مع شهر رمضان الفضيل، فإن القلوب والعقول لا تشرئب نحو أقرب وأعز الناس إلينا فحسب، بل أيضا نحو الفئات الأكثر هشاشةً وضعفاً في مجتمعاتنا. وفي هذه الأثناء، يواجه العالم تحدّيًا غير مسبوق للتغلب على المرحلة الحرجة من الجائحة وتمكين الجميع من الحصول على لقاح كوفيد-19. إن لدى كلّ من منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة، وهي أكبر منظمة دولية تعنى بالأطفال، ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وهي أكبر منظمة تنموية والحاصلة على تصنيف AAA في العالم الإسلامي، وجهة نظر مشتركة حول الدور الحاسم الذي يجب على التمويل الإسلامي والعمل الخيري أن يلعباه في تحفيز الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي والتغلب على الجائحة. لقد بلغت التحديات التي نواجهها اليوم أقصى الحدود الممكنة، وكما هو معلوم لكلّ أب وكل أم، فإن كل يوم يمرّ يؤثر بشكل كبير على النمو البدني والعقلي الصحيّ للأطفال، وهنا يبدو وكأن حركة الوقت قد توقفت بالنسبة للعديد من الأطفال، خصوصًا بوجود 168 مليون طفل فقدوا فرصة التعليم المباشر وجهًا لوجه في المدرسة خلال العام الماضي، ولكل ذلك نجد أن العالم الآن يخوض سباقًا مع الزمن لضمان توفير اللقاح وتوزيعه على جميع السكان، ولا سيما الفئات الأكثر هشاشةً وضعفاً. وعملياً نجد أن المؤسستين قد بدأتا بالعمل على مواجهة هذه التحديات، إذ تعمل اليونيسف في عام 2021 على شراء ملياريّ جرعة من اللقاح بتمويل من مرفق كوفاكس، وهو المرفق العالمي للقاح كوفيد-19، وستعمل طواقمنا مع الحكومات في كل بلد للمساعدة في ضمان وصول اللقاحات إلى سكّانها بأسرع وأنجع الطرق. وفي الوقت نفسه، تعمل اليونيسف على دعم حصول الأطفال على التعليم والخدمات الصحية، بما في ذلك اللقاحات الروتينية. هذا وقد التزمت مجموعة البنك من خلال البرنامج الاستراتيجي لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية للتأهب والاستجابة لجائحة «كوفيد-19»بمبلغ 3.64 مليارات دولار أميركي في العام الماضي وحده، وذلك لدعم الدول الأعضاء، والبالغ عددها 57 دولة، بحُزَم تمويل لمواجهة الجائحة مدعومة بصكوك استدامة بقيمة 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى صكوك كوفيد-19 بقيمة 1.5 مليار دولار أميركيّ، وهي الأولى من نوعها. لقد حصل وأن استفادت ثمانٍ وعشرون دولة من الدول الأعضاء من برنامج البنك، ومن المتوقع أن يخدم هذا البرنامج 52.3 مليون مستفيد في البلدان الأعضاء في البنك. لا يزال الحصول على الفحوصات والعلاج واللقاحات حلمًا بعيد المنال بالنسبة للفئات الأكثر هشاشة وضعفاً، بما في ذلك النازحون واللاجئون، وهنا، نعتقد أن العمل الخيري الإسلامي يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا. لقد قامت اليونيسف ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية بتأسيس الصندوق العالمي الإسلامي الخيري للأطفال، ونعتقد أن هذا الصندوق يمكن أن يكون بمثابة أداة حيوية لتوجيه وتنسيق العمل الخيريّ الإسلاميّ، وأن يتيح للناس الأكثر هشاشة فرصة التغلب على الجائحة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأطفال. من خلال هذا الصندوق، بادر شركاؤنا الأوائل، وهم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في المملكة العربية السعودية، وصندوق عبدالعزيز الغرير لتعليم اللاجئين في الإمارات العربية المتحدة، بدعم برامج حيوية تفيد الأطفال الضعفاء وذوي الأوضاع الهشّة في كلّ من الأردن وبنغلاديش وباكستان، ونود هنا أن نتوجه إليهم بالتحية والتقدير على جهودهم ومبادراتهم الرائدة. ويوفر هذا الصندوق لأهل الخير من المحسنين المسلمين فرصة لتوجيه المساهمات المالية الخيرية من خلال مؤسسة إسلامية مرموقة وبطريقة فعالة وشفافة. ومن خلال الصندوق، يمكننا العمل جنبًا إلى جنب مع البرامج الصحية الوطنية التي تعمل مع مؤسستينا لضمان وصول اللقاحات إلى السكان الأكثر ضعفا وهشاشة بعدالة واحترام لكرامة الإنسان. ويمكننا، خلال هذا الشهر الفضيل، أن نرى بوضوح خاص أنه لا يمكن أن تنقشع الجائحة للبعض منا ما لم تنقشع لدينا جميعًا، وإننا، من خلال تكريس مواردنا الخيرية لهذا الهدف، نخدم هدفًا يتعدى محيطنا الشخصي ويمدّ يد العون وفسحة الأمل للعالم أجمع. *مقال مشترك بين رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية والمديرة التنفيذية لليونيسف د. بندر حجار