تغمر الوطن العزيز في ذكرى يومه الوطني 91 مشاعر أبنائه وبناته التي تلهج بالشكر والثناء على الله تعالى الذي وحّد وجمع شتات أرجائه بعونه وتوفيقه تحت ظل راية التوحيد، وبقيادة المؤسسِ الملكِ عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه-، فامتن على هذه الأرض الطاهرة بقيادة رشيدة مؤمنة أقامت في ربوعها شريعته السمحة، وروّتها عدلًا، وعطاء، ورخاء، فتسامت عزة وفخارًا، ووحدة وتلاحمًا، وأمنًا وسلامًا، ونعمت بكل ألوان الحياة التنموية العصرية. ولأن التعليم أساس النهضة رعت هذه القيادة المباركة، وعبر عقود مسيرة الوطن المزهرة غراس التعليم في كل بقعة من أنحاء الوطن، فحظي العلم وطلبته بآلاف من الصروح التعليمية والبحثية، وتوالت من إشعاعها منجزات الوطنِ التنموية، يهديها له أبناؤُه وبناتُه الأوفياء بعد أن أسهم في تكوينهم وتأهيلهم معرفيًّاً ومهنيًّاً في ظل إيمان القيادة الرشيدة -أعزها الله- بأنهم ثروة الوطن الحقيقية، وجوهر منجزاته، ومحور نجاحاته. إننا ونحن في هذا اليوم الاستثنائي الذي نستذكر فيه ماضي وطننا المجيد، نشهد بفضل الله تعالى في هذا العهد الزاهر نجاحات تطلعات رؤية الوطن المباركة 2030، في ظل توجيهات ورعاية قيادة الحزم والعزم من لدن خادم الحرمينِ الشريفينِ الملكِ سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –أيده الله تعالى-، وسموّ ولي عهدهِ الأمينِ صاحبِ السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله تعالى-. فمنذُ انبثاقِ الرؤية المباركة شهدت الجامعات السعودية تحولاً تاريخيًّاً في كل وظائفها الحيوية؛ حملها على إعادة تعريف هويتها بما ينسجم مع تحولات اقتصاد المعرفة، والثورة الصناعية الرابعة، والسعي قُدُمًا نحو تحسينِ كفاءةِ البيئةِ التعليمية، وتنويعِ المصادرِ المالية، وتحقيق المرونةِ الإداريةِ في ظل اعتمادها على قدراتها الذاتيةِ لتحقيقِ أهدافِها، وخدمةِ الوطنِ العزيز. وكانت جامعةُ الملكِ فيصل حينها على موعدٍ مع التحولِ والتطويرِ بعد نحو نصف قرن من العطاء المستمر لتشهد في هذا العهد الزاهر نهضة تحولية مؤسسية واستراتيجيّة وهيكليّة لانطلاق رحلة جديدة من الريادة والتميز في ضوء رؤية مباركة، سعودية الملامح والتكوين، وتحول وطني شمولي النظرة والتطوير، ونظام جامعي جديد رَحْبِ التوجهات والآفاق، فتطلق هويتها المؤسسية الجديدة المنبثقة من إرثِها الخالد، وتعيد ضبط البوصلة بتعزيز توجهاتها الاستراتيجية نحو جودة الأداء، وثراء المخرجات، وتمايز المجالات، وتحقيق العطاء والنماء والاستدامة، وتستهدف أن تكون جامعةً رائدةً في خلق بيئة تعليمية محفزّة ومنتمية إلى المستقبل محليًّاً وإقليميًّاً وعالميًّاً، كما تتطلع أن تكون جامعةً منتجةً بحثيًّاً وتنمويًّاً بما يمكنها من المساهمة في تحقيق عدد من الأهداف الوطنية، وأهمها: المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية للمملكة. وخلال عام من مسيرتها حققت جامعة الملك فيصل تميزًا في المجال الإداري رشحها لتكون ضمن أفضل 8 جامعات آسيوية ضمن فئة الاستراتيجية الدولية في THE Asia Awards، وكذلك ضمن أفضل 8 جامعات آسيوية ضمن فئة بيئة العمل في THE Asia Awards، وضمن القائمة النهائية في فئة المؤسسات المستدامة في Green Gown Awards، وتمكنت من التوسع في المشاركة في التصنيفات العالمية وتحقيق مراكز متقدمة محلياً، وتصنيفها ضمن أفضل 200 جامعة على مستوى العالم في "تصنيف التأثير التابع لمؤسسة التايمز للتعليم العالي" عن الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة "طاقة نظيفة وبأسعار