، مؤكداً على أن كل ذلك من الممكن تجنبّه عبر توفير الدعم النفسي في الوقت المحدد دون إغفال للجوانب الأخرى المهمة كالتوعية المسبقة. تهيئة نوعية وتحدث محمد إبراهيم الرفاعي - مشرف توجيه طلابي مختص في علم نفس النمو - قائلاً: عودة الاختبارات الحضورية للطلبة في المرحلتين المتوسطة والثانوية هذا العام تتطلب من المدرسة والأسرة أساليب تهيئة نوعية تُمثلُ حلولاً حقيقية للتداعيات السلبية المُحتملة على الطلاب والطالبات من خلال ابتعادهم عن الاختبارات الحضورية خلال السنتين الماضيتين في ظل جائحة كورونا، مضيفاً أن من أساليب التهيئة الإرشادية التي يمكن للأسرة تقديمها للأبناء تدريبهم على نماذج مختلفة من الاختبارات التحريرية تقوم الأسرة بإعدادها محاكية بذلك الاختبارات المدرسية وفق الأزمنة المخصصة لتلك الاختبارات، مبيناً أن الهدف من هذا الأسلوب هو إعادة بناء خبرات الاختبارات لدى الطلبة بعد سنتين من ممارستهم لها عن بُعد، وهي اختبارات مختلفة إلى حدٍ كبير عن الحضورية شكلاً ومضموناً وزمناً، وأيضاً مكاناً حيث إن الاختبارات المنزلية التي مارسها الطلبة خلال الفترة الماضية تختلف عن بيئة الاختبار المدرسية الحضورية. كتابة يدوية وأوضح الرفاعي أن من أساليب التهيئة التي يمكن للأسرة تقديمها أيضاً رفع مهارة الكتابة اليدوية لدى الطلبة من حيث سلامتها إملائياً ومناسبتها زمانياً وشكلياً، مضيفاً أن مهارة الكتابة اليدوية من ضمن المهارات التي لحق بها بعض الفاقد يعود ذلك إلى طبيعة الاختبارات عن بُعد، والتي تكون الإجابات فيها عبر لوحة مفاتيح الأجهزة الإلكترونية، ما أضعف ولا شك مهارة الكتابة اليدوية، ذاكراً أن على المدرسة أيضاً تهيئة الطلبة للاختبارات الحضورية من خلال عدة أساليب يمكنها تقديمها لطلبتها في هذا الإطار، ومنها التعريف المبسط بأهداف الاختبارات وأزمنتها ومشاركة الطلبة في وضع جداولها، وتطبيق بعض إستراتيجيات خفض القلق معهم تحقيقاً للطمأنينة النفسية، بالإضافة إلى استكمال توفير كافة مستلزمات البيئة المادية المناسبة للاختبار وفق الإجراءات الاحترازية، والتأكد من مطابقة الأسئلة لجدول مواصفات الاختبارات، مع خلق بيئة نفسية مدرسية جاذبة وباعثة على الاطمئنان النفسي من خلال التعامل مع الطلبة بأساليب تربوية تزرع فيهم التفاؤل والإيجابية. العودة الحضورية مع بداية العام الدراسي هيأت للاختبارات داخل المدرسة د. زكريا السنوسي محمد الرفاعي