تحظى المملكة العربية السعودية بموقع استراتيجي يربط القارات الثلاث مما يجعل ميناء جدة الإسلامي وميناء الدمام حلقة وصل بين دول الشرق والغرب، وهذه ميزة تنافسية تفتقدها الكثير من الدول التي تعتبر الخدمات اللوجستية أحد أهم ركائز الاقتصاد لديها، ولذلك نجد أن البنك الدولي سبق وأن وصف هذا القطاع بالعمود الفقري للتجارة العالمية. أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله اهتماماً كبيراً بقطاع الخدمات اللوجستية، وكان أخرها قرار مجلس الوزراء باستحداث وكالة باسم (وكالة الخدمات اللوجستية) ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة النقل، وقد سبق ذلك إطلاق عدة مبادرات منها إنشاء "مجلس الشراكة اللوجستي مع القطاع الخاص"، إضافةً إلى إنشاء المنصة اللوجستية السعودية، وتطبيق نظام الفسح الجمركي الآلي واستخراج الفسح خلال 24 ساعة، وخفض رسوم مناولة الحاويات الفارغة بنسبة 54٪، وأيضاً خفض وقت انتظار الحاويات بالموانئ البحرية من 14 يوم إلى 4 أيام، وسرعة إنجاز 55٪ من الإقرارات والفسوحات للسفن قبل وصولها للميناء، ولأن هذا القطاع الاقتصادي المهم يتفق مع طموحات رؤية 2030 التي أطلقها سمو ولي العهد حفظه الله، لما لهذا القطاع من مساهمة مباشرة في تطوير التجارة المحلية والدولية وزيادة التنافسية، بالإضافة إلى أنه يعمل على زيادة نسب التوظيف من الجنسين بنسبة مابين 25٪ إلى 35٪، وهناك العديد من المستهدفات التي تجعلنا متفائلون ونعمل لتحقيقها، ومنها نمو الصادرات الغير نفطية بنسبة 500٪ بمعدل من 36 إلى 70 مليار دولار بحلول عام 2030 مما سيؤدي إلى الزيادة الانتاجية المرتبطة بالتصدير بأكثر من الضعف بمعدل من 63 الى 131 مليون طن، ونمو معدل السلع المُعاد تصديرها من 5.6 إلى 140 مليار دولار، بالإضافة إلى نمو حركة مرور الشاحنات المحلية بمعدل من 104 إلى 374 مليار طن /كيلومتر، ونمو حركة انتقال الركاب المحلية من 62 إلى 127 مليار راكب / كيلو متر. بكل تأكيد التعليم له دور كبير في صناعة الكوادر الوطنية وتنمية الموارد البشرية ولهذا نحن بانتظار أن يحظى قطاع الخدمات اللوجستية باهتمامهم كما هو معمول في كثير من الدول ونرى قسم خاص لهذا القطاع ضمن أقسام الجامعات، ليُخّرج لنا كفاءات وطنية بمؤهلات علمية لإدارة هذا القطاع الضخم، وينخرطوا في مختلف أعماله وأقسامه ونرى إبداعاتهم في تطويره بأحدث الوسائل الالكترونية والابتكارات المعززة، لما لذلك من أهمية ودور كبير في دعم الاقتصاد الوطني، فعدم وجود متخصصين ولا وجود آليات تطويرية بلا شك سيتسبب ذلك في تأخر الخدمات اللوجستية، وبالتالي سيكون لدينا خسائر كبيرة ونزيف لاقتصاد المملكة، فنحن بحاجة إلى تطويره بأيادي وطنية ليساهم في نمو الاقتصاد الوطني.