أثارت الدقائق المعدودة التي أمضاها طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية في مقار مدارسهم الأيام الماضية خلال تسلمهم كتبهم الدراسية اللهفة والشوق للعودة مجدداً لمقاعد الدراسة بعد انقطاع دام نحو عام ونصف العام، وهي المدة التي فرضت جائحة كورونا المستجد (كوفيد - 19) عليهم الدراسة عن بُعد، لذا فإن معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ لم يجانب الحقيقة حينما ذكر لدى ترؤسه اجتماعاً مع مديري تعليم المملكة السبت الماضي بأن (هناك اشتياقاً لدى الطلبة للعودة للمدرسة، كجزء مفقود من حياتهم بسبب جائحة كورونا، والرغبة القوية من أولياء الأمور بانتظام حياة أبنائهم من خلال المدرسة). ومن المهم هنا الإشارة إلى أن حالة الطمأنينة والشوق للمدارس من قبل الطلاب عائد إلى ما لمسه أولياء الأمور وحتى الطلاب من جهود استثنائية ونوعية بذلتها الدولة -حماها الله- من أجل العودة الحضورية للطلاب والطالبات وذلك عبر ما اتخذته من سلسلة إجراءات صحّية دقيقة ومرحلية منذ ظهور هذه الجائحة، وصولاً لاستقبال أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات للمدارس، حيث يشاهد الجميع ما توفر من درجات اهتمام عبر التعقيم والنظافة والتقنيات وتجهيزات ضخمة كلها لضمان عودة آمنة، وهي إجراءات ستنعكس إيجاباً على نفسية الطلاب وتحفزهم على العودة الجادة برغبة وتوثّب. عودة للعلاقات إنسانية مدير الإدارة العامة للتعليم بمحافظة الأحساء حمد بن محمد العيسى أكد على ما تفضل به معالي وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ من وجود شوق لأبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات للعودة لمدارسهم، مبيناً بأن الطلاب والطالبات خلال دراستهم عن بُعد فإنهم افتقدا لجملة من المكونات ومنها العلاقات الإيجابية مع زملائهم ومع معلميهم، وهي علاقات اجتماعية مهمة تبني جانبا مهما من شخصية الطالب والطالبة، وتنعكس على حياته المستقبلية، ففيها يعبر الطالب والطالبة عن مشاعرهم تجاه بعضهم البعض وتكوين صداقات، كما أنهم بحضورهم يستفيدون من مرافق المدرسة لافتاً إلى أن مدارسنا بفضل الله ثم بفضل ما أنفق عليها من أموال أنفقتها الدولة باتت بيئة جاذبة بما تضمه من نماذج حديثه وعلى أرقى المستويات ومنها الملاعب المزروعة والقاعات الفسيحة والبيئة الصحية والنظيفة، مؤكداً على أن هذه العناصر من شأنها أن تمنحه الراحة النفسية والسعادة والتعلق بالمكان، إلا أن كل تلك العناصر الجاذبة والمريحة قد افتقدها الطالب والطالبة جراء دراسته عن بُعد، وباتت حياتهم غير طبيعية تفتقر إلى جانب الترفيه والفسحة لا سيما في ظل الاحترازات والإجراءات الصحية المتبعة جراء الجائحة، لذلك تجدهم في شوق كبير للعودة لتلك الحياة الطبيعية، وتمنى العيسى العودة الآمنة المفعمة بالحيوية والنشاط والجدية والتميز لجميع طلابنا وطالباتنا، وختم برفع الشكر لحكومة خادم الحرمين الشريفين -سلمه الله- على كل ما تبذله من عمل عظيم لحماية حياة كل إنسان يعيش على هذه الأرض المباركة الطيبة ما جعلنا بلادنا من أوائل الدول عالمياً. طبيعة فسيولوجية وصف سعد الحارثي "مشرف تربوي بتعليم الأحساء" بأن الشوق الذي تحدث عنه وزير التعليم شمل الطلاب وحتى انتابهم كقيادات تربوية ومعلمين، معتبراً بأن العودة تمثل للجميع ظهور مؤشر لعودة الحياة إلى أروقة المدارس والعيش بتفاصيل اليوم الدراسي والأحداث التربوية المتزامنة، معتبراً مشاعر الطلاب تلك هي انطباع فسيولوجي طبيعي في حياتهم اليومية جراء فقدانهم مشاركة حواسهم الخمس خلال العملية التعليمية، مضيفاً بأن الطالب افتقد إدارة يومه وتعايشه مع الزمن المتعاقب في أولوياته واحتياجاته وعاداته اليومية، مما سبب صراعا داخليا لا ينتزع إلا بالمشاركة الوجدانية والحضورية. وفي موضوع متصل أشار الحارثي إلى أن الفاقد التعليمي أصبح من أولويات خطط الوزارة في ردم هذه الفجوة المتسعة ما بين فقدان المعايير الأساسية في العملية التعليمية والمهارات المكتسبة في العمليات العقلية، وهنا يأتي جسر التآزر ما بين المؤسسات التعليمية والأسرة في إشعال قدرات الطلاب الفكرية والمهارية لإرساء ما تم فقده وإعادة صقل وإنعاش مهارات التفكير العليا للانسجام مع معطيات ومحتوى المقررات الجديدة. المدارس تنظم الحياة تركي التركي "رئيس شعبة قياس أداء التعليم بتعليم