تحرص المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - حفظهما الله - على وحدة الشعب العراقي الشقيق، والتعاون مع حكومته الحالية بقيادة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. وتنظر المملكة بتقدير بالغ إلى أهمية زيارة دولة رئيس الوزراء العراقي ولقاءه مع سمو ولي العهد، بما يحمله ذلك من معانٍ ودلالات سياسية، تعكس إيمان الحكومة العراقية بأهمية العمق العربي والإسلامي والثقل الكبير الذي تمثله المملكة. والمملكة حريصة على دعم جهود العراق في التصدي للتطرف ومكافحة الإرهاب، وتؤكد على ضرورة احترام سيادته ووحدة أراضيه، ووقف التدخلات الخارجية، وتعمل من هذا المنطلق على تقوية العلاقات الثنائية في جميع المجالات. وعلى مدى تاريخها ترى المملكة العراق عمقًا إستراتيجيًا لها، وتربط أمنها بأمن العراق ضمن وحدة عربية، حيث تشهد العلاقات بين البلدين الشقيقين انطلاقة جديدة تسير نحو أوجه تعاون بناءة في المجالات السياسية والاقتصادية والبرلمانية وغيرها من المجالات. ويتعاون البلدان الشقيقان من خلال شراكتهما في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وكذلك في مجموعة (أوبك بلس)، من أجل استقرار أسواق النفط، ويحرصان معاً على تسريع استعادة التوازن للأسواق، من خلال الالتزام بتطبيق اتفاقية (أوبك بلس). وبمرور السنوات الشاهدة على دعم المملكة غير المحدود لجمهورية العراق الشقيقة، فقد شهد عام 1440ه فصلاً جديدًا من فصول دعم المملكة للعراق، حيث أعلن رئيس وفد المملكة في اجتماعات الدورة الثانية لمجلس التنسيق السعودي- العراقي معالي وزير التجارة الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي عن بناء مدينة رياضية لأبناء العراق هدية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، وتقديم منحة من المملكة للعراق بمبلغ مليار دولار للمساهمة في تنميته لتكون المملكة شريكًا أساسيًا في نهضة العراق. وجاء هذا الدعم امتدادًا لعمل جاد بين البلدين أثمر عن لجان ومجالس من بينها مجلس التنسيق السعودي العراقي الذي افتتح مجلسه الأول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - ودولة رئيس الوزراء بجمهورية العراق الدكتور حيدر العبادي في عام 1439ه. وتدعم المملكة جهود ومشاريع إعادة إعمار العراق، وتواصل الوفاء بالتزاماتها التي قدمتها خلال مشاركتها في مؤتمر المانحين في الكويت في العام 2018، مما يؤكد أن المملكة لم تتوان يوماً عن الوقوف إلى جانب العراق في مختلف الظروف. ويعكس حرص حكومتي البلدين الشقيقين على تفعيل أنشطة مجلس التنسيق السعودي العراقي، وكذلك تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الجانبين، عمق التعاون وتطور العلاقات بين المملكة والعراق بما يحقق المصالح الوطنية المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة. وافتتحت القنصلية السعودية في العاصمة العراقيةبغداد عام 1440ه، كما أعلن معالي وزير التجارة الاستثمار رئيس الجانب السعودي في مجلس التنسيق السعودي العراقي أن العمل جارٍ على افتتاح ثلاث قنصليات أخرى في ثلاث مدن عراقية، مؤكدًا أن هناك 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين السعودي والعراقي في جميع المجالات هي في مراحلها الأخيرة وسيكون لها أثر كبير في رفع مستوى التعاون بين البلدين بما يحقق تطلعات قادتيهما وشعبيهما الشقيقين. ويهدف مجلس التنسيق السعودي العراقي إلى تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الاستراتيجي والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة في مختلف المجالات ومنها: الاقتصادية والتنموية والأمنية، والاستثمارية والسياحية والثقافية والإعلامية، فضلًا عن تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية المهمة، وحماية المصالح المشتركة وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين. ويتيح المجلس الفرصة لرجال الأعمال للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية وتبني الوسائل الفاعلة التي