تجاوزت أسعار النفط مستويات 75 دولاراً منذ عامين مع تعافٍ سريع على الطلب في أسواق النفط العالمي، حيث يرى محللون في قطاع النفط أن استقرار الأسعار هو من مصلحة السوق والاقتصاد العالمي، وأن يكون هناك أسعار عادلة للمنتجين والمستهلكين وهو ما تعمل عليه إدارة أوبك+، بقيادة المملكة إلى جانب منع حدوث ما يسمى ب"الدورة الكبرى للأسعار - Super Cycle" التي قد تصل بسعر البرميل إلى 100 دولار. وأكد د. محمد الصبان، المستشار النفطي الدولي، أن التعافي السريع على الطلب في أسواق النفط العالمي والارتفاع القياسي لخام برنت منذ عامين، حدث منذ بداية هذا العام حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 36 %، مرجعاً ذلك لعاملين أولهما انتعاش الطلب العالمي على النفط نتيجة تعميم لقاحات "كورونا" وفتح الاقتصادات العالمية وعودة الحياة والحركة في كثير من القطاعات ومن أهمها النقل الجوي والسياحة والتصدير والاستيراد بشكل أكبر، والعامل الآخر هو أن تحالف أوبك+ أدى أداء رائعاً في إدارة الأسواق وحقق استقراراً في سوق النفط العالمي نتيجة الالتزام بتخفيض الإنتاج على مراحل معينة نتج عنه ضبط الأسواق. وحول وجود مساعٍ غربية لعودة إيران للامتثال بالتزاماتها النووية وكيف سيكون التأثير مستقبلاً في حالة رفع العقوبات عنها خاصة العقوبات النفطية، قال الصبان: إن الاتفاق النووي الإيراني قادم لا محالة لسببين أولهما أن إدارة الرئيس الأميركي (بايدن) تجاري الأجندة الأوروبية وهي التي تلح عليه بالعودة ورفع العقوبات مهما كان الثمن، والسبب الآخر هو أسعار النفط المرتفعة والتي قد تؤثر في ما يتلقاه المستهلك الأميركي، فمن هنا ومن مصلحة الولاياتالمتحدة الأميركية العودة ورفع العقوبات، ولاحظنا في الفترة الأخيرة أن الحكومة الأميركية رفعت الحظر عن الأموال الإيرانية المتواجدة لديها بملايين الدولارات بحجة أنها ستساعد إيران في مواجهة جائحة "كورونا"، والآن نرى أن المفاوض الإيراني هو في الموقف الأقوى ومسألة العودة للاتفاق مسألة وقت ليس إلا. وحول التكهنات والتوقعات بتجاوز سعر البرميل حاجز ال100 دولار، خلال الأشهر المقبلة، أفاد الصبان، بأن التوقعات تباينت بين الخبراء وهم يقرؤون أحياناً مقترحات وكالة الطاقة الدولية التي تدفع شركات الطاقة العالمية عن التوقف في الاستثمار في النفط الجديد، وإذا ما تم ذلك فإنه حتماً سيؤدي إلى انخفاض تدريجي في المعروض العالمي للنفط، مبيناً في الوقت نفسه أن تحالف أوبك+ لديه طاقة إنتاجية فائضة في حدود 6.5 ملايين برميل يومياً ولكن مع التسارع في التنامي وتعافي الطلب على النفط قد لا تكون هذه الكمية كافية ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار فوق 80 دولاراً وقد تصل 100 دولار، ولكنها مرتبطة بكثير من العوامل منها مدى ضخ أوبك+ من النفط والذي سيجتمع 1 يوليو المقبل وسيقرر ما إذا سيخفض الإنتاج بدءاً من أغسطس المقبل من العام الجاري أو أن هناك عوامل أخرى تدفعه للإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية، وأنا أرى إذا وصل سعر البرميل إلى 100 دولار فإن ذلك سيكون موقتاً وسيدفع الدول المنتجة للنفط بزيادة طاقتها الإنتاجية من أجل تحقيق الاستقرار وأسعار عادلة للمنتجين والمستهلكين. وأكد الصبان، أن أوبك+ تحاول مواجهة اشتعال أسواق النفط طلباً لمزيد من النفط، بحذر، وقد تخفف من تخفيضات إنتاجها ب500 ألف برميل يومياً، والآن سوق النفط في أيدي البائعين، وليس المشترين، وقد يرون المحافظة على متوسط سعر 70 دولاراً للبرميل. وفي حال التوصل لاتفاق نووي بين واشنطنوإيران هل سيؤثر النفط الإيراني على سوق العرض والطلب مع ارتفاع مخزونات إيران النفطية، أكد المهند الهشبول، الخبير النفطي والباحث في شؤون الطاقة، أن أرقام مخزونات النفط الإيرانية ارتفعت في آخر شهرين، مرجعاً ذلك إلى أن واردات الصين النفطية انخفضت أكثر من