تحتفل بلادنا هذه الأيام بذكرى اليوم الوطني الحادي والتسعين تحت شعار(هي لنا دار) هذه الذكرى المجيدة الخالدة العزيزة على قلوبنا جميعاً، والتي وحّد من خلالها المؤسس البطل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله من المواطنين المخلصين الأوفياء البلاد المترامية الأطراف والقبائل المتناثرة في ربوع البلاد شرقها وغربها وشمالها وجنوبها ولم الشمل بعد الشتات والفرقة. التوحيد التاريخي المهم غير المسبوق عالمياً أرسى الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- القواعد الراسخة للأمن الذي يعد أساسياً للاستقرار، ومهد الطريق الصحيح لخطوات التقدم والنمو، وواصل أبناؤه الملوك من بعده سعود وفيصل وخالد فهد وعبدالله -يرحمهم الله- مشوار النمو قدماً وبشكل متنامٍ سريع حتى وصلنا إلى العهد الحالي بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -يحفظهما الله- عهد النهضة حيث شهدنا قرارات تاريخية غير مسبوقة كالسماح للمرأة بقيادة السيارة، وعمل العديد من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترفيهية والعدلية بمعنى إصلاحات شاملة اتخذت بعد دراسات مستفيضة تضمنت دمج وزارات وإلغاء وزارات وإنشاء وزارات وهيئات ولجان جديدة تصب كلها في مصلحة الوطن والمواطن وتتواكب مع رؤية المملكة 2030 التي انطلقت عام 2016م مع الأخذ في الاعتبار المتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية أمنياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً. نلمس الآن بالفعل مشاريع ضخمة انطلقت من هذه الرؤية المباركة كمشروع نيوم والعلا والبحر الأحمر والقدية بجانب السير حثيثاً نحو التحول الرقمي والحكومة الرقمية الذكية وقطعنا شوطاً طويلاً في ذلك بل حققنا ولله الحمد نجاحات ومراتب متقدمة في هذا المجال. الحديث عن اليوم الوطني في ذكراه الحادية والتسعين حديث لا يتوقف فمهما قلنا وكتبنا وعبرنا خلال 91 عاماً من النقلات التنموية والإنجازات الباهرة يستحيل رصد كل شي وتذكره وتوثيقه، بل نأخد من هذا الكم الهائل الذي عشناه وعايشناه جزءًا يسير يدل بوضوح على قوة الإرادة والعزيمة والإصرار وحجم العمل وجودة الإنجاز كماً وكيفاً في كل المناحي الاجتماعية والصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية حتى تبوأنا ولله الحمد مكانة رائدة عالميا وأصبحنا عضواً رئيسياً وفعالاً في مجموعة قمة العشرين، وتبوأنا أيضاً بجدارة واستحقاق المركز الثاني عالمياً في مواجهة جائحة كورونا سبقنا بذلك الدول الصناعية المتقدمة. من المحاور المهمة التي تستحق التنويه لصلتها المباشرة بهذا الحدث السنوي الكرنفالي العظيم، الولاء والانتماء للوطن والذي يعد بلا شك المحرك الحقيقي والفعلي لوجدان ومشاعر الشعوب تجاه أوطانهم. فالانتماء هو ذلك الشعور والسلوك الذي يمتلكه الشخص نحو بيئته ومن حوله ووطنه وإيمانه بهم وتوحده معهم. فمفهوم الانتماء الوطني بطبيعة الحال وراثي يولد مع الفرد من خلال ارتباطه بوالديه وبالأرض. وهو مكتسب بحكم الواقع حيث ينمو ويترعرع وينشأ منذ نعومة أظفاره ويرتبط بالوطن من خلال مؤسسات المجتمع وما يحيط به من عوامل طبيعية وصناعية. كذلك الانتماء يعمل على بناء وتنمية العلاقات الاجتماعية السليمة والولاء يعمل على جعل الانتماء واقعاً وحقيقةً ثابتةً، حيث يمثل الولاء المدخل الحقيقي للانتماء فبدون الولاء يصبح الانتماء شكلياً ومظهرياً وبالتالي يتم تفريغ العلاقات الاجتماعية من مضمونها. يجب التأكيد على أن الانتماء والولاء للوطن فطرة سليمة ومن القيم السامية النبيلة، ولقد ظهرت الكثير من مضامين ودلالات ومعاني الانتماء الوطني الجيدة من خلال الشحنات الوجدانية الإيجابية لدى المواطنين كمظاهر الاحتفال بهذه المناسبة السعيدة على مستوى الأفراد والمؤسسات، والدفاع عن الوطن في حسابات الأفراد الشخصية في شبكات التواصل الاجتماعي. لذلك من الطبيعي أن تحرص كافة المجتمعات على تعميق الشعور بالولاء والانتماء لدى شبابها بكافة الوسائل والطرق، وبالذات في المناهج الدراسية وعبر وسائل الإعلام لأنه يمثل حجر الزاوية في حياة تلك المجتمعات واستقرارها وتماسكها، بل ومن الدوافع المهمة لاستقرارها وتقدمها ورقيها، نظراً لأن الشباب يشكلون النسبة الأكبر من إجمالي السكان. يجب أن ندرك بأن الانتماء والولاء للوطن ليست كلمات وعبارات وشعارات تقال للاستهلاك الإعلامي بل هي أفعال حقيقية وملموسة عديدة تقدم للوطن بكل حب وتفانٍ وإخلاص تصل إلى حد التضحية بالنفس والمال، مثل ما يقوم به جنودنا البواسل في الحد الجنوبي في الدفاع عن الوطن، الله يحفظهم وينصرهم. فوطن لا نخلص له ولا نحميه لا نستحق العيش فيه. د. تركي العيار