تسهم في مساعدتهم على استثمارها، وتشجيع تبادل الخبرات الفنية والتقنية بين الجهات المعنية من خلال العمل على نقل وتشجيع التقنية والتعاون في مجال البحث العلمي، وتبادل الزيارات والمشاركة في البرامج التدريبية، وتنمية المناطق الحدودية بين البلدين. كما عقد مجلس الغرف السعودية عام 1439ه ورشة عمل حول الفرص الاستثمارية الواعدة في العراق نظمها مجلس الأعمال السعودي العراقي، وأفضت إلى أن أوجه تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين ستسهم في زيادة الصادرات السعودية إلى العراق، وستكون عاملًا مهمًا لما يمثله العراق من سوق كبير للمملكة، وكذلك ستزداد واردات المملكة من العراق لامتلاكه مقومات اقتصادية جيدة في مجالات اقتصادية مختلفة، إلى جانب أنه سيسهم في تدفق الاستثمارات المباشرة في العراق. ونظم المجلس أيضًا في عام 1440 ه ملتقى الأعمال السعودي العراقي في مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية بالرياض، لطرح الشراكات العراقية السعودية التجارية والاستثمارية في حيز النقاش وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتحفيز الفرص الاستثمارية الواعدة. وتبذل المملكة والعراق جهودًا ملموسة للرقي بأطر الثقافة والسياحة والآثار والمعرفة، حيث شاركت المملكة في معرض بغداد الدولي للكتاب عام 1440ه، والتي تزيد من أواصر البلدين الشقيقين، وتحقق عبر التواصل الثقافي ما يصبو إليه الشعبين العراقي والسعودي من مد جسور أخوية راسخة. والمملكة حريصة على دعم جهود العراق في مواجهة خطر فايروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، حيث قدمت دعماً صحياً عاجلاً للأشقاء في العراق عبر توفير كميات ضخمة من المساعدات الطبية، تشمل الأدوية والمواد الطبية وأجهزة التنفس، ومستلزمات الحماية الشخصية. ويعقد البلدان اجتماعات ثنائية مستمرة، ففي صفر1442 ه، عقد في مدينة الرياض الاجتماع الثاني للجنة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والإغاثة في مجلس التنسيق السعودي العراقي. ويوجد عدد من الشركات السعودية المستثمرة في العراق، كما توجد رغبة حقيقية لعدد آخر للتوسع باستثماراتها هناك، في الوقت الذي يفوق حجم الاستثمارات السعودية في العراق (2) مليار ريال، وسط حرص من الجانب السعودي على استثمارات إضافية من المتوقع أن تصل إلى (10) مليارات ريال تقريبًا في قطاعات مختلفة. ويسعى الجانبان السعودي والعراقي الى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، بعد فتح منفذ جديدة عرعر، لاسيما وأن لدى المملكة توجهاً نحو إنشاء وتشغيل المنطقة اللوجستية في هذا المنفذ لتكون منطقة اقتصادية خاصة، وكذلك بعد فتح الملحقية التجارية بسفارة المملكة في بغداد. وسيسهم تفعيل مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، في دعم قدرات العراق على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، وإنهاء معاناة المواطنين العراقيين من الانقطاعات المتكررة للخدمة الكهربائية. وتنظر المملكة بإيجابية إلى الدعوات المقدمة من الجانب العراقي لزيادة الاستثمارات السعودية في العراق، لاسيما في المجالات الحيوية مثل الطاقة، وتحلية المياه، والصناعات الغذائية، وغيرها من المجالات. ويحظى الجانب البرلماني بين البلدين على دعم متواصل لمقاربته المباشرة مع تطلعات المملكة والعراق، ويعقد مجلسي الشورى والنواب اجتماعات ولقاءات عدة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – حيث يستعرض المجلسين ما يربط المملكة العربية السعودية وجمهورية العراق وشعبيهما الشقيقين من علاقات تاريخية، ويؤكدان أهمية السعي لتعزيزها ولا سيما على صعيد العلاقات البرلمانية، ويبحثان تفعيل دور لجنتي الصداقة البرلمانية في المجلسين من خلال تبادل الزيارة بينهما بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين. ويتطلع شعبا المملكة والعراق إلى آفاق عالية من التطور والطموح، فهما يراهنان على قيادتين حكيمتين، جعلتا من التقدم والرقي ورخاء الشعبين أولوية لهما.