يُعد عالم الألعاب الإلكترونية هاجساً مخيفاً للأسر، فالكثير من الأطفال أصبح أسيراً لتلك الألعاب، يقضي معظم وقته خلف الشاشة في عالم افتراضي. وقال د. عبدالله بن حمد الحسين -خبير في مجال الطفولة-: إن الألعاب الإلكترونية هو منتج تجاري تكنولوجي وهو جزء صغير من العالم الجديد من الثقافة الرقمية الحديثة، مضيفاً أن هذه الألعاب رغم أنها مسلية وممتعة خاصة الأطفال إلاّ أنها تمثل وتشكل خطراً كبيراً على ثقافة وصحة الفرد والمجتمع بطرق متنوعة؛ لأنه يرتبط هذا المفهوم بشكل كبير بخطورة الألعاب الإلكترونية بالعديد من المشكلات الصحية والعقلية والجسدية التي تؤثر على الأطفال كالانطواء والسمنة وضعف النظر وقلة التركيز والكسل؛ لأن اللعب بشكل مستمر ولفترات طويلة بعدد ساعات أكبر قد يصل بالطفل إلى درجة الإدمان الالكتروني، وبالتالي تقل حركة الطفل ويزيد وزنه بشكل متزايد، وهذه نتيجة الإدمان. تفعيل الحوار وشدّد د. الحسين على ضرورة إدارك الوالدين والمربين وكل من له علاقة بتربية وتنمية الطفل خطورة هذه الألعاب الإلكترونية ومدى تأثيرها الكبير على مستقبل حياة أطفالهم، وذلك من خلال التوعية والتثقيف بأهمية كيفية استخدام هذه الأجهزة وما هو الوقت المناسب ومدته، واقتناء البرامج المفيدة التي تجمع التعلم والمتعة معاً، وتنمية مهارات التفكير عن طريق استخدام هذه الألعاب الإلكترونية وكذلك من الجميل مشاركة الوالدين مع الأطفال، مبيناً الطرق الآمنة في كيفية مراقبة الأطفال عند استخدامهم الألعاب الإلكترونية كمراقبة تحميل تطبيقات الألعاب والتشدد في ذلك باختيار المناسب والمفيد منها، واللعب في مكان مفتوح أمام الوالدين والأخوة والأصدقاء من أجل عدم الوقوع في المشكلات الإلكترونية، وكذلك التواصل مع الأطفال بتفعيل الحوار الهادف الممتع معهم بالتوعية والتثقيف حول خطورة الألعاب الإلكترونية خاصةً الأمني والفكري والجنسي من أجل وقايتهم، إضافةً إلى عدم السماح بكتابة اسم الطفل الحقيقي مهما كانت اللعبة إيجابية وعدم البوح بمعلومات مثل مكان السكن أو الدولة؛ لأنه عالم افتراضي مخفي المعالم، إلى جانب وضع كلمة مرور من قبل الوالدين وعدم السماح بتغييرها من قبل الطفل، ليكون الوالدين على مرأى من معرفة كل استخدامات الطفل بهذه الألعاب الإلكترونية وأنواعها. متابعة مستمرة وأوضح د. الحسين أنه من المهم تجنب الضرب والإهانة والتهديد والعقاب، بل العمل على التقرب إلى الأطفال وتعوديهم على الحوارات الأسرية البنّاءة، التي تتسم بالثقة، وتتيح لهم فرصة التعبير عن أنفسهم دون خوف، وملء أوقات فراغهم بالأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية، وكذلك المتابعة المستمرة لنمط استخدام الأجهزة الإلكترونية وعدد الساعات التي يقضيها الطفل على الإنترنت يومياً، وحث الوالدين والمربين بتشجيع الأطفال على انتقاء الألعاب التي تثري مخزونهم المعرفي وتعرفهم على الإبداع والمعرفة، باستخدام أسلوب الحوار البنّاء الهادف الممتع، والاستماع إلى آرائهم، إضافةً إلى تحديد وقت معين لممارسة هذه الألعاب حتى لا يصل الطفل لدرجة الإدمان الالكتروني، ووضع برنامج مراقبة لمعرفة ما يفتحه الطفل من ألعاب وبرامج، وإتاحة الفرصة ليمارس هذه الألعاب مع أصدقائه حتى لا ينعزل عنهم، إلى جانب توفير البديل المفيد بتخصيص وقت لممارسة الأنشطة الرياضية والأعمال التطوعية، وغرس حب القراءة في نفس الطفل، والعمل على مساعدته ومشاركته في إخراج طاقة الطفل بالألعاب اليدوية التي تنمي مهارات التفكير، وكذلك من خلال الرسم لزيادة قدرته على التخيل والابداع. ضياع الوقت وتحدثت د. نادية نصير -مستشارة تربوية ونفسية وأسرية- قائلةً: إن الألعاب الإلكترونية وسيلة ترفيهية ممتعة ومسلية إذا كانت تهدف الي تنمية القوة العقلية مثل ألعاب الذكاء والتركيب، وهي وسيلة للتواصل والمشاركة والتفاعل الاجتماعي مع الأصدقاء والأخوة وبين الأباء والأبناء، مضيفةً أنها تنمي الذكاء عند الطفل ويصبح تفكيره أكثر توسعاً، وتزيد مستوي التركيز والتدقيق