معقولة"، وأطلقت الجامعة برنامجها التنفيذي للأمن الغذائي والاستدامة البيئية لقياس أثر هوية الجامعة المؤسسية، وكذلك برنامج تعزيز صحة منتسبي الجامعة. وفي مجال التعليم والتعلم أطلقت الجامعة استراتيجية تصميم البرامج الأكاديمية المعاصرة، ومركز التميز الطلابي لاحتضان الطلبة المميزين والموهوبين والمبدعين، وأطلقت مسارات السنة التحضيرية الجديدة من خلال إتاحة خيارات التسريع والإعفاء، كما أطلقت وحدة للإرشاد الأكاديمي لرفع الأداء الأكاديمي لجميع الفئات الطلابية بالجامعة، وفتحت برامج دراسات جامعية جديدة ليصل عددها إلى 60 برنامجًا، واعتمدت الجامعة تحويل كليات الدراسات التطبيقية وكليات خدمة المجتمع إلى الكلية التطبيقية، لتقدم برامج تطبيقية متوائمة مع متطلبات التنمية وسوق العمل، وأبرمت الكلية التطبيقية ثلاث اتفاقيات مع الهيئة السعودية للتخصصات الطبية لتنفيذ ثلاثة برامج منتهية بالتوظيف (مساعد طبيب أسنان، وفني تمريض، والأمن الصحي). أما في مجال التطوير والشراكة المجتمعية فقد حصدت الجامعة جائزة الملك عبدالعزيز للجودة، وحصل عدد من برامجها التعليمية والتدريبية على اعتمادات أكاديمية ومهنية ممنوحة من جهات محلية ودولية، وتمكنت من تنفيذ برنامج التطوير المهني للطلبة المؤهلين للحصول على 11 شهادة مهنية احترافية بمشاركة أكثر من 300 طالب وطالبة، ووقعت اتفاقيات تعاونية مع الشركات والمعاهد المتخصصة لأغراض التنمية المهنية، ومنها شركة هواوي السعودية لإنشاء أكاديمية هواوي ICT في الجامعة لبناء القدرات البشرية في مجالات تقنية المعلومات والاتصالات، و المعهد السعودي لإدارة المشروعات على تعزيز وبناء القدرات البشرية في مجالات إدارة المشروعات، ونفذت برنامج التهيئة المبكرة لسوق العمل من خلال عدد 50 برنامجًا تدريبيًّا استفاد منها 7000 طالب وطالبة، كما نفذت برنامج دعم الخريجين بمشاركة 117 مستشارًا، و800 مستفيد، عززت مساهمتها التطوعية للجامعة من خلال بذل عدد 8069 ساعة تطوعية بواسطة 800 متطوع ومتطوعة. وتم بحمد الله اختيار الجامعة ضمن 4 جامعات سعودية لمنح الدرجات العلمية عبر نمط التعليم الإلكتروني، وحصلت الجامعة على جائزة التميز في تمكين التعليم من خلال منصة البلاكبورد لعام 2021 تقديرًا لشركاء بلاكبورد الاستثنائيين الذين أظهروا مساهمة مثالية في مجال التعليم، كما حصل مركز بيانات الجامعة على مراكز متقدمة في جائزة مشروعات القمة العالمية لمجتمع المعلومات WSIS Prizes 2021 فرع البنية التحتية وذلك كأحد 6 جهات حكومية وخاصة، والجهة الوحيدة فقط في قطاع التعليم بالمملكة. وتمكنت الجامعة من توريد وتركيب وتشغيل وصيانة أنظمة حماية الشبكة وزيادة كفاءة الإنترنت لرفع سرعة كفاءة الإنترنت من 1.8 Gbps إلى أكثر من 3.5 Gbps، ودشنت النسخة المطورة من نظام المعاملات الإدارية (شارك)، بالتعاون مع مركز الوثائق والاتصالات الإدارية، والذي يُعد محركاً لإدارة إجراءات سير العمل بالمعاملات والوثائق وعملية الأرشفة الرقمية، والتكامل مع الأنظمة الأخرى، وإمكانية التوقيع الرقمي على المعاملات، وزيادة سعة المساحات التخزينية لحفظ المرفقات والمحتوى الرقمي، وأتاحت الاستفادة من أكثر من 174 قاعدة معلومات عالمية في مختلف التخصصات من خلال مكتبة الجامعة، كما أتاحت البحث في أكثر من 500 ألف وعاء معرفي تؤمنها المكتبة للمستفيدين من خلال محرك البحث المتكامل في نظام إدارة المكتبة الإلكتروني، وأسهمت في غرس أكثر من 45000 شجرة دعماً للمبادرات الوطنية الرامية إلى تنمية الغطاء النباتي. كما صممت الجامعة ونفذت أكثر من 160 منشطًا موجهًا