الاتجار بالبشر عبارة عن بيع وشراء للأفراد خاصة النساء والأطفال، لأغراض ترتبط بالعمالة القسرية، والاستعباد الجنسي، والاستغلال الجنسي لأهداف تجارية عن طريق المهربين وغيرهم من المنتفعين بحياة البشر وبيعها واستغلالها، وإهانتها، وتخريبها، «فالنساء يتم تزويجهن بشكل قسري»، و»تنتزع الأعضاء والأنسجة»، و»الحمل بالإنابة ونقل البويضات»، لقد أصبحت ظاهرة الاتجار بالبشر ظاهرة عالمية تؤرق المجتمعات والسلطات المجتمعية، ما جعل دول العالم تستنفر جهودها للوقوف في وجه هذه الظاهرة التي تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان، فقد خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً عالمياً لمكافحة الاتجار بالبشر يوافق 30 يوليو من كل عام، وتعد مبادرة عالمية تستهدف زيادة الوعي لمكافحة الاتجار بالبشر، وتشجيع مشاركة الحكومات والمجتمع المدني وقطاع الشركات والأفراد على حد سواء للمساهمة في منع هذه الجريمة الخطيرة التي تعد انتهاكاً لحقوق الإنسان، وتمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواء في بلدانهم أو خارجها، فالله سبحانه وتعالى قد كرّم الإنسان، واستخلفه في الأرض، وسخّر له كلّ ما في الكون، وأمدّه بالإمكانات العقليّة والجسميّة، قال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا». إنّ الاتجار بالأشخاص يعتبر من الانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان، لأنها تسلب حريته وتهدر كرامته، وتعد من الجرائم ضد الإنسانية، ويقدّر ضحاياها بالملايين، وقد باتت هذه الجريمة ظاهرة تشكل تهديداً حقيقياً لأمن جميع دول العالم، ولا تأتي من خلال صورة واحدة أو شكل واحد بل تتخذ أشكالاً وصوراً متعددة، لتحقيق الربح المادي وتعدّد مصادر الدخل، ابتداء من تجارة الرقيق وانتهاءً بتجارة الأعضاء البشرية، وتشارك المملكة العالم بهذه المناسبة (اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر)، وانضمامها لبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال المعروف باسم بروتوكول «باليرمو»، وبفضل الجهود الكبيرة والمميّزة التي تقوم بها المملكة على مستوى العالم، وسنِّها للعديد من الأنظمة والعقوبات الرادعة التي تحمي حقوق الإنسان، فإن الجهود البارزة التي تقوم بها المملكة واضحة، حيث تشكيلها للجنة تختص بمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في هيئة حقوق الإنسان للتنسيق مع كافة الأجهزة الحكومية فيما يتعلق بالمعلومات والإحصاءات المتعلقة بجرائم الاتجار بالأشخاص، ومتابعة أوضاع ضحايا الاتجار بالأشخاص لضمان عدم معاودة إيذائهم، والتنسيق مع السلطات المختصة لإعادة المجني عليه إلى موطنه الأصلي في الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته، وإعداد البحوث والمعلومات والحملات الإعلامية والمبادرات الاجتماعية والاقتصادية لمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته، وأصبح للمملكة مكانة بارزة على المستوى الإقليمي والدولي، وقد عبّرت الخارجية الأميركية عن تقديرها للجهود التي تقوم بها المملكة في مكافحة الاتجار بالبشر وصعودها إلى المستوى الثاني للسنة الثانية على التوالي في تقرير مكتب مكافحة الاتجار بالبشر التابع لوزارة الخارجية الأميركية لعام 2021، ويتم تقييم ذلك من قبل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر (NCCHT)، وهي هيئة متعددة الكيانات ترأسها هيئة حقوق الإنسان (HRC)، وتضم عدداً من الوزارات والهيئات الرئيسة في مكافحة الاتجار بالبشر، وقد أسهمت تلك الجهود في بناء إطار نظامي ومؤسسي يكفل حماية جميع الأشخاص من جرائم الاتجار بالأشخاص من دون تمييز، تحقيقاً لأهداف رؤية المملكة 2030 التي تلتزم بتحسين نوعية الحياة للجميع.