لقد بات جليّا للعيان أن الاهتمام بالتعليم ومخرجاته ومواكبته للتطور السريع من أهم أسباب نجاح الأمم وتقدمها، وكانت المملكة بقيادتها الرشيدة أدركتْ هذه الأهمية منذ عهدٍ مبكِّرٍ؛ فَسَخَّرتْ سائر طاقاتها وإمكاناتها في سبيل تطوير منظومة التعليم؛ وجعلت لها مساحةً واضحةً في الرؤية السعودية الفتيَّة 2030، والتي تضمَّنَتْ مبادئ أساسية شاملة، وأهدافا واضحة، وغايات نبيلة، لتحويل التعليم إلى أنموذج رائد يُحتذى به؛ وفي ذات الإطار قامت وزارة التعليم بجهود حثيثة، ومساعٍ كبيرة ومبادرات كثيرة على مدار السنوات الماضية. لقد غطّت رؤية 2030 كافة جوانب التعليم ومراحله وفروعه، وركَّزت على طرفي المعادلة التعليمية (المعلم والطالب)، حيث عملت وزارة التعليم على إعداد المعلم وتطوير مهاراته المهنية من خلال ورشات العمل التدريبية، وإِطْلَاعه على طرق التدريس الحديثة، وفتح المجال للابتعاث واستكمال الدراسات العليا بما يخدم العملية التربوية ويعود بالنفع عليها، كما شملت خطةُ التطوير البيئةَ المدرسية بصفتها حاضنة التعليم وملاذه الآمن، حيث ركزت وزارة التعليم على البنية التحتية للمدارس لمواكبة الثورة الرقمية، ورفدت المؤسسات التعليمية، وخاصة المدارس بالأجهزة الحاسوبية، وأجهزة العرض وتجهيز المختبرات العلمية بكل مستلزماتها، وإدخال السبورة الذكية التي تعد عنصراً مهماً من عناصر التعليم الحديث. وقد برزتْ نتائج هذه الجهود المترامية، والمساعي المتتالية على أرض الواقع ممثَّلةً في تلك التغييرات الجوهرية، والضرورية التي أفصحت عنها الوزارة الموقرة مؤخَّرًا، والتي جاءت انسجاماً مع خطة التطوير التربوي والتعليمي، لتشكِّل في مجملها نقلة نوعية لمنظومة التعليم، وعلامة فارقة تضاف إلى سجل نجاحات وزارة التعليم؛ وتمثَّل ذلك في إدخال ثلاثة مناهج تعليمية جديدة تتيح للطالب فرصة بناء قدراته وتطوير مهاراته بدنياً من خلال مادة (الدفاع عن النفس)، وذهنياً بمادة (التفكير الناقد)، ويرافق ذلك مادة (وحدة وطنية) لتكون محصلة ذلك كله طالباً متمتعاً بلياقة بدنية وثقة بالنفس، ممتلكاً لمهارات تحليلية وقراءات منطقية، معتزاً بوطنه وأرضه، ومدركاً لمسؤوليته المجتمعية. إن قرار إدخال منهاج اللغة الانجليزية لطلبة الصف الأول الابتدائي، ومنهاج الحاسب الآلي للصف الرابع الابتدائي لدليل على ضرورة مواكبة التسارع في تطور التعليم ومجاراة حداثته وتحديثه، خصوصاً أن مستقبل التعليم سيكون تعليماً مدمجاً يعتمد بشكل أساس على استخدام الوسائل الرقمية والبرامج الإلكترونية، وبما يسهم في جودة التعليم وتحسينه من أجل بناء جيل واعد ومتعلم، وبمخرجات تعليمية تنسجم مع متطلبات سوق العمل. * رئيسة وحدة المسؤولية المجتمعية بجامعة الجوف