تأتي موافقة مجلس الوزراء على إنشاء هيئة باسم (هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار) لتؤكد بعد نظر القيادة الرشيدة وصدور الأمر الكريم بتعين معالي المهندس عبدالله السواحه، رئيس مجلس الإدارة، ولتكتمل هذه المنظومة الحكومية من هيئات وشراكة القطاع التعليمي ومراكز البحث العلمي والدراسات، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والإحاطة بجميع الجوانب التي من شأنها أن تستكمل تحقيق تلك التنمية، وبديهي أن شاب اليوم هو قائد المستقبل وما دامت للشباب طاقة فإن استثمارها من خلال فتح الأبواب أمامهم لإثبات ذاتهم في كل ما ينفع البلد أمر ضروري. وما يمثله هذا القرار من دعم لدى القيادة الرشيدة وحرص على توفير بيئة مناسبة للإبداع والابتكار وتهيئتها لتساعد على تمكين الشباب ليصبحوا مشاركين نشطين في اقتصاد المستقبل وكذلك إيجاد منصة دولية شبابية لتبادل المعرفة ودعم الجهود الدولية الساعية إلى تطوير وتمكين الشباب على الصعيد العالمي إضافة إلى أن من مهام هذه الهيئة تنمية جيل مبدع بما في ذلك المبتكر والباحث والحرص على الاستثمار في الإنسان بالتعليم والتدريب، والارتقاء المعرفي، ولا ننسى مخزون الدراسات والبحوث التي سبقت تأسيس الهيئة. وجاء القرار معبراً تعبيراً صادقاً عن طموحات الكثير من الباحثين نحو إيجاد مظلة للبحث والتطوير والابتكار. والدور المأمول للهيئة يتمثل في جزء منه في تحقيق حوكمة البحث العلمي والدراسات البحثية في الجامعات والمراكز البحثية، وإيجاد مظلة نظامية تسمح بتحقيق شراكات بحثية بين الباحثين فضلاً عن تقييم أداء الباحثين والمراكز في الجامعات وكذلك توفير البيانات اللازمة لدعم صناعة القرار مما ينعكس على دعم الاقتصاد الوطني لمشروعاته البحثية لتحقيق مستهدفات رؤيه 2030م ولتحويل الاقتصاد القائم على المعرفة من خلال استثمار الكفاءات المميزة في البحث والتطوير والابتكار لكونها حلقة وصل بين البحث العلمي في الجامعات ومجتمع الصناعة، وشراكة القطاع الخاص بتبني مشاريع البحث العلمي، فضلاً عن تحفيز الجامعات لإجراء دراسات توفر حلولا ًللمشكلات الوطنية الحالية والمستقبلية، ودعم إنشاء حدائق المعرفة والمراكز البحثية المتخصصة، وتمويل مبادرات نوعية التقديم نماذج صناعية تخدم مجتمع الاقتصاد والأعمال. والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن للمجتمع إنتاج مبدعين ومبتكرين ليقودوا مشوار التنمية الشاملة والمستدامة؟! بالتأكيد نعم. فلو رجعنا إلى سيرة المبدعين واستعرضنا قصص إبداعاتهم لوجدنا أن أهم ما يجب على المجتمع، للمساعدة على الإبداع والاستفادة منه ما يلي هو تعليم وظيفي يرتكز على التفكير ويحث عليه ومناخ مجتمعي يحترم العمل الفكري ويوظفه لرفاهة الإنسان وانعدام المعيقات أمام العلم والعلماء، بحفظ حقوقهم، وتمويل مشاريعهم مع توفير الحوافز المادية المجزية، والمعنوية التي تحفظ الكرامة وكذلك تنشيط التعليم المنزلي لما له من تأثير على الإبداع فكثير من المبدعين كانوا قد اكتفوا بالدراسة المنزلية ومع ذلك أحدثوا بصمة في تاريخ الإبداع. تجنب الصد أمام المبتكرين والمبدعين والباحثين عند تقديم مشاريعهم والإفصاح عنها، لأن ذلك يخلق لديهم نزعة مرفوضة حيث يتجهون إلى التفكير في مشاريع معاكسة تماماً. وقد اتجهت سياسة المملكة منذ سنوات إلى دعم هذا المفهوم المتعلق بالإبداع فلديها مراكز بحثية طبية مثل مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية (كيمارك) جامعة الملك سعود ومستشفى الأبحاث بمستشفى الملك فيصل ومركز مستشفى الملك فهد ومراكز أبحاث أخرى لابد من توحيد جهودها ويضاف للخبرات العلمية الطبية المؤهلة السعودية في المراكز العالمية خارجياً للاستفادة منهم وتوجيه قدراتهم وخبراتهم والاستفادة مما تقدمه الدولة من مخصصات مالية، ودعم بالكوادر المدربة لمثل هذا المرتكز البحثي الوطني. الكل يجمع على أن العالم تغير، فكورونا من المتوقع أن يكون له آثار طويلة المدى على جميع الأنشطة والسياسات وكما نلاحظ أن الإبداع يأتي في اليقظة والنوم فإنه يكون لدى الصغير كما يكون لدى الشباب ولدى الشيخ الكبير فإن البيئة المناسبة التنمية الإبداع تتمثل في خلق ظروف مناسبة وهنا يأتي الدور المهم من إنشاء الهيئة لكي تتولى إحداث المختبرات وورش العمل ورعاية الابتكار وحمايتها وتمويل المشروعات الهادفة وتنطوي تحتها المراكز البحثية ومن ثم الدخول بفاعلية في المنافسة العالمية لتطوير الإنسان.