تتحضر قوى المعارضة اللبنانية لإعلان برنامج عملها المشترك بداية الأسبوع القادم والذي يقع تحت عنوان «برنامج الإنقاذ الوطني» ويتضمن رؤيتها للحلول على المستويين السياسي والاقتصادي للأوضاع في لبنان بعد «التمديد للوضع الكارثي متمثلاً بالتمديد لرئيس الجمهورية أميل لحود خلافاً للدستور» كما جاء في مقدمة الوثيقة المشتركة التي وقع عليها اللقاء الديمقراطي النيابي برئاسة النائب وليد جنبلاط ولقاء قرنة شهوان الممثل للمعارضة المسيحية وحركة التجدد الديمقراطي برئاسة النائب نسيب لحود وحركة اليسار الديمقراطي والمنبر الديمقراطي والكتلة الوطنية. غير أن التحدي الأساسي الذي يواجه قوى المعارضة التي كان رفض التمديد لرئيس الجمهورية العنصر المشترك الأساسي في توحيد موقفها وحركتها يكمن في قدرة مختلف تلاوين المعارضة على التحول من مرحلة التنسيق السياسي العام في الموقف من القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية في ظل تماس يومي مع الشرعية الدولية المتمثلة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 الى مرحلة التحالف الانتخابي الواسع في الانتخابات النيابية القادمة في ربيع العام 2005، فهل تستطيع المعارضة اللبنانية اجتياز هذا التحدي المفصلي بالتحول الى جبهة انتخابية موحدة وتكرار تجربة العام 2000 بالرد عبر صناديق الاقتراع على السياسات الانتقامية للسلطة في ذلك الوقت. من المؤكد أن التنوع الواسع للمعارضة سياسياً وظائفياً ومناطقياً وهو تنوع غير مسبوق في تاريخ الحياة السياسية يشكل عنصر قوة عبر اتساع قاعدة تمثيله الشعبي وهو ما يؤهل المعارضة اللبنانية لخوض الانتخابات على امتداد الخريطة الانتخابية حيث أن وجودها لم يعد محصوراً في معقلها الأساسي في جبل لبنان في ظل وجود قوى ديمقراطية من منطقتي الجنوب والشمال تعمل في اطار جبهة المعارضة وفي ظل بداية اقتراب واضح من رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري من حركة المعارضين وهو الذي يصنف لبنانياً كحليف غير معلن للمعارضة بسبب ارتباطه بعلاقة تحالف وثيقة مع أحد ابرز اركان المعارضة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وهي علاقة ستقود حكماً الى التحالف الانتخابي مع جنبلاط وامتداداً مع المعارضة مما يؤهلها لتوسيع حركتها الانتخابية باتجاه مناطق لبنانية أخرى في الشمال والبقاع في ظل حضور شعبي لا يستخف به للحريري القادر على تغيير النتائج الانتخابية في أكثر من موقعة انتخابية بين قوى المعارضة والموالاة. التوزع السياسي الواسع من جهة أخرى قد يحول دون إمكانية صياغة تحالف انتخابي واحد يخوض المعركة الانتخابية القادمة على امتداد الخريطة الانتخابية اللبنانية لاسيما إذا ما فتحت شهية المعارضين على المقاعد النيابية دون أي اعتبار لحسابات المعركة السياسية التي يعيشها لبنان بين نهجين متناقضين الى النظرة إلى القضايا الداخلية كما في رؤية العلاقات اللبنانية السورية مستقبلاً وهو ما يشكل خطراً على وحدة المعارضة وعلى قدرتها على التصدي للسيناريوهات التي ترسمها السلطة اللبنانية وأجهزتها الأمنية والقضائية والإدارية المتعددة لتطويع المجلس النيابي القادم وإغراقه بأكثرية موالية مما قد يؤدي الى الإمساك بقرار المؤسسة الدستورية الأم لأربع سنوات إضافية تتعطل خلالها أي قدرة للمعارضة على إعادة التوازن السياسي الداخلي والعودة إلى أحكام (اتفاق الطائف) وإطلاق ورشة الإنقاذ التي تدعو إليها في وثيقتها المشتركة لاسيما فيما يخص تصحيح العلاقات اللبنانية - السورية. التحدي الآخر الذي تواجهه قوى المعارضة يكمن في ضم بعض القوى التي لا تزال خارج التحالف المعارض كالتيار الوطني الحر المؤيد للجنرال ميشال عون الذي باشر حملة تنسيق مع المعارضة بعد طول قطيعة غير أنها لم تصل حدود الانضمام إلى جبهة المعارضة مع ما يشكله بقاء عون خارج التحالف الانتخابي من فجوة في جدار المعارضة انتخابياً خاصة اذا ما تم استغلالها من قبل السلطة بشكل أو بآخر لخلق «دفرسوار» انتخابي يشتت قوة المعارضة التي تبدو مقبلة على تحد انتخابي محموم في استحقاق سيكون له تأثيره الحاسم في الموازين السياسية المستقبلية في البلاد في مرحلة تحولات داخلية وخارجية كبيرة.