محطات خالدة، وعلاقات ضاربة في جذور التاريخ تمنح العلاقة السعودية - الكويتية خصوصية استثنائية، فالكويت كانت من أوائل البلدان التي زارها المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، علاقة استمرت على مدار 130 عاماً بأسس راسخة، روابط في الدين والدم واللغة، بشكل قلّ نظيره في البلدان الأخرى، احتفال رسمي ومباركات أكدت على قوة العلاقة بشكل استراتيجي وشخصي، وبها رسمت معنى الإخوة العميق. وحول الجهود الدبلوماسية التي قادها الملك فهد إلى جانب جهود شقيقيه الشيخ جابر الأحمد والشيخ سعد العبدالله - رحمهم الله – والتي أدت إلى كسب التأييد الدولي لتحرير الكويت، والتي جاءت انطلاقاً من الأخوَّة التاريخية للعائلتين الكريمتين والشعبين الشقيقين، تحدث الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر - رئيس مركز الخليج للأبحاث - ل"الرياض": "بداية العلاقات السعودية - الكويتية، قديمة قدم تاريخ جزيرة العرب، فالدولتان شقيقتان وجارتان ويسكنهما شعبان تربطهما أواصر قربى وعلاقات أخوة ومصاهرة منذ فجر التاريخ، وعلاقات مودة تربط القبائل العربية ذات الأصول الواحدة والعادات المشتركة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال إيجاد أي حواجز بين شعبي الدولتين الشقيقتين. وتابع د. عبدالعزيز: كانت الكويت وجهة الإمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود ونجله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل - يرحمهما الله - ومنها عاد الملك عبد العزيز إلى الرياض عام 1902م، ليؤسس فيما بعد المملكة العربية السعودية عام 1932م، ولذلك عندما وقفت المملكة مع الكويت عام 1990م، بعد غزو نظام صدام حسين الكويت، كان هذا الموقف الذي قاده خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - يرحمه الله - نابعاً من علاقات أخوة صادقة والدفاع عن دولة شقيقة تربطها بالمملكة علاقات تاريخ واحد ومصير مشترك، وقال الملك فهد بن عبد العزيز مقولة تاريخية ونفذها بكل صدق وثبات: "الحياة والموت واحد بيننا، بعدما احتلت الكويت، وبعد ما شاهدت بعيني ماذا جرى للشعب الكويتي، ما في كويت وما في سعودية"، وقد بذل الملك فهد كل غالٍ ونفيس من أجل استعادة الكويت لسيادتها وأراضيها، وبدأت هذه الجهود بعقد القمة العربية غير العادية بالقاهرة في العاشر من أغسطس 1990م، التي دانت العدوان العراقي على دولة الكويت وعدم الاعتراف بقرار العراق ضم الكويت إليه، وعدم الاعتراف بأي نتائج أخرى مترتبة على غزو القوات العراقية للأراضي الكويتية، وطالبت العراق بسحب قواته فوراً، كما أكدت القمة على سيادة الكويت واستقلاله وسلامته الإقليمية، ومن بين هذه القرارات أيضاً الاستجابة لطلب المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الأخرى، بنقل قوات عربية لمساعدة الكويت في الدفاع عن أراضيها. كما فتحت المملكة كل مدنها لاستقبال الشعب الكويتي الذي نزح من نير الاحتلال العراقي لبلادهم وكان ذلك بمثابة الوقوف بجوار الأشقاء ومن باب النخوة العربية الأصيلة لمساعدة الأشقاء وقت المحن والأزمات". وعن العلاقة الأخوية بين أمير الكويت الشيخ نواف وولي عهده الشيخ مشعل بالمملكة علق الدكتور: "يسير الشيخ نواف الأحمد على خطى سلفه الشيخ صباح الأحمد - رحمه الله - من خلال حرصه على وحدة الصف الخليجي، ويشارك قيادة المملكة رؤيتها في تحقيق مزيد من التضامن والاستقرار بين شعوب الخليج والمنطقة ككل، فقد بذل أمير الكويت الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح جهودًا حثيثة من أجل وحدة الصف الخليجي وإعادة ترتيب البيت الخليجي لضمان سلامة الجبهة الداخلية الخليجية في مواجهة التحديات الإقليمية والمتغيرات الدولية، وهذه الجهود كانت محل تقدير واحترام من قادة دول مجلس التعاون الخليجي، ولقد استكمل سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر أمير الكويت الحالي مسيرة أخيه الراحل سمو الشيخ صباح في دعم الوحدة الخليجية وتنقية الأجواء بين الأشقاء وقد تكللت هذه الجهود بالنجاح وجاءت قمة العلا في مطلع يناير من العام الحالي لتجسد الطموح وتحوله واقعاً بين الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي وتحققت المصالحة التي تبناها الشيخ صباح واستكملها الشيخ نواف". وحول تأكيد الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الشيخ مشعل أن الوشائج الأخوية والعلاقات الكويتية - السعودية ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ من خلال علاقتهما العميقة والأخوية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين أوضح د. عبدالعزيز أن ما يقوله سمو الشيخ نواف الأحمد أمير دولة الكويت وسمو ولي عهده الشيخ مشعل يعبر عن مشاعر صادقة نبيلة تجاه المملكة، وهذا ما تثمنه القيادة في المملكة وتبادل سموه المشاعر نفسها، وتؤكد على أن الهدف واحد وهو تأمين الجبهة الخليجية من الاختراقات وتفويت الفرصة على المتربصين، وفي ظل هذه المشاعر الصادقة والعلاقات الأخوية تستطيع المملكة ومعها دولة الكويت وبقية الأشقاء في مجلس التعاون من الوصول بأهداف وطموحات دول المجلس إلى التطبيق على أرض الواقع والوصول في النهاية إلى الوحدة الخليجية المنشودة. وتابع: العلاقة الخاصة والمميزة للشيخ نواف والشيخ مشعل بالملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والتواصل الرسمي والشخصي المستمر فيما بينهم - يحفظهم الله - يعد امتداداً للعلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع أمراء الكويت بملوك المملكة وولاة عهدها، فكما هي العلاقات الخليجية - الخليجية تقوم على التواصل والتلاحم بين القيادات والشعوب، فالشعوب الخليجية في الأصل شعب واحد يعيش في ست دول، وهذه هي حقائق التاريخ والجغرافيا ولسنا في حاجة للتدليل على قوة ومتانة العلاقات التاريخية والاستراتيجية المستقبلية لدول مجلس التعاون بصفة عامة، والعلاقات المميزة التي تربط الشيخ نواف والشيخ مشعل بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده - حفظهم الله - هي امتداد لعلاقات متجذرة في التاريخ وتحكمها صلات قربى ومودة، كما تسير في اتجاه استراتيجي يتجه نحو مصير مشترك، والتحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تتطلب المزيد من العمل المشترك وتحقيق التكامل الطبيعي بين دوله، وهذا ما تعمل عليه القيادة السعودية والقيادة الكويتية بكل قوة. وعن العلاقة الأخوية التي تجمع بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وولي العهد الكويتي مشعل الأحمد، في ترسيخ العلاقات السعودية - الكويتية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين، والتي بالطبع تساعد في حل القضايا ذات الاهتمام المشترك في المنطقة، أكد د. عبدالعزيز أنه من المؤكد ومن الطبيعي أن تساهم العلاقات الأخوية التي تجمع بين سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد في مصلحة المملكة والكويت، وفي مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط؛ نظرًا لأهمية وثقل الدولتين في منظومة مجلس التعاون وفي المنطقة العربية والإسلامية، كما أن لديهما - يحفظهما الله - رؤية ثاقبة تهدف إلى خدمة دول مجلس التعاون، وكذلك النهوض ببلديهما والمنطقة برمتها، وهذا ما سوف يتبلور في مشروعات خليجية تكاملية وفي توحيد سياسة دول المجلس الخارجية بما يخدم الاستقرار في هذه المنطقة التي تواجه تحديات كثيرة. وتابع اللواء م. غرم الله بن خضر الزهراني: "مما لاشك فيه أن العلاقات السعودية - الكويتية علاقة تاريخية عميقة الجذور تشمل على الشراكة الاستراتيجية وحسن الجوار والمصير المشترك، والنسيج الاجتماعي لحكام ومواطني البلدين متناسق وقائم على علاقات الأخوة والقرابة والمحبة، ومن الناحية الرسمية فيربط قيادات البلدين علاقة أخوة وشراكة مميزة ومنقطعة النظير على كافة الأصعدة، وتجلت هذه العلاقة خلال حرب الخليج عندما قال المغفور له بإذن الله الملك فهد: يا ترجع الكويت أو تروح السعودية، وتمت استعادة الكويت بحمد الله وفضله إذ تضافرت الجهود والإيمان بالمصير المشترك في خلال فترة وجيزة بالعزيمة والإصرار بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، وستبقى هذه العلاقات المميزة إلى الأبد؛ لأنها معتمدة على الصدق والوفاء والمحبة وحسن الجوار والمصير المشترك.