والفهم لديه، بل وتنمي التفكير في طريقة حل المشاكل وإتخاذ القرار، مبينةً أن من سلبيات الألعاب الالكترونية ضياع الوقت لما يعود على الأبناء بإهمال الدراسة، وقلة الحركة التي تسبب السمنة، خاصةً مع تناول المسليات من الطعام للصغار والكبار، وكذلك الجلوس الخاطيء لمدة طويلة بدون انتباه مما يسبب في أمراض العامود الفقري واجهاد العينين والتأثير على النظر، والتأثير السلوكي غير المحسوس مثل ألعاب السرعة التي تنعكس علي قيادة السيارة الحقيقية، وتنمية العنف والعدوانية اذا كانت الالعاب عنيفة. الأسرة مسؤولة وأكدت نوال عثمان -أخصائية نفسية- على أن الألعاب الإلكترونية جزء من العالم الرقمي الذي اكتسح أدق تفاصيل حياتنا، ولعل الفضاء الافتراضي أصبح يلعب دور نشط ليس في تواصلنا فحسب، وإنما في جميع مجالات حياتنا ومنها التسليه والترفيه التى أوجدت هذه الثقافة الرقمية للطفل، مضيفةً أن الألعاب الإلكترونية في عالم افتراضي تجعل من الطفل ريشه في مهب ريح عاتية إذا ما كان هنالك حصانة أسرية ومتابعة وتقنين يعمل على تنظيم فترة اللعب ومدته ومراقبة نوعية الألعاب والتعرف على شركاء اللعب، ذاكرةً أنه أصبحت الأسرة مسؤولة عن أمن الطفل من مخاطر الانصهار في الفضاء الافتراضي لعالم الألعاب الإلكترونية، مشيرةً إلى أنه لا يغيب عن ذهن الكثير مخاطرها والتى قد تطال صحة الطفل بدءاً من العادات الغذائية السيئة إلى السمنة بسبب عدم الحركة والجلوس الدائم أمام شاشة الجهاز الذي يضعف البصر، هذا عدا كثير من المشاكل الصحية والنفسية التى تهدد السلامة النفسية للطفل مثل إدمان الألعاب الإلكترونية والتى تفقد القدرة على التواصل المباشر، وكذلك القلق والابتزاز والتحرش، لافتةً إلى أن الحلول تكمن في وعي الأسرة بوضع نظام وتقنين ساعات الجلوس أمام شاشة الجهاز، ومشاركة الطفل في عالمه. تشنجات عصبية ورأى د. متعب العتيبي -استشاري مخ وأعصاب- أنه في عمر الطفولة يحدث جزء كبير من تطور الدماغ واكتسابه مهارات كثيرة، وتعرضه لمثل الألعاب الالكترونية نخشى أن يؤثر على تطور المهارات، مبيناً أن بعض الأطفال معرضون للتشنجات العصبية بسبب الإضاءة المتكررة والفلاشات في بعض الألعاب لوجود القابلية الوراثية للتشنجات الضوئية، إضافةً إلى الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل على مثل هذه الألعاب، مؤكداً على أهمية الاعتدال. وشدّدت د. فاطمة العقيل على ضرورة اطلاع ومراقبة الآباء لأبنائهم وما يحدث خلف الشاشات وما يتم تحميله من برامج وتطبيقات، مع وضع القيود على التحميل للبرامج سواء على مستوى أجهزة الجوال أو على أجهزة الكمبيوتر، والأمر الآخر هو تحديد الفئات العمرية فهي مختلفة، فالأطفال من عمر خمسة أعوام حتى عمر 12 عام مختلفين عن عمر المراهقين من 13 حتى 18 في عملية متابعتهم لصعوبة التعامل مع سن المراهقة، مشيرةً إلى أنه إذا كان هناك مواقع معينة لا نريد الطفل يستخدمها فنعمل على حظرها ومنع الوصول لها عن طريق الشبكة الخاصة بالمنزل. توعية الطفل وشدّدت د. فاطمة العقيل على أهمية توعية الطفل والتحذير من المخاطر التي قد يتعرض لها من خلال استخدام الانترنت في حال تم طلب رقم الهاتف أو معلومات شخصية، وعدم مشاركة صوته أو صورته الشخصية للمستخدم الآخر أو موقع المنزل، كل ذلك إرشادات للطفل حتى يكون لديه وعي كافي بالمخاطر والعواقب مثل الإيذاء أو التنمر الالكتروني أو التحرش الجنسي والابتزاز، مبينةً أنه من المهم توعية الآباء فهم يلعبون دوراً مهماً لحماية أطفالهم ومتى يتدخل ومتى يبلغ السلطات فهناك منشورات نشرتها المركز الوطني للأمن السيبراني متخصصة في التبليغات، كذلك تطبيق "كلنا أمن" أضاف خاصية التحرش من ضمن الخيارات في الابلاغ، والبحث على الجهات المساندة في المساعدة عند حدوث أي خطر أو تنمر للأطفال من خلال استخدام الألعاب الالكترونية. إدمان الألعاب الإلكترونية يُضعف التواصل مع الأسرة ألعاب العنف تؤثر على سلوك الطفل سلباً د. عبدالله الحسين د. نادية نصير د. فاطمة العقيل د. متعب العتيبي