نجحت جمهورية مصر الشقيقة بجهودها الذاتية وعقولها الفذة في إنهاء أزمة السفينة العالقة بقناة السويس، ورغم صعوبة المهمة، وتعقيد المعطيات التقنية والهندسية والجغرافية للمشكلة باعتراف خبراء دوليين إلا أن الإرادة المصرية تمكنت من تعويم كتلة الحديد الهائلة البالغ طولها 400 متر ووزنها 224 ألف طن، وإعادة انسيابية الحركة في القناة المهمة للملاحة الدولية والتجارة العالمية، ويبدو لافتاً هنا الاهتمام الدولي البالغ بالأزمة في دليل على الأهمية الاستراتيجية للقناة، وهو ما يكشف تهافت محاولات الانتقاص من دور القناة، التي درجت عليها جامعات ودول معادية لمصر. وفيما كانت مصر تستنفر طاقاتها وقدراتها الكبيرة لحل مشكلة السفينة "إيفر غيفن" برزت دعوات انتهازية لاستحداث بديل للقناة المصرية الاستراتيجية، في استغلال مريب لحدث استثنائي في القناة التي ظلت معبراً مهماً للملاحة البحرية الدولية بكل انسيابية على مدى عقود طويلة، حيث دعا سفير إيران لدى موسكو كاظم جلالي لتفعيل ممر "شمال - جنوب" ليكون بديلاً عن قناة السويس، فيما راجت تقارير عن مشروع إسرائيلي لقناة مجاورة، في تماهٍ غير مستغرب بين المقاربة الإيرانية والإسرائيلية حيال الدول العربية. نسوق هذه الحقيقة لشطر من العرب ما زال ينطلي عليهم التضليل الإيراني، ويظنون أن نظام الملالي يمكن أن يكون حليفاً مأموناً للمنطقة العربية، وأنه يضمر نيات حسنة تجاه دولنا، رغم الشواهد المتعددة والمؤلمة لطبيعة الدور الإيراني في المنطقة عبر نشر الخراب والدمار في عدة دول عربية. وفي سياق انكشاف الأقنعة ذاته، تأتي العملية النوعية للجمارك السعودية في ميناء جدة الإسلامي؛ إذ تمكنت من إحباط محاولة تهريب كمية من حبوب الكبتاغون بلغت 1.323.000 حبة، مُخبأة داخل إرسالية مشحونة من ميناء "إسكندرون" في تركيا، الذي بات مصدراً متكرراً لشحنات المخدرات، وكل هذا يرسم صورة واضحة لطبيعة الأخطار المحدقة بالمنطقة، ويرسم خطوطاً فاصلة بين مشروعات التنمية والسلام والاستقرار من جهة، ومخططات الفوضى والدمار وتفكيك الدول من جهة ثانية، وفي ظل انجلاء الحقائق وسقوط الأقنعة، هل من عاقل سيظل حائراً في أي طريق يمضي؟