عندما قرأت هذا الخبر في تويتر أعتقدت أنه نكتة لكن بعد ساعة وجدت الخبر في بريدي الإلكتروني (الإيميل) ضمن تقرير من إعداد Wood Mackenzie (مركز استشاري بريطاني للطاقة مشهور). لقد تناقلت بالدهشة -بين المُصدّق والمُكذّب- وسائل الإعلام المختصة يوم الخميس 15 إبريل (قبل 10 أيام) التقرير الصادر من المركز البريطاني وود مكنزي للبحوث واستشارات الطاقة. الذي يتضمن في أحد سيناريوهاته بأن سعر البترول الخام قد ينخفض إلى 10 دولارات للبرميل العام 2050 إذا نفذت حكومات الدول المشاركة التزاماتها في اتفاق باريس للمناخ بخفض ارتفاع درجة حرارة المناخ إلى 2 درجة مئوية فوق مستوى درجة حرارة المناخ قبل الثورة الصناعية، وهذا بدوره يتطلب أن يكون صافي انبعاثات الكربون إلى الغلاف الجوي صفر بحلول العام 2050 لكي يتحقق الهدف الذي يهدف إلى تحقيقه اتفاق باريس للمناخ. السيناريو يقول إن الطلب العالمي على البترول سينخفض بنسبة 70 % بحلول العام 2050. حيث سيبدأ الطلب على البترول الانخفاض في العام 2023. ثم سيواصل الانخفاض بسرعة بمقدار 2 مليون برميل سنة بعد سنة، ليصبح الطلب العالمي الكلي على البترول نحو 30 مليون برميل في اليوم العام 2050 بعد أن كان نحو 100 مليون برميل في اليوم العام 2019. كذلك يقول السيناريو سينخفض سعر المؤشر برنت إلى بين 37 دولارا و42 دولارا للبرميل بحلول العام 2030، ثم سينخفض سعر البترول إلى بين 28 دولارا و32 دولارا للبرميل بحلول العام 2040. ثم قد ينهار سعر البترول إلى بين 10 دولارات و18 دولارا للبرميل العام 2050. السؤال الذي يهم الدول المصدرة للبترول (طبعاً دول الخليج على رأس هذه الدول) ما مدى احتمال حدوث كهذا السيناريو؟ الواقع أن القول إن سعر البترول سيكون 10 دولارات للبرميل العام 2050 كأننا نقول بأنه لن يوجد (أي سيختفي) سوق البترول من الوجود العام 2050. السبب في اختفاء سوق البترول -وفقاً لسيناريو مكنزي- واضح لأنه في العام 2050 ستكون تكاليف إنتاج برميل البترول من المتبقي في حقول البترول في جميع أنحاء الأرض (تشمل حقول الخليج) أكثر كثيراً من 10 دولارات للبرميل. السؤال كيف تغيب هذه البديهية عن بال الباحثين في مركز وود مكنزي للطاقة؟ ألا يخافون على سُمعة مركزهم المتخصص في الطاقة؟ الذي يبدو أن بعض مراكز الدراسات التجارية يهمها لفت الأنظار وإثارة الجدل كوسيلة للدعاية والشهرة عن طريق نشر تقارير خارجة عن المألوف تجعلهم حديث المجالس في الوسط الإعلامي المختص، ثم بعد ذلك قد يبررون شطحاتهم بتصريحات لاحقة تُخفف من وقع المفاجأة وبمرور الزمن ينسى الناس الشطحة ويبقى اسم المركز التجاري راسخاً في الذاكرة. فعلى سبيل المثال لقد استدركت Ann Louise (نائية رئيس مركز مكنزي) فأكدت قائلة إن التقرير هو مجرد سيناريو وليس هو حالة أساسية للتوقعات (المصدر: CNBC يوم الخميس 15 إبريل 2021).