أسماء كبيرة كثيرة نجهلها، قبل العشرين من العمر وبعد المئة إن أدركناها، منها ما برق نجمه في سماء تثير اهتمامنا ولم نقرأ عنه يومًا أو لم نسمع عنه، ليس لذنب ارتكبناه ولكننا لم نُرزق بالعصمة من الجهل ولا بملكة تمام المعرفة. رغم ذلك، يخجل الكثير منا من الاعتراف كقارئ بأنه لم يقرأ للكاتب الفلاني أو لم يسمع عن الفيلسوف الفلاني أو كإعلامي أنه لم يرَ وجه الإعلامي القدير الفلاني من قبل، أو كطبّاخ أنه لم يسمع بالأكلة الشعبية الفلانية يومًا، وكأنه مرغم على معرفة كل صغيرة وكبيرة، كل منحط وشامخ، كل برّاق ومعتم. صار من النادر أن يعترف الفرد بجهله أمام المجتمع، حتى إذا ما مات شهير ما في مجاله ادعى معرفته وأصبح يردد إنجازاته ويتحسر على موته شابًّا أو مريضًا أو حتى نائمًا وتبكيه أحرفه في ذكرى وفاته تارة وذكرى ميلاده تارة أخرى، وكأنه لم يتعرف عليه صدفة من خلال خبر "غير عاجل" عن وفاته. أجل، أنا أجهل الكثير وكلما تعلمت شيئًا أدركت جهلي أضعافه، فلا تستنكر علي أو على غيري الجهل بما تعرف. "هل يعقل أنك كاتبة لا تعرف هذا النوع من القصص؟ هل يعقل أنك تعلمتِ الفرنسية ولا تعرفين تاريخ فرنسا جيدًا؟ هل يعقل أنك تقرئين الكتب ولم تقرئي يومًا لطه حسين؟ هل يعقل أنك في العام 2021م ولا تطّلعين على السياسة؟ هل يعقل أنك مدققة لغوية ولا تعرفين معنى الكلمة الفلانية؟" أجل، يُعقل! فعقلي لن يعيش ما يكفيه لإدراك كُل شيء تهواه نفسي أو تبغضه، وكذا هو حالك وحال هذه وذلك، فلا تدّعِ ما لستَ عليه، وعِش الحياة معنا ببساطة.