العمل الخيري نشاط يقوم به بعض الأفراد أو الجمعيات بهدف تقديم سلع ما أو خدمات أو غير ذلك مما يحتاج إليه الناس عادة، وهذا النشاط يكون بدون مقابل وهذا أهم ما يميز العمل الخيرى عن غيره من الأعمال ذات الصفة التجارية الربحية البحتة، وتتنوع هذه الأعمال إلى أنواع كثيرة من تقديم الغذاء لذوى الحاجة إلى الرعاية الصحية لبعض المرضى ممن لا يجدون نفقة العلاج على نفقتهم الخاصة وأيضاً مشاريع كفالة الأيتام تعد مثالاً جيداً للأعمال الخيرية، وقد تمتد تلك الأعمال إلى مساعدة الطلاب من أبناء الفقراء في الاستمرار في دراستهم من خلال تيسير السبل والوسائل اللازمة لاستكمال الدرس، وقد عرف العمل الخيري منذ القدم، وازداد أهمية وإقبالاً بعد ظهور الإسلام الذي رغب فيه وحث عليه وأثاب عليه بالأجر العظيم، فتسابق الناس إلى تقديم يد العون لكل من يحتاجه من الفقراء والمساكين والمعدمين وكل صاحب حاجة أو ملهوف، وبات الناس يخرجون صدقاتهم وزكواتهم بأنفسهم ويتفقدون من هو بحاجة الى تقديم يد العون والمساعدة من الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى والملهوفين، ومن لم يكن له دراية ومعرفة بأصحاب الحاجة ومن تنطبق عليهم شروط الزكاة والصدقة فإنهم يستعينون بالآخرين من أهل الصلاح والتقى وقد يعمدون إلى توكيل غيرهم في إيصال هذه المبالغ الى مستحقيها كإمام المسجد والقضاة الذين يوثق بهم في إتمام هذه المسؤولية. عناية واهتمام وفي بلادنا ومنذ بدايات التأسيس حظي العمل الخيري بالاهتمام والعناية من قبل المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حيث كانت له أيادٍ بيضاء في عمل الخير، واستمر أبناؤه الكرام البررة من بعده في تقديم ومد يد العون لكل محتاج وملهوف، كما اقتدى الموسرون من أهل الخير بهم في ذلك العمل الإنساني العظيم، فتواصل تقديم تلك الهبات والزكوات والصدقات إلى المحتاجين في مختلف مناطق المملكة، وبعد تقدم الزمن والتطور المذهل الذي حققتها بلادنا الغالية في كل الميادين ومن ذلك تنظيم العمل وتوحيده جاءت فكرة تأسيس جمعيات البر الخيرية التي انتشرت في طول البلاد وعرضها، وكان أولى هذه الجمعيات ظهوراً وتأسيساً هي جمعية البر الخيرية بالرياض التي جاءت فكرة انشاؤها وتأسيسها على يد رائد العمل الخيري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في عام 1374ه، ومنذ ذلك الوقت وجمعية البر تسهم في تقديم المساعدات المالية والعينية للمحتاجين، وتتطور في خدماتها من عام إلى آخر حتى أصبحت إحدى الجمعيات الرائدة في مجال الخدمة الاجتماعية، والمتميزة في رسالتها وبرامجها، تلا ذلك افتتاح جمعيات بر خيرية في مختلف مناطق ومحافظات ومراكز المملكة، وباتت تسهم في الوصول إلى المحتاجين إلى خدماتها، وسهلت واختصرت الوقت والجهد على من يريد الوصول إلى الفئات المستهدفة لدفع الزكاة والصدقة والمعونات العينية والنقدية. حلقة وصل وفي عصرنا الحاضر وتوحيداً للجهود ولضمان وصول الخدمات لجميع المستفيدين في يسر وسهولة بالتنسيق مع كافة الجهات الحكومية التي ترعى تلك المبادرات الخيرية فقد تم إطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري «إحسان» والتي أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي -سدايا-، ضمن مساعيها الرامية لدعم العطاء الخيري في المملكة، وذلك بمشاركة اللجنة الإشرافية، ممثلة في (الداخلية - العدل - المالية - الصحة - الشؤون البلدية والقروية والإسكان - الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية - التعليم - رئاسة أمن الدولة - البنك المركزي السعودي - هيئة الحكومة الرقمية)، وباتت منصة إحسان من المنصات الإلكترونية الخيرية المهمة التي تُسهم في مساعدة المواطنين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، حيث تمثل حلقة الوصل بين المستفيد والمتبرع لكي تصل التبرعات المقدمة للمواطنين المحتاجين بالفعل. خريمس وثليم وحظي العمل الخيري في المملكة ومنذ بدايات التأسيس بالاهتمام من قبل المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- حيث كانت له أيادٍ بيضاء في عمل الخير، وخير مثال على ذلك هو ما نشرته دارة الملك عبدالعزيز ضمن تقرير أبرز المعلومات عن قصري «خريمس» و»ثليم» في الرياض، واللذين كانا ضمن قصور الضيافة التي عكست كرم الملك المؤسس مع شعبه ومع القادمين إلى الرياض، فقد اهتم الملك عبدالعزيز منذ استعادة الرياض بالحفاظ على التقليد المعروف عن الأسرة المالكة منذ عهد الدولة السعودية الأولى، بفتح المضايف وتقديم المساعدات وحرص على إنشاء قصور الضيافة لتوفير المأوى والطعام للقادمين إلى الرياض سواء من أجل الزيارة أو التجارة أو العلاج أو غيرها، وكانت تلك القصور أيضاً مأوى للمرضى والمساكين وطلاب العلم في وقتي الرخاء والأزمات، كما كانت الضيافة منذ استرداد الرياض تقام في قصر الملك عبدالعزيز حتى أمر في عام 1347ه -1929م -ببناء قصر جديد للضيافة أمام قصره وسمي بقصر «خريمس» -قصر الديرة-، وفي عام 1355ه -1935م- اشترى الملك عبدالعزيز مزرعة تسمى «ثليم» وأنشأ فيها ثاني قصر من قصور الضيافة، وأوقفها لوالده كونها كانت محطة للمسافرين قبل دخول الرياض، ومع انتشار وباء الجدري عام 1358ه -1939م. رأى الملك المؤسس أن ينزل المرضى في وقف «ثليم» ليصبح مأوى ومطعماً لهم تحت إشراف طبي، وحصراً للمرضى في مكان واحد، وفي عام 1359ه -1940م، كلّف الملك عبدالعزيز حمد بن قباع ببناء مضيف يتسع لقاصدي الرياض يتضمن نزلاً ومطابخ في وقف والده بمزرعة «ثليم»، وظلت خدمات مضيف «ثليم» لم تتوقف فقط على استقبال الضيوف القادمين إلى الرياض وتأمين الطعام لهم، بل امتدت لتشمل كذلك إطعام السجناء، وتزايد الاهتمام فيما بعد بكل المحتاجين والمعوزين حيث تم إنشاء الضمان الاجتماعي في عام 1382ه وتولت تنفيذه مصلحة الضمان الاجتماعي ابتداءً من العام المالي 1382/ 1383ه لتنظيم مساعدة الفئات الفقيرة والمحتاجة من الأسر والأفراد ورعايتهم المستمرة ضد الحاجة والعوز، ولا زالت هذه الخدمة تقدم إلى هذا اليوم من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ويعد ذلك امتداداً للرعاية التي تلقاها تلك الفئات منذ عقود من الزمن. منصّة وطنية وسعياً من قيادتنا الرشيدة إلى تعزيز قيم العمل الإنساني لأفراد المجتمع من خلال التكامل مع الجهات الحكومية المختلفة وتعظيم نفعها، وتمكين القطاع غير الربحي وتوسيع أثره، وتفعيل دور المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص والمساهمة في رفع مستوى الموثوقية والشفافية للعمل الخيري والتنموي وتسهيلاً لعملية التبرع للباحثين عن الخير جاء تأسيس منصة «إحسان» وهي منصّة وطنية للعمل الخيري تعمل على تطوير الحلول التقنية المتقدّمة واستثمار البيانات والذّكاء الاصطناعي بهدف تعظيم أثر المشاريع والخدمات الخيرية والتنموية واستدامتها، من خلال الشراكات الفاعلة بين القطاع الحكومي والخاص والقطاع غير الربحي، حيث