بادرت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة بوضع استراتيجية طموحة لإجراء تحسين شامل لمنظومات إنتاجها من مياه البحر المحلاة، تهدف من خلالها إلى رفع سعتها الإنتاجية مع الحفاظ على أعلى معايير الجودة والحرص على سلامة البيئة، وقد توجت هذه الاستراتيجية بمباركة المقام السامي الكريم - حفظه الله – لتنفيذ عدد من مبادراتها الرئيسة، والتي تأتي تأكيداً لمباركة سمو ولي العهد - حفظه الله – لتنفيذ مبادرات إزاحة الوقود السائل وتعزيز الصداقة للبيئة وخفض الانبعاثات الكربونية في المملكة والمساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030. وقد كانت البداية عام 2018م حيث بادرت المؤسسة إلى استبدال منظومة إنتاج حقل الخفجي العاملة بتقنية الوقود السائل إلى منظومة جديدة تعمل بتقنية التناضح العكسي التي تتميز بانخفاض تكلفتها المادية واستهلاكها المحدود للطاقة، وأتمت عام 2019م إخراج منظومتي إنتاج جدة (المرحلة الرابعة)، وينبع (المرحلة الأولى) اللتان تعملان بالوقود السائل من الخدمة مع الحفاظ على التزاماتها التعاقدية باستخدام المناورات التشغيلية عالية الكفاءة لمنظومات نقل المياه المحلاة وتوفير الكميات البديلة من منظومات إنتاج أخرى ذات كفاءة أعلى، كما استطاعت المؤسسة عام 2020 على الرغم من جائحة كورونا إنجاز مشروع استبدال تقنيات التحلية في منظومات الإنتاج الصغيرة على امتداد ساحل البحر الأحمر في الوقت المحدد، الأمر الذي مكنها من إيقاف استخدام وقود الديزل وتحقيق توفير في استهلاك الطاقة وتعزيز صداقة المحطات للبيئة. وكانت الخطوة الأبرز في هذه الاستراتيجية هي بدء تنفيذ مبادرات استبدال منظومات الإنتاج الرئيسة ذات التقنية الحرارية التي تعتمد على الوقود السائل بمنظومات إنتاج تعمل بتقنية التناضح العكسي، في منظومات إنتاج الخبر (المرحلة الثانية)، والجبيل (المرحلة الأولى) التي من المتوقع إنجازها - بإذن الله - في النصف الثاني من عام 2022م، إضافة إلى مشروعات استبدال منظومات إنتاج الشقيق (المرحلة الأولى) والشعيبة (المرحلة الأولى)، والجبيل (المرحلة الثانية) والتي ستدخل الخدمة تباعاً خلال العام 2023م، وتكتمل سلسلة هذه المشروعات بمشروع إنشاء خط الغاز الجاف لتغذية منظومة إنتاج التحلية وتوليد الطاقة الكهربائية في ينبع (المرحلة الثالثة) ليكون بديلاً لزيت الوقود السائل. ولم تكتفِ المؤسسة بمبادرات خفض الانبعاثات الكربونية، بل اتخذت إجراءات كان من شأنها خفض الانبعاثات الغازية المصاحبة لاحتراق الوقود في عدد من منظومات الإنتاج، وقامت بتطوير عدد من المبادرات البحثية للاستفادة من هذه الغازات ومن رجيع منظومات الإنتاج على حد سواء، استحقت على إثرها عدداً من براءات الاختراع، لا سيما تلك المتعلقة بتقنية صفر رجيع ملحي التي تتيح تحويل المحلول الملحي إلى منتج ثانوي من المعادن يمكن استخدامه في عدد من الصناعات، فضلا عن تطوير تقنية امتصاص الغازات وتحويلها إلى منتجات استثمارية مثل غاز الميثانول، الأمر الذي عزز دور المؤسسة في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الامتثال البيئي الأمر الذي أهل منظوماتها الإنتاجية للحصول على الرخص البيئية من الفئة الثالثة وشهادة الالتزام البيئي وفق الآيزو 14001. وتسعى المؤسسة حالياً لإخراج ما تبقى من منظومات الإنتاج التي تستخدم الوقود السائل من الخدمة، حيث سيتم إخراج منظومة إنتاج ينبع (المرحلة الثانية) بعد دخول منظومة الرايس التابعة للقطاع الخاص في النصف الأول من عام 2023م، وإخراج منظومة إنتاج رابغ بعد دخول منظومة رابغ (المرحلة الثالثة) التابعة للقطاع الخاص في نهاية عام 2021م، كما تخطط المؤسسة لاستبدال منظومة إنتاج الشعيبة (المرحلة الثانية) التي تعمل بالوقود السائل بمنظومة إنتاج تعمل بتقنية التناضح العكسي. وسيكون لهذه المبادرات نتائج مبهرة على صعيد الاستدامة البيئية حيث سينخفض استهلاك الطاقة أكثر من (318,000) برميل مكافئ من الوقود يومياً، كما ستنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يتجاوز (40) مليون طن سنوياً تمثل أكثر من (30 %) من إجمالي الخفض المستهدف في رؤية المملكة 2030، إضافة إلى توفير مليارات الريالات. وتأتي هذه الاستراتيجية تأكيداً على التزام المؤسسة بالريادة في تطوير صناعة التحلية من كافة جوانبها، والمساهمة السباقة والفاعلة لتحقيق أهداف الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية 2030، وتمهيداً لتبوؤ المؤسسة دور المساهم الرئيس عالميا في تقديم الحلول للمخاطر والتحديات المستقبلية المتعلقة بالمياه.