مليوني برميل يوميًا، لذا اضطر الإيرانيون لتخزين إنتاجهم من النفط الخام والمكثفات. وقال الهشبول: إن أخبار عودة براميل النفط الإيرانية لن يتجاوز تأثيرها إحداث تذبذبات في الأسواق العالمية لأنها لم تغب عن الأسواق منذ وضع العقوبات عليها عام 2018، وحينها لم تتأثر الأسعار وترتفع كما توقع المحللون، لأن النفط الإيراني لم ينقطع عن الأسواق وتواجد بوفرة عن طريق التهريب. وألمح الهشبول، إلى عودة إيران للعمل باتفاقيات أوبك في تخفيض الإنتاج عند عودة إنتاجها لأرقام مرتفعة ومستدامة؛ هذا عُرف عند منظمة أوبك وهو أن تُعفى الدول التي عليها عقوبات أو لديها ظروف قاهرة من أي اتفاق للتخفيض حتى عودة الاستقرار لإنتاجهم النفطي كما حصل مع فنزويلا وليبيا والعراق سابقاً، ملمحاً أن السوق النفطي تحمل عجز إنتاج إيران من النفط وسيتحسن الطلب على النفط مستقبلاً، وفي ظل تذبذب الأسعار لن تؤثر براميل النفط الإيرانية على السوق. وتوقع م. نايف الدندني، الباحث في استراتيجيات الطاقة والنفط، أن يكون هناك طلب في زيادة إنتاج النفط من دول أوبك وأوبك+ خلال الاجتماع المقبل في يوليو، إلا أن الكميات غير واضحة، وهذه فرصة لاقتناص تزايد الطلب مقابل العرض وارتفاع أسعار النفط وزيادة عائداتها النفطية، رغم نجاح المملكة وروسيا في قيادة تقييد الإنتاج ولكن في ظل زيادة سعر النفط فهناك دول ستطلب زيادة إنتاجها لتحقق عائداً أكبر، وتعمل المملكة على تفادي الفائض في النفط في الأسواق، مبيناً أن هناك سعة فائضة من النفط من مجموعة دول أوبك+ حوالي سبعة ملايين برميل تستطيع أن تتحكم في الإنتاج، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن التحديات التي تواجه الطاقة المتجددة أثبتت أن النفط مصدر موثوق يمكن الاعتماد عليه في أقصى الظروف، في ظل الزخم الهائل الذي يدفع "بالطاقة المتجددة" أجبر بعض الحكومات والشركات على إعادة هذا التقييم وأن ينظرون إلى "الوقود الأحفوري" بأنه مصدر موثوق ليس فقط في ظل الظروف المناخية فقط بل وِفي ظروف أخرى. وعن التأرجح في الاستثمارات في القطاع وهل ستساعد الأسعار الحالية في عودة الإنفاق الرأسمالي في القطاع، أكد الدندني، أن هذا هو الخطر المحدق الذي يواجه الصناعة النفطية والاقتصاد النفطي، وسيكون هناك عجز في الإمدادات إذا استمرت الاستثمارات البترولية على نفس المنحنى، وهناك زخم دولي بما يتعلق بالطاقة المتجددة، إلى جانب ظهور نظريات "النضوب" والوصول إلى "ذروة الطلب على النفط"، هذه ساعدت وأثرت على حجم الاستثمارات التي تصرفها الشركات وبعض الدول مما يحجم الاستثمارات لضمان استمرارية النفط وأدت هذه إلى نقص في إمدادات النفط، وقد انضم رؤساء تنفيذيون لشركات نفط كبرى مثل شل وتوتال إلى ركب أننا على أعتاب "الدورة الكبرى للأسعار" التي قد تصل بالسعر إلى 100 دولار للبرميل والسبب نقص الاستثمارات، حيث تعمل المملكة على عدم حدوث هذه الدورة وحذر منها وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان في مؤتمر روبن هود. الجدير بالذكر أنه وفي وقت سابق، رفع بنك الاستثمار "بنك أوف أميركا" توقعاته لأسعار النفط في 2021، من 60 دولاراً إلى 68 دولاراً للبرميل، وكذلك رجّح البنك ارتفاع سعر برميل مزيج "برنت" إلى مستوى 100 دولار بحلول 2022، وتخلّى سعر خام برنت عن مستوى 75 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ أبريل 2019، وبدء أوبك+ نقاشات بشأن زيادة إنتاج النفط لتلبية الطلب المتعافي، وتدرس "أوبك+"، التي تضم الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) ومنتجين مستقلين، زيادة تدريجية في إنتاج النفط، اعتباراً من أغسطس المقبل، وتجتمع في الأول من يوليو لمناقشة الزيادة المقترحة في ضوء تعافي الطلب على النفط، نتيجة إعادة فتح الاقتصادات حول العالم، بالتزامن مع التوسع في حملات التطعيم في معظم الدول. المهند الهشبول د. محمد الصبان