قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالمحسن بن محمد القاسم - في خطبة الجمعة - : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفتن كثيرة كمواقع القطر ومنها كبار ومنها فتن تموج كموج البحر، وقد خشي صلى الله عليه وسلم على أمته الوقوع فيها والتأثر بها فقال : " إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن "، وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها في صلاته يقول : " وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات "، وأمر أصحابه بالتعوذ منها. وأضاف : لا تتم النعم إلا بالإيمان، قال سبحانه وتعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي "، وكل مسلم مأمور أن يدعو ربه بالهداية في كل صلاة " اهدنا الصراط المستقيم "، وعلى المؤمن أن يخاف من فقد هذه النعمة أو نقصانها فالزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته، واحذر مما حذرك منه وخف مما خافه عليك لتأمن في الآخرة إذا خاف الناس فطاعة الله ورسوله جالبة للأمن قال سبحانه وتعالى : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ". وقال : امتن الله على الخلق ببعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وجمع الله له في رسالته بين البشارة والنذارة، " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا "، وأعطاه الله من نعوت الرسالة أكملها، ومن كمال نصحه أن بين لأمته ما يخافه عليهم من الاعتقادات ومشقة التشريع وتنفير الناس عن الإسلام، والدنيا وفتنتها وما يكون في آخر الزمان، وتغير الحال وعقوبات الدنيا والآخرة وبيانه ذلك لأمته دليل على أنها تبتلى بها وتظهر فيها. وأضاف : الإسلام يتألف الناس ويرغبهم الدخول فيه لما فيه من سعادتهم في الدارين، والله جعل أحد مصارف الزكاة المؤلفة قلوبهم، وكان صلى الله عليه وسلم يعطيهم من الفيء عطاء من لا يخشى الفقر، ويبذل أيضا للمسلمين ما يثبتهم على الدين، وخشي النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ما ينفرها عن الإسلام فترك إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم بعد فتح مكة وقال : " مخافة أن تنفر قلوبهم "، والله زين الدنيا وهيأها وجعلها معبرا للآخرة وقد خاف النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تصرفهم الدنيا عن حقيقة الاستعداد لما بعدها فقال : " إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض "، قيل : وما بركات الأرض، قال : " زهرة الدنيا ".