للأغراض المجتمعية عبر كليات وعمادات الجامعة المختلفة، وقدمت أكثر من 100 برنامج تدريبي مجاني لمختلف شرائح المجتمع دعمًا لعمليات التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة، وحققت توسعًا لافتًا في الاتفاقيات والأعمال الموجهة لخدمة أغراض الجهات الحكومية والمجموعات الممثلة للقطاع غير الربحي. أما في مجال الابتكار وتنمية الأعمال، فقد عملت الجامعة مع برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية لإطلاق 18 برنامج بكالوريوس متضمنة سنة في الصناعة، ودشنت منصة اغتناء للبرامج التعليمية المُسرّعة (Fast-paced Credentials) بالشراكة مع مجموعة جهات من القطاعين الحكومي والخاص، وخرجت (5) مشاريع ريادية تتركز أنشطتها في مجالات الأغذية الصلبة، وتوريد الأعلاف والتوصيل الكهربائي الذكي والمكملات العشبية للخيل والإبل، وترشيد استهلاك المياه، وهي تمثل الدفعة الأولى لحاضنة أعمال جامعة الملك فيصل. كما تم توقيع اتفاقيات عمل تعاونية مع مجموعة من الشركاء الوطنيين لتحقيق جملة من المستهدفات الوطنية، ومن أبرزها: العمل مع مدينة الملك سلمان للطاقة على تعزيز البنية التعليمية والبحثية في مجالات علوم الطاقة ونظم الاستدامة، ومع المركز الوطني لأبحاث وتطوير الزراعة المستدامة (استدامة) على حلول بحثية وعلمية لاستغلال الموارد الوطنية في مجالات الأمن الغذائي والاستدامة البيئية ورفع كفاءتها، ومع شركة عِلم بناء القدرات التقنية وتطوير التقنيات المستقبلية والابتكار التقني ورفع كفاءة المعامل التقنية، ومع الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك) على تعظيم القيمة الاقتصادية للمخلفات الزراعية ومخلفات التمور والمخلفات المرتبطة بمواد البناء، ومع شركة تمكين للتقنيات على تطوير حلول تقنية متقدمة ودعم بناء القدرات البشرية التقنية وتوطينها. إلى جانب توقيع اتفاقيات عمل تعاونية مع مجموعة من الشركاء الدوليين لتحقيق عدد من المستهدفات من أبرزها: العمل مع منظمة الإبل الدولية على دعم أبحاث الإبل وتعظيم القيمة الاقتصادية لمنتجاتها وتعزيز معارف ومهارات ملاكها ومربيها وتنمية أعمال الصناعات المرتبطة بها، ومع شركة Hatch Quarter الأسترالية على تيسير وصول الشركات الأسترالية لأسواق المملكة والشرق الأوسط وتنمية معارف وقدرات طلبة الجامعة في مجالات الابتكار وريادة الأعمال من منظور دولي، وتأسيس شركتي راسيات الهندسية وفواصل الإعلامية دعماً لاستدامة الجامعة المالية وتنميةً لأعمال شركة وادي الأحساء المملوكة لصندوق الاستثمار بالجامعة، وخصخصة أعمال المستشفى البيطري للجامعة والتوسع في خدماته بالتعاون مع كلية الطب البيطري، وتقديم أكثر من 300 خدمة واستشارات أعمال عبر منظومة مراكز ووحدات الأعمال بالجامعة لأكثر من 1500 مستفيد، وتطوير الخطط التشغيلية الكاملة وبدء الإجراءات التنفيذية لتخصيص مركز خدمات طب الأسنان في الجامعة خلال الربع الأخير من عام 2021 بالتعاون مع كلية طب الأسنان، وتحقيق ارتفاع في عدد العقود الاستثمارية المبرمة بنسبة 150 ٪، والعمل على إنجاز وتطوير السياسة الاستثمارية للجامعة، وحصر وتسجيل جميع أصولها العقارية. إن طلبة جامعة الملك فيصل ومنتسبيها في يوم الوطن العزيز لتفيض قلوبهم سعادة كبرى نابعة من روح انتمائِهم وولائِهم لقيادتِهم ووطنِهم، وشعورِهم بالفخرِ والاعتزاز بعقيدتهم، وبتاريخ وطنهم وأمجاده، مؤكدين مضيهم للعمل في شرفِ خدمةِ الوطن، ورفع اسمه ورايته في كل محافل الشرف، وحفظ مكانته، وصون وحدته تحت راية قيادته الرشيدة -أيدها الله-. رئيس جامعة الملك فيصل