نفذ الجيش البورمي، الاثنين، انقلاباً واعتقل في بورما أونغ سان سو تشي رئيسة الحكومة، معلناً حال الطوارئ مع تعيين جنرالات في المناصب الرئيسة. وقال الجيش في بيان عبر القناة التلفزيونيّة العسكريّة: إنّ هذه الخطوة ضروريّة للحفاظ على «استقرار» الدولة، وتعهد تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» فور رفع حال الطوارئ. ويتّهم الجيش اللجنة الانتخابيّة بعدم معالجة «المخالفات الهائلة» التي حدثت، على حدّ قوله، خلال الانتخابات التشريعيّة التي جرت في نوفمبر وفاز بها حزب أونغ سان سو تشي الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية بغالبيّة ساحقة. وفي وقت مبكر صباح الاثنين، اعتُقلت سان سو تشي ورئيس الجمهورية وين ميينت، ومسؤولون آخرون بحسب المتحدث باسم الحزب، مشيراً إلى أنهم محتجزون في العاصمة نايبيداو. وفيما سرت شائعات في الأيام الماضية عن احتمال حدوث انقلاب، تركت سان سو تشي رسالة إلى الشعب نشرها رئيس حزبها على مواقع التواصل الاجتماعي، تحضّ فيها على «عدم قبول» الانقلاب. وكتبت أن الجيش يحاول «إغراق البلاد من جديد في ديكتاتورية عسكرية متجاهلاً وباء كوفيد- 19»، مطالبةً الشعب «بالرد بصوت واحد». وسيطر الجيش بعد ذلك على مبنى بلديّة رانغون، عاصمة البلاد الاقتصادية، وقطع عسكريون الطريق المؤدي إلى المطار الدولي. وجالت عدة شاحنات في شوارع رانغون، لمؤيدين للجيش كانوا يلوحون بالرايات ويرددون أناشيد وطنية. تزوير ب «الملايين» وتأتي هذه الاعتقالات في وقتٍ كان مُقرّراً أن يعقد مجلس النوّاب المنبثق عن الانتخابات التشريعيّة الأخيرة، أولى جلساته خلال ساعات. وخرجت بورما منذ عشر سنوات فقط من نظام عسكري سيطر على السلطة مدة نصف قرن. وآخر انقلابين شهدتهما البلاد منذ استقلالها يعودان للعامين 1962 و1988. ويتحدّث الجيش عن وجود عشرة ملايين حالة تزوير في الانتخابات ويريد التحقيق في الأمر، وقد طالب مفوضية الانتخابات بكشف لوائح التصويت للتحقق منها. وتصاعدت المخاوف عندما قال قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ الذي يُعدّ الشخصيّة الأكثر نفوذاً في بورما: إنّ الدستور يمكن «إبطاله» في ظلّ ظروف معيّنة. وبحسب بيان صادر عن الجيش، أصبحت السلطات «التشريعية والإدارية والقضائية» بيد مين أونغ هلينغ، فيما أصبح الجنرال ميينت سوي رئيساً مؤقتاً للبلاد. وأثار الانقلاب، سلسلة تنديدات من كل أنحاء العالم. الأممالمتحدة ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس «بشدّة» في بيان باعتقال أونغ سان سو تشي وزعماء سياسيّين آخرين. وقال غوتيريس: إنّه مع «الإعلان عن نقل كلّ السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة والقضائيّة إلى الجيش»، فإنّ «هذه التطوّرات تشكّل ضربة قويّة للإصلاحات الديموقراطيّة في بورما». الصين دعت بكين، الاثنين، الأطراف كافة في بورما إلى «حلّ الخلافات» بعدما استحوذ الجيش على السلطة، واعتقل الزعيمة أونغ سان سو تشي. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين في مؤتمر صحافي: إن «الصين جارة صديقة لبورما، وتأمل أن تحلّ الأطراف المختلفة في بورما خلافاتها ضمن الإطار الدستوري والقانوني لحماية الاستقرار السياسي والاجتماعي». الولاياتالمتحدة قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان: إنّ «الولاياتالمتحدة تُعارض أيّ محاولة لتغيير نتائج الانتخابات الأخيرة أو عرقلة التحوّل الديموقراطي في بورما، وستتخذ إجراءات إذا لم يتم التراجع عن هذه الخطوات (الاعتقالات)». ودعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من جهته الجيش البورمي إلى «الإفراج عن كافة المسؤولين في الحكومة وكذلك القادة في المجتمع المدني، وإلى احترام إرادة شعب بورما التي عبّر عنها خلال الانتخابات الديموقراطية في 8 نوفمبر». وكانت واشنطن حضّت على غرار دول غربية أخرى، الجيش في 29 يناير على «التزام المعايير الديموقراطية» في حين طرح قائد الجيش البورمي الجنرال مين أونغ هلينغ (الشخصية الأكثر نفوذاً في بورما) إمكانية «إلغاء» دستور البلاد في ظل ظروف معينة. روسيا صرّح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «نراقب بانتباه شديد ونحلل الوضع في بورما» مضيفاً «من المبكر جداً إعطاء تقييم». الاتحاد الأوروبي ندّد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الاثنين، «بشدة» في تغريدة بالانقلاب مطالباً بالافراج عن «جميع الذين اعتُقلوا بشكل غير قانوني». وكتب ميشال في تغريدة «أدين بشدة الانقلاب في بورما وأدعو العسكريين إلى الإفراج عن جميع الذين اعتُقلوا بشكل غير قانوني أثناء مداهمات في أنحاء البلاد، يجب احترام نتيجة الانتخابات واستعادة العملية الديموقراطية». بدوره، اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في تغريدة أيضاً أن «شعب بورما يريد الديموقراطية، الاتحاد الأوروبي معه». فرنسا دعت فرنسا إلى «احترام تصويت البورميين»، وفق ما أعلن المتحدث باسم الحكومة غابريال أتال مضيفاً «أُجريت انتخابات في نوفمبر الماضي، انتُخبت أونغ سان سو تشي وفي ظلّ هذه الظروف ندعو إلى احترام نتيجة صناديق الاقتراع في بورما، نتيجة تصويت البورميين». وأوضح أن باريس «تناقش مع شركائها في إطار الهيئات الدولية» الوضع في بورما. ألمانيا ندّد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس «بشدة» بالانقلاب والاعتقالات في بورما، مطالباً «العسكريين بالإفراج فوراً عن أعضاء الحكومة والبرلمان الموقوفين» وبالاعتراف بنتائج الانتخابات. بريطانيا دان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الانقلاب والتوقيف «غير القانوني» لأونغ سان سو تشي. وكتب جونسون في تغريدة «أدين الانقلاب والسجن غير القانوني للمدنيين بمن فيهم أونغ سان سو تشي في بورما، يجب احترام تصويت الشعب والإفراج عن القادة المدنيين». بنغلادش أكدت وزارة الخارجية في بنغلادش، الدولة التي تستقبل مئات آلاف اللاجئين من أفراد الروهينغا الذين فروا من بورما، أن «كجيران أصدقاء، نودّ أن نرى السلام والاستقرار في بورما» مضيفةً «نأمل أن يتمّ الحفاظ على الآلية الديموقراطية والأحكام الدستورية في بورما». الهند أعلنت وزارة الخارجية الهندية «شاهدنا بقلق عميق الأحداث في بورما، لطالما قدّمت الهند دعماً مستمراً لعملية الانتقال الديموقراطي في بورما، نعتبر أنه ينبغي احترام دولة القانون والآلية الديموقراطية». اليابان دعت الحكومة اليابانية العسكريين البورميين إلى الإفراج عن أونغ سان سو تشي وإعادة الديموقراطية إلى البلاد. وقال وزير الخارجية الياباني «نطلب الإفراج عن الأشخاص المعنيين، بينهم مستشارة الدولة أونغ سان سو تشي، داعياً «الجيش الوطني إلى إعادة النظام السياسي الديموقراطي سريعاً» إلى بورما.