صدرت الموافقة عليها بتاريخ 13 /8/ 1441ه بناءً على الأمر السامي الكريم رقم 48019، وتعمل تحت إشراف الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي -سدايا- وعدد من الجهات الرسمية الأخرى، وتساعد المنصّة الجهات غير الربحية المختلفة على تنمية مواردها المالية بالتكامل مع بقية المنصّات، واطلاعهم على مختلف مجالات التبرع المتاحة في داخل المملكة العربية السعودية في مكان واحد، ويأتي تأسيس تلك المنصة في إطار نهضة شاملة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وينفذها ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي بث روح الشباب في أوصال الدولة بأفكاره ومبادراته وسياساته، وقاد المملكة اليوم إلى ما بات يعرف بالسعودية الجديدة التي تعد رؤية 2030 خارطة طريق لنهضتها، والهمم العالية لأبناء الوطن عناصر قوتها. خيارات متعددة وتقدم «إحسان» فرص تبرع متنوّعة تغطي العديد من جوانب العمل الخيري داخل المملكة وخارجها وفق ما يرِدها من مشاريع وفرص عبر شركائها من الجهات الرَّسمية، وتوفر خيارات متعددة لتسريع عملية التبرع، ويغطي التبرع مجالات الصحة والتعليم والإسكان والأوقاف ورعاية الأيتام والأرامل والسجناء وغيرها من المجالات الخيرية والتنموية المختلفة، ومن خلال خدمة المعلومات المفتوحة تعمل «إحسان» على تمكين الشركات والجهات غير الربحية من الوصول إلى التقارير والإحصائيات والمعلومات اللازمة لتسهيل معرفة الأولويات وحجم الاحتياج على مستوى المناطق والأفراد، كما توفر المنصة آلية متطورة ومتقدمة ترفع درجة الموثوقية والشفافية والسهولة في جمع التبرعات، وتسهم في تنظيم ونشر ثقافة العمل الخيري والتنموي، وتخضع المنصّة لأعلى المعايير الأمنية المعتمدة من قبل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي -سدايا-، كما تقوم المنصّة باستعراض الفرص المتعددة للجهات المختلفة، بهدف المساهمة في دعم مشاريعها الخيرية والتنموية للفئات المجتمعية الأكثر احتياجاً، وتشتمل خدمات ومنتجات المنصّة على برنامج «هدية إحسان» الذي يتيح للمتبرع أن يتبرع بالنيابة عن أحد أفراد أهله أو أحبابه، نشراً لثقافة التبرع وتعزيز الترابط الاجتماعي، بالإضافة إلى برنامج الزكاة، وهو برنامج إلكتروني متكامل يغطي جوانب الزكاة المختلفة كزكاة الأسهم وزكاة الذهب والفضة وزكاة عروض التجارة وغيرها، وتُسهّل بوابة الخدمات الخيرية الخاصة بمسؤولي الجمعيات الخيرية رفع الفرص وعرضها عبر المنصة بشكلٍ مباشر، ورفع تقارير المشاريع، والاطلاع على تقارير التبرعات الواردة لها. مرحلة جديدة ومع إطلاق المنصة الوطنية للعمل الخيري -إحسان- برنامج التبرع قدّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- تبرعًا سخياً بمبلغ 20 مليون ريال للأعمال الخيرية وغير الربحية من خلال المنصة التي انطلقت في الرابع من رمضان لعام 1442ه الموافق 16 أبريل 2021م، كما قدم ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- تبرعاً بمبلغ قيمته 10 ملايين ريال عند انطلاقتها، تلاه سموه بتبرع سخي إضافي بمبلغ 10 ملايين ريال، ووصلت المنصة بذلك إلى إجمالي مليار ريال من التبرعات بإنجاز غير مسبوق، وبذلك دشنت «إحسان» مرحلة جديدة بعد بلوغها هذا الدعم القياسي. «ثليم» شاهد على جهود المؤسس الراحل في دعم الفقراء والمحتاجين الضمان الاجتماعي شكّل مرحلة مهمة في العمل الخيري سلال غذائية مقدمة من إحسان تحت إشراف إحدى الجمعيات الخيرية