نهتم بالأيام العالمية التي تضعها المنظمات، كاليوم العالمي للقانون واليوم العالمي للمرأة، وغيرها، إلا أن من أهمها ومن يأتي في مقدمتها هو اليوم العالمي لمكافحة التدخين؛ سيّما أنه مشرّفٌ لمكافحيه، وضررٌ مقيتٌ على شاربيه؛ لأنه مرض فتّاك عَصَفَ بالشباب والفتيات والكهول. إن التدخين قد حذرت منه منظمة الصحة العالمية؛ لأنه خطرٌ شديد وانتشاره واسع، ولا يمكن أن تقاومه المنظمة إلا بتعاون الدول معها. حتى قامت الدولة - أيدها الله - بتشريع نظام مكافحة التدخين؛ لتواكب وتسُاند جهود المنظمات الصحية العالمية؛ ولتحافظ على الثروة الحقيقة للبلد وهم بناتها وأبناؤها. فأنشأت نظام مكافحة التدخين بالمرسوم الملكي رقم م/56 وتاريخ 28 / 07 / 1436ه، جامعًا حاصرًا لمعنى التدخين وهو التبغ، وأيُّ منتج يدخل في صناعته فهو تدخين بغض النظر عن مسمياته، وهذا ما ميّزه النظام. إن المنظم لم يسعَ فقط إلى مكافحة التدخين فقط، وإنما سعى إلى انتشاله من جذوره، ففي المادة الثالثة من النظام المشار إليه بعاليه ذكر: «تحظر زراعة أو تصنيع التبغ ومشتقاته في المملكة» كما حكم على مرتكبها بإزالة وانتشال ما زرع على نفقته الخاصة وغرامةٍ قدرها (20000) ألف ريال حسب المادة 13 من النظام والتي نصّت على أنه «يعاقب كل مخالف لأحكام المادة (الثالثة) من هذا النظام بغرامة مالية مقدارها (20000) عشرون ألف ريال مع إزالة المخالفة على حسابه». إن المملكة تُعد من الدول الرائدة في حوكمة أنظمتها؛ فجعلت أوصاف التدخين منضبطة، وعقوبته عادلة، والتشديد على العائد لها بضعف مبلغ الغرامة. لم تألُ المملكة في جانبها الإنساني على احتضان هؤلاء الشباب عبر أجهزتها ولجانها الحكومية، مؤمّنين وموفّرين لهم العلاج المجاني، ومهيئين لأصحاب الخير فرصةَ دعم هذه اللجان؛ فأنشأت لجنة تسمى «اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ» بقرار مجلس الوزراء رقم 46 وتاريخ 1 / 2 / 1428 ه تضمّ بها أكثر من 10 وزارات هدفها الرئيسي حماية أفراد المجتمع من ذاك الشر القاصم. إلى جانب ذلك جعلت المملكة الغرامات التي تؤخذ على هؤلاء المدخنين تعود لهم بطريقةٍ أخرى وهي علاجهم حيث نصت المادة 18 من النظام: «تخصص جميع الغرامات المحصلة بموجب أحكام هذا النظام لدعم جهود التوعية وتشجيع الجمعيات الأهلية على مكافحة التدخين ونشرها على مستوى المملكة». إن من صفات الدول المتقدمة حرصها على الجانب الصحي لشعبها؛ فهي تسير على خطين متوازيين، خطٌّ لمعالجة التدخين وخط للحدّ من انتشاره وهو ما تفعله المملكة. إن الظاهرة منتشرة، والجهود تبقى عظيمة لمكافحتها، تكاتف الأيد لصدّها هو واجبٌ إنساني وأخلاقي. * مستشار قانوني