لأول مرة في تاريخ اجتماعات حلف الناتو، وصفت وثيقة الاجتماع يوم الاثنين "الطموح العسكري الصيني" بالتحدي الذي يواجهه حلف الناتو وهي المرة الاولى التي تأتي فيها وثيقة "الناتو" على اعتبار الصين تحدياً للحلف. وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، إن الميزانية العسكرية للصين تأتي في المرتبة الثانية في العالم بعد ميزانية الولاياتالمتحدة، وأن الصين تبني بسرعة قواتها العسكرية، بما في ذلك قواتها البحرية، باستخدام التقنيات المتقدمة. وفي مناقشة حول "التهديدات متعددة الأوجه" و"المنافسة المنهجية من القوى الاستبدادية" جاء في وثيقة الناتو إن "الإجراءات العدوانية لروسيا تشكل تهديدًا للأمن الأوروبي الأطلسي، بينما يشكّل نفوذ الصين المتصاعد تحدياً يحتاج حلف الناتو إلى التعاون لمواجهته. واعتبر الحلف تصاعد نفوذ الصين في منطقة القطب الشمالي، والنشاط الصيني الروسي المشترك، والتواجد الصيني في البحر المتوسط وأفريقيا وامتلاك الصين لأسلحة فضائية وقدرات عالية في مجال الذكاء الصناعي والقرصنة تحدياً مشتركاً للمؤسسات الحكومية والخاصة في الغرب والنظام الدولي القائم. وتعهّد الحلف بإشراك الصين في محادثات مستقبلية للعمل معاً على ضبط القواعد الدولية المتعلقة بالمخاوف الغربية بما في ذلك ملف تغيّر المناخ. وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن على أهمية "حلف الناتو" والشراكة الأميركية مع أوروبا، رأت مجلة "فورين بوليسي" أن بايدن سيكون اخر رئيس أميركي مفضّل لدى الأوروبيين وأنه "الفرصة الأخيرة" لاوروبا لتعمّق علاقتها مع أميركا التي ستستمر بمشوارها نحو الانعزالية رغم وعود جو بايدن بعودة أميركا الى دورها القيادي. وكتبت فورين بوليسي "جو بايدن ينتمي إلى آخر جيل أميركي متأثّر بالحرب العالمية الثانية والشراكة الاميركية - الاوروبية وانقسام العالم الى معسكرين تقليديين غربي وشرقي، وهو أول رئيس مؤمن بالعلاقات العابرة للأطلسي منذ جورج بوش الأب وربما سيكون الأخير، فباراك أوباما نفسه لم يكن من المتحمسين للعلاقة مع اوروبا ناهيك عن دونالد ترمب الذي ركّز جهود إدارته على دفع الدول الأوروبية لتحمل الأعباء المالية الأكبر التي يتطلّبها الحلف". بدورها، رأت صحيفة "نيويورك تايمز" أن اجتماع الناتو الحالي يشكّل المواجهة الدولية الاكبر للرئيس التركي اردوغان، فبعد سنوات من سحق أردوغان للمعارضة الداخلية، يواجه أردوغان لأول مرة موقفاً أوروبياً - أميركياً موحداً ضده، ورفض لسلوكه الأخير والذي تم تجاوزه إلى حد كبير في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب. وكتبت نيويورك تايمز "اللقاء القصير الذي جمع بايدن وأردوغان الاثنين على هامش أعمال قمة الناتو يحمل الكثير من الضغوطات على الجانب التركي الذي يواجه أصلاً تحدي داخلي يتمثّل بانهيار اقتصادي جلبه سوء ادارة الحكومة التركية لأزمة الوباء ما تسبب بارتفاع معدلات التضخّم وحالات البطالة واستمرار انهيار العملة ومواجهة أزمة ديون خانقة". ورأت "نيويورك تايمز" أن اردوغان وعلى عكس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مضطر للتنازل والتراجع لتجنّب الغضب الأميركي الذي من شأنه تعميق الأزمة التي تعيشها تركيا اقتصادياً إذا ما فكّرت إدارة جو بايدن بمعاقبة تركيا على عدد من الملفات التي قوبلت بالتجاهل في عهد ترمب. وقالت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية أن اردوغان يمرّ بأصعب مرحلة على الإطلاق في تاريخ عمله السياسي حيث قاد تركيا إلى مرحلة تعثّر اقتصادي غير مسبوقة بعد فترة ازدهار طويلة ما أدى الى تعقيد المشهد الداخلي المعارض لأردوغان والذي سيزداد تعقيداً إذا ما اختار أردوغان تصعيد المواجهة مع الغرب والولاياتالمتحدة في وقت تحتاج فيه تركيا بشدّة إلى الاستثمارات الغربية على أراضيها. ورأت بوليتيكو أن أردوغان سيكون مضطراً للتنازل في عدد من الملفات الاقليمية التي تهم واشنطن مثل الملف السوري بعد عدة رسائل أميركية لا تبشّر تركيا بسياسات متساهلة وكان اخرها الاعتراف الأميركي بالابادة الجماعية للأرمن والتي كانت محور حديث أول مكالمة بين بايدن وأردوغان الشهر الماضي.