هي دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار. هذا يعني تنمية مستدامة تطمح جميع الدول لتحقيقها، لذلك أصبحت في العقود الأخيرة الشغل الشاغل للحكومات التي تعمل جاهدة على البحث والاستقصاء حول أنجح السبل لتحقيق ذلك، وحيث إن التنمية عملية وليست حالة - فهي مستمرة ومتطورة - كما أنها قائمة على جهد مجتمعي لا تقوم فئة معينة عليها دون غيرها، وهي بالتالي في فلسفتها مفهوم أخلاقي، أي أنها تساهم في تغيير أنماط السلوك الإنساني القائم على مسؤولية الفرد في الشعور بالآخرين من حوله وكذلك بمن سيأتي بعده. ولأن من أبرز أهداف التنمية ومبرراتها هو تحقيق الحياة الكريمة للفرد والذي يعني بالشمولية (الرخاء المجتمعي)، فقد كان وما زال الإنسان كفرد هو محور عملية التنمية ودافع عجلتها، والفرد كهدف للتنمية هو في ذات الوقت الوسيلة لتحقيقها، من هنا كان لا بد من التركيز على الإنسان ودوره الفاعل والأساس في الوصول الى أفضل النتائج. إن محور الإنسان ودوره في التنمية محور متشعب وواسع وتنطوي تحته الكثير من الأدوار والمهام، لكنني هنا سأحاول التركيز على جزئية واحدة من هذه الفروع وهو الإنسان المدير، إذ إنه بحكم موقعه يستطيع التأثير والتغيير في أنماط مرؤوسيه ومن هم تحت إمرته، مستغلاً بذلك حصافته في الإدارة الناجحة والنزيهة والعادلة لتحقيق مستوى عالٍ من الرضا الوظيفي كمرحلة أولى لدى موظفيه، ومن ثم خلق بيئة وظيفية محفزة للعطاء والإنجاز، وبالتالي تحقيق أهداف المؤسسة حسب خططها الإستراتيجية التنموية. إن الإدارة بقدر ما هي علم قائم بذاته لكنها في ذات الوقت مهارة يمكن اكتسابها وصقلها بالتجارب والاستفادة من الممارسة والتطبيق، كما يمكن قياس فاعليتها من خلال النتائج ومؤشرات الأداء، غير أن السلوك الإنساني يلعب دوراً أساسياً فيها، بما في ذلك منظومة القيم لدى المدير والتي تحكم في كثير من الأوقات طريقته في اتخاذ القرار وسلامة الإجراءات لديه، والذي عليه أن يراعي احتياجات العاملين لديه وتأمين بيئة عمل متوازنة وآمنة ومحفزة للطاقات والإبداع، ومتسلحاً بالنزاهة والعدالة بين جميع موظفيه، مبتعداً عن الواسطة والمناطقية والقبلية واستغلال السلطة والعلاقات الشخصية على حساب المصلحة العامة، كما أن على المدير أو صانع القرار أيا كان موقعه وضع السياسات التي من شأنها تعزيز دور الموظف في تطوير قدراته المعرفية والمهارية والإدارية، وبالتالي تمكينه من المكان المناسب لتحقيق إنجازاته، وبالتالي يكون عضوا بناء في الإدارة، وعضوا فاعلا في دفع عجلة التنمية وتحقيق الرؤية المأمولة، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة.