لطالما كانت صناعة الخير في المملكة علامة تميز البلاد وقياداتها الرشيدة المتعاقبة، التي ضربت أروع الأمثال في تطوير هذه الصناعة والارتقاء بها، إلى أن باتت بمثابة نبراس يحتذى به في التضحية والفداء والوقوف بجانب المحتاجين، منطلقةً من إيمان راسخ وعقيدة سمحة، ترى أن للخير أصولاً ومبادئ نابعة من الدين الإسلامي الذي يحث دائماً على التكافل الاجتماعي والتناغم الإنساني النبيل. وإذا كانت صناعة الخير في المملكة تسير بوتيرة متسارعة من جانب الحكومة والشعب معاً، فهي تسير بوتيرة أسرع في شهر رمضان المبارك، الذي يشهد عاماً بعد آخر تسابقاً محموماً نحو تأسيس مشروعات الخير، وتفعيل مبادراته التي تجلب الفائدة لجميع المحتاجين إليها. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين بدأا الشهر الفضيل بتبرع سخي، قدره 20 مليون ريال لصالح الأعمال الخيرية وغير الربحية من خلال منصة "إحسان"، فقد أنهيا - حفظهما الله - الشهر ذاته بمبادرة خير استثنائية، بالتسجيل في برنامج التبرع بالأعضاء كمتبرعين. وتتجلى في هذه المبادرة أروع المعاني الإنسانية النبيلة، وأصدق دعوات الحث على العطاء بطرق نموذجية مقنعة، فكان أمام القيادة الرشيدة أن تدعو المواطنين والمقيمين إلى التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، إلا أن قيام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بالتسجيل في برنامج التبرع بالأعضاء، جاء خير شاهد وأكبر دليل على أن ولاة الأمر أول السبَّاقين نحو صناعة الخير، وأنهما يتصدران المشهد بإيمان راسخ، واقتناع تام بمضمون الآية الكريمة (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا)، ويعكس هذا الأمر حرص القيادة الرشيدة على القطاع الصحي في المملكة، ودعم مراكز التبرع بالأعضاء لما لها من دور كبير في إنقاذ الروح البشرية من الهلاك. وتعكس المبادرة إحساس القيادة بحاجة أكثر من 21 ألف مريض بالفشل العضوي، إلى أعضاء جديدة، تمنحهم الأمل والتفاؤل ببدء حياة مغايرة للتي كانوا يعيشونها في ظل أمراضهم المزمنة. ولا يمكن الفصل بين هذه المبادرة، وبين ما قام به خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في وقت سابق بتأسيس المركز السعودي لزراعة الأعضاء "المركز الوطني للكلى سابقاً"، فهما يكملان مشهد الخير السعودي، وسيبقى هذا الخير في المملكة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.