ما زال المشاهدون في كل أنحاء الوطن العربي تحت تأثير النجاح الكبير لحفل ومسيرة نقل 22 مومياء من المتحف المصري إلى متحف الحضارة، والذي رافقه عرض كبير وفعاليات تم الإعداد لها بدقة ولاقت تفاعلاً كبيراً على مستوى العالم، حيث تابع الحفل في بثه المباشر ملايين المشاهدين ومن كل القارات. اجتمعت الآراء حول ضخامة الحدث وحسن تنظيمه وإدارته وكمال الصورة التي خرج بها إلى العالم، الكل امتدح كافة التفاصيل لدرجة أنه وما إن انتهى الحفل حتى خرج العديد ممن شاركوا به نجوماً بعدما كانوا ورغم مهنيتهم العالية غير معروفين، حتى أن النجوم المعروفين الذين شاركوا بالحفل لم يلفتوا الأنظار بقدر الآخرين، من استعراضيين ومغنين وعازفين. هناك تفاصيل شهدناها في هذا الحفل مختلفة عما كنا سنشاهده لو أُقيم الحفل في أي مكان آخر، وربما يعود هذا الأمر لطبيعة الحدث والآلية التي كان سيتم عرضه بها، حيث يترقب العالم هذه المسيرة وما يرافقها من عروض وعليه يجب أن يكون كل شيء في مكانه الصحيح بغض النظر عن الاسم الذي يقدمه، وعليه.. فلا يوجد مجال للمجاملة أو لتدخل العلاقات الشخصية في توزيع مهام الحفل العالمي، بل يجب أن يكون كل شخص في مكانه الصحيح تماماً حتى تخرج الصورة للعالم كما يجب وتبهرهم بالقدر المنتظر. على سبيل المثال، وقف على المسرح مغنون ومغنيات أوبراليون من الطراز الرفيع، معظمهم غير معروف جماهيرياً لكنه قادر على الأداء بأفضل شكل ممكن، ولم تترك المهمة لمغنٍ مشهور أو فنانة جماهيرية معروفة، بينما رافقتهم فرقة موسيقية أوركسترالية عظيمة يديرها موسيقار عظيم، رغم صعوبة العرض الذي تم تقديمه على المسرح إلا أن كل فرد قدم أفضل ما عنده فخرج الجميع نجوماً ولم ينجم اسم ويُترك البقية ولم يُنسب النجاح للموسيقار وحده دون أعضاء فرقته أو فنان واحد دون البقية، حتى بعيداً عن المسرح، أخذ الفنانون الاستعراضيون حقهم من الصورة ولم يُنسب الفضل للمخرج أو مصمم الرقصات فقط، الجميع أخذوا مساحتهم من الاستعراض والإبهار سواءً على الكاميرا أو عبر البيانات الصحفية التي وزعت أسماء الجميع ولم تفخم أحدهم دون الآخر. تفوقت الحرفية في حفل نقل المومياوات الملكية بالقاهرة على كل الحسابات الأخرى، وهذا هو السبب الذي استوقف العالم أجمع عند الحدث، حيث كانت الأصداء أكبر شاهداً على أن النجاح عندما يقوم على كامل الفريق فهو أجمل وأكبر من أن يقوم على اسم واحد، وأن العمل مهما كانت مساحته صغيرة فمن الممكن أن يشكل اللحظة التي تصنع الفارق الأكبر.. الحقيقي.!