من حكمة لا يعلمها إلا الله جل وعلا في علاه أن جعل البقاء في هذه الدنيا على حال واحدة من المحال فجعل فيها من نصب وتعب وموت وفراق وغيرها وما إن تحل علينا المناسبات السعيدة والأيام المباركة ويهل علينا هلال شهر الرحمة والغفران إلا ويتذكر الإنسان أحبة له من أم وأب أو أخت وأخ أو جار وزميل ورفيق درب وقد رحلوا قد كانوا معنا في أعوام ماضية لم يبلغوا هذا الشهر الكريم. وفي مطلع شهر رمضان من العام الماضي 1441ه فقدت شخصاً عزيزاً وغالياً إنه خالي "إبراهيم بن صالح بن إبراهيم الجنيدل" رحمه الله، والذي كان لنا بمنزلة الأب لأبنائه والأستاذ لطلابه وتجسدت فيه الخصال الحميدة والصفات الجميلة من شهامة ومرجلة وإنسانية جمة تمثلت بشخصه -رحمه الله- ولا نزكي على الله أحداً وكم أنت محظوظ -رحمك الله- يا خالي أبا صالح بمحبة الناس لك، وهذا من فضل الله عليك، وها هي تعود بنا الأيام لذكرى رحيله مع حلول شهر رمضان المبارك من هذا العام وقد مضى عام على رحيله فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الله فسيح جناته، وجمعنا به ووالدينا والمسلمين أجمعين في مستقر رحمته. ولعلي أستبيحك عذراً عزيز القارئ الكريم لأعود بك في مقالي هذا والذي تختلط فيه المشاعر مع حبر القلم فأنثر بها كلمات حزينة وأنا أكتب عن شخصية كانت هي السبب في وجودي بعد الله تلكم الشخصية هي "أمي" تلكم الجوهرة والدرة الثمينة والتي رحلت منذ أربعة أعوام مضت فرحمة الله عليها. إن فقدان أعز الأحبة وخاصة الأم يجتاح المشاعر ويحاصر الوجدان ويقتحم أنسجة التفكير حيث تتوافد أحداث ترى في اليقظة والحلم وفي الوحدة بين الناس وفي الطريق وأثناء سردي لمقالي هذا تعثرت الخطوات وتلعثمت الكلمات لصور تتوارى وفي حضرة صلاة الجنازة تتجدد الذكرى في المكان ذاته وفي زمن مماثل حيث تبعث أطياف المشهد الحزين من جديد، فهنا صلينا عليها وهناك ودعتها وودعها معي جموع المصلين، إنها أحداث ومشاهد مندثرة بالحسرة والحزن على رحيلها فهل يمكن أن تنسى تلك الساعات والأيام والشهور والسنوات الجميلة التي عشتها في ظلال تلك الشجرة الظليلة الحنون؟ ما أروع النسيان الذي تتشتت معه الأحزان في حياة لا طعم فيها بعد فقد الأم، ويعود بي الحنين عندما أعزي إنساناً في فقده أمه، فالحياة المكتظة بهموم رحيل الأحبة والتي تهب عواصفها بقوافل أحبتنا الراحلين رحمة الله عليهم أجمعين. اللهم أغفر لأمي وأبي وأجمعني بهما في مستقر رحمتك الجنة، وجميع موتانا من آباء وأمهات وإخوة وأخوات وأقارب وزملاء وأصدقاء أعزاء رحلوا عنا وأغفر يا الله لجميع موتى المسلمين أجمعين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وقفة: "أمك. فاجعل اهتمامك بها، ففيها فخر لك وهي جنتك وبها تحلو حياتك".