الأحساء" قال: كانت المدرسة تأخذ من نصيب كبير من وقت الأبناء والبنات ولما تحول التعليم عن بُعد فقدوا تلك الساعات، ورأى التركي بأن أبناءه حقاً كانوا مشتاقين لزملائهم مما دعاهم للاجتماع والالتقاء بأصدقائهم خارج أسوار المدرسة أو زيارة زملائهم في منازلهم، ورأى التركي بأن أخطر مرحلة في عمر الأبناء هو في سن المرحلة المتوسطة التي لا يستطيع مرافقة والدته كونه كبيرا ولا يستطيع مرافقة الكبار، مما أدى إلى المعاناة وجلوسه في المنزل لساعات طويلة فينشغل بممارسة الألعاب الإلكترونية، وشدد على أن عودة المدارس فيه تنظيم للحياة برمتها وجميع أفراد الأسرة! وأشار إلى وجود فوائد صحية عديدة للأبناء جراء ذهابهم للمدارس وممارستهم للأنشطة الرياضية والحركية واللعب خلال اليوم الدراسي، فيما أن الدراسة عن بُعد وما صاحبها من قلة المناشط سببت لبعض الأبناء زيادة في الوزن وإصابة البعض بالسكر وغيره. ولفت إلى افتقاد الطلاب والطالبات للسلوك والقيم والأخلاق التي كانوا يتلقونها من المعلمين والمعلمات. تنمية المهارات والمواهب قال علي الحسن "مدير مدرسة الحسن بن علي بالمبرز" بأن الطلاب والطالبات افتقدوا جراء دراستهم عن بُعد إلى اللقاءات الاجتماعية مع إقرانهم وهو عنصر نفسي واجتماعي مهم، ويخلق روح التعاون، كما أنه ينمي المهارات والحواس الخمس عبر عمل المشروعات، وأضاف بأن التعلم الحضوري له آثار إيجابية عديدة منها إبراز مواهب الطلاب والطالبات ويخلق لديهم حالة من الإبداع وينمي روح القيادة ومهارات التحدث والحوار والطلاقة، ويكسبهم مهارات المستقبل، وأضاف بأنه وخلال الدراسة عن بُعد غابت معها الاستفادة من الإذاعة المدرسية التي تصقل لديهم مهارات كثيرة، كما أثرّ سلباً ذلك في تنظيم حياتهم اليومية وساعاتهم البيولوجية ومواعيد تناول وجباتهم وغيرها، ودعا للاستفادة من عودة الطلاب لعلاج الفاقد التعليمي وإكسابه المهارات التي افتقدوها، والتركيز على برامج الفهم القرائي. مشاعر الطلاب وجمال الحياة عيسى المسيليم "مدير مدرسة ابن الحاجب بالمبرز" وصف ما شاهده من طلاب مدرسته من شعور وانشداد لمدرستهم بأنه شعور رائع ويعكس جمال الحياة عندما تكون على طبيعتها ونعيش دون قيود الطلاب وهم يستلمون كتبهم استشعرنا أن هناك لهفة واشتياقا للمقاعد الدراسية، ورأى في صورة الطلاب خلال مرافقتهم لأولياء أمورهم وتسلمهم كتبهم واصطحابهم لهم داخل فصولهم السابقة لرؤية فصولهم بأنه يعكس مدى اشتياق الطلاب لقاعاتهم الدراسية، كما أن البعض يمضي بعض الوقت للتجول في المدرسة، كما أن الطلاب المستجدون يكررون السؤال وبلهف عن موعد عودتهم للمدرسة. المناشط وأثرها النفسي المهندس جعفر الجعفر "ولي أمر" أكد ما ذهب إليه وزير التعليم في تصريحه من شوق الطلاب لمدارسهم، فالمدرسة تمثل للطالب بيئة نفسية مريحة يعبر فيها عن مشاعره مع أصدقائه ويكتسب مهارات التواصل اللغوي والاجتماعي، وعقد صداقات وخلق علاقات اجتماعية، كما أن الأنشطة الجسدية كممارسة الرياضة والفنون يريح الطالب نفسياً أكثر من الألعاب الإلكترونية، وعبّر الجعفر عن اشتياقه كولي أمر لعودة أبنائه للمدرسة، وأكد بأن جهود الدولة -يحفظها الله- وما بذلته من جهد وتوفير كل سبل الطمأنينة والصحة لمكافحة هذه الجائحة أراح المجتمع مبعث الطمأنينة ومن هنا صارت العودة للمدارس مطلب مجتمعي كبير وملحّ. تأثيرات صحّية رسمي المؤمن "معلم" أحدث غياب الطلاب عن مدارسهم فقدانهم للقدوة وهو المعلم معتبراً بأن هذا له تأثير على الجانب الروحي وتأثيره المباشر على شخصيته وبعض العادات والسلوكيات التربوية، ولفت إلى أن التقاء الطالب بزملائه في المدرسة يكسبه سلوكيات إيجابية كروح التعاون، والإيثار، والعطاء وغيرها، كما أن الجميع يلحظ كيف أثر مكوث الطلاب داخل منازلهم على حالتهم الصحية وزيادة في أوزانهم، كما أن البعض أصيب بالاكتئاب العرضي جرّاء العزلة الاجتماعية عن زملائهم وصدقاتهم المدرسية، واعتبر رسمي بأن وسائل التواصل الاجتماعي غير كافية لصقل تجربتهم الحياتية. لهفة وشوق لهذه الأجواء والمناشط التربوية مدير المدرسة المسيليم وترحيب بأبنائه الطلاب خلال تسليم الكتب أبعاد تربوية وسلوكية يتعلمها الطالب من معلمه خلال الدراسة حضورياً طالب من أصحاب الهمم حرص على استلام كتبه بنفسه رغبة جامحة لدى الطلاب للعودة إلى مقاعد الدراسة حمد العيسى تركي التركي سعد الحارثي علي الحسن