يعتبر السيليكون واحداً من أكثر العناصر الكيميائية وفرةً في الطبيعة، ويتركّز وجوده في الرمل بنسبة عالية -غالبًا على صيغة السليكا (ثاني أكسيد السيليكون)-، والسيليكون يستخدم في تطبيقات صناعية مهمة منها لتنقية الصلب والألومنيوم، وفي مجالات الصناعات الكيميائية الدقيقة والبناء والطاقة والتغليف والمنسوجات والعناية الشخصية، ويتميز السيليكون بأنه من المواد الرافضة للماء؛ مما يجعله مفيدًا للتطبيقات التي قد تحتاج طرد الماء، ويعَدُّ السيليكون من مواد أشباه الموصلات التي أحدثت ثورة صناعية ضخمة في مجال الإلكترونيات على مدى الثلاثين سنة الماضية؛ فرقائق السيليكون النقية (ويفر) تُستخدم في صناعة الدوائر المتكاملة التي هي أساس جميع الأجهزة الإلكترونية المستعملة في حياتنا اليومية مثل: الحواسيب، والهواتف المحمولة الذكية، والسيارات الكهربائية؛ مما جعل جزءًا كبيرًا من التكنولوجيا الحديثة تعتمد عليه. توجد لدينا كميات كبيرة من السيليكون في بلادنا الغنية بالرمال، ولكن من النادر وجوده نقيًا في الطبيعة؛ لذا يمكننا استخراجه وتنقيته من أجل بيعه كمادة خام، أو الاستفادة منه للدخول في صناعة الإلكترونيات والحصول على أشباه الموصلات اللازمة لصنع ألواح الطاقة الشمسية التي بإمكانها تزويد محطاتنا ومحطات العالم بالطاقة، هذا بالإضافة الى التطبيقات الأخرى؛ وبالتالي نتوسع في قدرتنا التعدينية ونستحوذ على نصيب أكبر من عمليات تعدين وتكرير المعادن المستخرجة من باطن الأرض، بل ويكون لدينا تحكم بأسعار السوق العالمية ونصيب وافر من الإمدادات، حيث تعد القيمة الاجمالية للسلع المنتجة باستخدام الرمال هائلة -وإن كانت تشكل جزءًا بسيطًا من واردات النفط-، فعلى سبيل المثال: تعتبر تايوان من أعلى الدول نصيبًا في تجميع كميات ضخمة وعالية الجودة من رقائق الويفر الإلكترونية بدقة، والتي توفرها بتكلفة أقل؛ الأمر الذي جعلها حاليًا المصدر الرئيس لكل من شركتي "أبل" و"هواوي". وفي الختام: من الواضح أننا نحتاج أن نعيد التفكير في استغلال ثرواتنا التعدينية (الأرضية) بشكل أوسع، لاسيما ثروة الرمال الهائلة في المملكة كمورد آخر للطاقة وللاقتصاد بشكل عام، فمما لا شك فيه أن هذه التقنيات العالية والتطبيقات الكثيرة ما كان لها أن تكون كما هي عليه الآن من دون المعادن الأرضية، والسيليكون له نصيب الأسد منها، حفظ الله بلادنا وأدام عليها نعمة الأمن والإيمان. * باحث في علوم وهندسة المواد