إن القوى الاقتصادية تؤدي دوراً مهماً في صنع التغيير، خاصة في المنشآت والمنظمات، وأيضاً على مستوى الحكومات، وبسبب زيادة القدرات التنافسية يسعى القادة دائماً إلى عمليات الإصلاح والتحسين وخفض التكاليف وتطوير جودة الخدمات والمنتجات والارتقاء بها، وتُبذل الجهود وتُصرف الأموال في سبيل ذلك، إلا أن عراب التغيير الأستاذ جون بي كوتر أعلن حقيقة مؤلمة، وهي أن 70 ٪ من مبادرات وجهود التغيير تفشل بسبب الأخطاء التي يقع فيها القادة. فما هذه الأخطاء حتى يُستفاد منها خبراتٍ وتجاربَ، ونتعلمَ منها؟ إن أخطاء التغيير، كما ذكرها كوتر في كتابه الشهير "قيادة التغيير"، هي ثمانية، وأولها هو عدم وجود إحساس وحاجة ملحة لدى الموظفين بضرورة التغيير، ويكون مستوى التهاون والتراخي لمبادرات التغيير عالياً بينهم. أما الخطأ الثاني فيتمثل في إخفاق قادة التغيير على إنشاء تحالف قوي توجيهي داخل المنظمة من قيادات ومديرين داعمين لجهود التغيير. والخطأ الثالث هو سوء تقدير فاعلية الرؤية، أي إن الرؤية من التغيير غير منطقية ولا واضحة للموظفين، وثَمة قاعدة أساسية هي أنه "متى ما كنت غير قادر على وصف رؤيتك التي ستقود مبادرة التغيير في خمس دقائق أو أقل والحصول على رد فعل يبين مدى الفهم والاهتمام فأنت في ورطة". والخطأ الرابع هو سوء نقل الرؤية للموظفين، وذلك بسبب ضعف التواصل معهم وعدم الشفافية والوضوح، وأيضا عدم معرفتهم بفوائد وإيجابيات التغيير، كما أن سلوك القادة والمديرين متناقض ويختلف عن الرؤية والأهداف التي ينادون بها. والخطأ الخامس هو السماح للعقبات بعرقلة الرؤية الجديدة، فهي قد توقف جهود التغيير برمّتها إذا لم يُتعامل معها بمهنية واحترافية، وتتمثل تلك العقبات في الهياكل التنظيمية في اللوائح والسياسات والأنظمة، وفي الموظفين أنفسهم. وأما الخطأ السادس فهو الإخفاق في تحقيق مكاسب سريعة قصيرة الأجل، فالمكاسب تشعل الحماس وتوقد الدافعية للاستمرار، ومكافأة الموظفين وتحفيزهم يساعدان في انخفاض مستوى التهاون لدى الموظفين. والخطأ السابع هو إعلان النصر في وقت سابق لأوانه، ويُعد إبداء أي إيحاء أو تلميح بأن المهمة شارفت على الانتهاء خطأً فادحاً، فلا بد أن تتغلغل التغيرات بعمق وتشاهد وتصبح واقعا ملموسا. وأما الخطأ الثامن والأخير فهو إهمال ترسيخ التغييرات بإحكام في (ثقافة) المنظمة لتصبح طريقة العمل الجديدة متغلغلة فيها، ومتسربة في مجرى دمها. أخيرا: تمر منظمات ومؤسسات الدولة الآن بمرحلة تحول وتغيير نحو رؤية 2030 في كل القطاعات والخدمات، ويجب على قادة التغيير في المنظمات الوعي والاستفادة من تلك الأخطاء؛ حتى لا يقعوا فيها، وأن يدركوا أن التغيير الناجح يحتاج إلى 90 ٪ قيادة، و10٪ إدارة، وأيضا إلى قدرات يجب على من يقود التغيير إدراكها وتطبيقها؛ من أجل كسب الأرواح والقلوب والعقول، وضمان نجاح التغيير وفعاليته.