اعتمدت الحكومة السعودية على "الشفافية الرقمية"، كعنصر حيوي في مكاشفة الرأي العام من خلال "المنجزات الرقمية" على أرض الواقع، وهذه خطوة لها دلالات إيجابية على خلق الاهتمام الشعبي وتعظيمه لهذه التحولات التي سيكون الفرد هو المستفيد الأول منها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.. عندما خططت الدولة لدخول "عصر الحكومات الرقمية"، بدأت أولًا برسم مُحدداتها الاستراتيجية من أجل تعزيز مفاهيم ما يُعرف ب "الحوكمة الرقمية"، وذلك من باب "التشريعات" و"الخطوات التنفيذية"، لأن التحول الرقمي - بالنسبة لها - يُعد ممكنًا رئيسًا لتحقيق رؤيتها الطموحة 2030 في بناء المجتمع والاقتصاد والوطن الرقمي. نستطيع اليوم وبعد مرور أربع سنوات من الإعلان عن الرؤية، تقديم كشف حساب للمقارنة الرقمية السعودية خلال أعوام (2016 - 2020)، التي البطل المُكلف بالتطوير "وحدة التحول الرقمي" التي أُنشئت قبل ثلاث سنوات بأمر ملكي، وتعمل على تسريع هذا التحول لتحقيق أهداف رؤيتنا الطموحة، من خلال التوجيه الاستراتيجي وتقديم الخبرة والإشراف عبر التعاون المشترك مع القطاعين العام والخاص للارتقاء بمكانة بلادنا، لتكون بين مصاف الدول المتطورة رقمياً، والمساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة على قيم ومفاهيم الابتكار والاستثمار في المواهب الشابة. وللعلم تطمح القيادة السعودية بأن تكون بلادنا من أفضل 20 دولة رقمية مبتكِرة في العالم؛ لتمكين الوطن من اغتنام الفرص الواسعة المتاحة في العصر الرقمي، وتحقيق الريادة العالمية، وتحسين جودة الحياة، وجذب الاستثمارات الإقليمية والعالمية. واعتمدت الحكومة السعودية على "الشفافية الرقمية"، كعنصر حيوي في مكاشفة الرأي العام من خلال "المنجزات الرقمية" على أرض الواقع، وهذه خطوة لها دلالات إيجابية على خلق الاهتمام الشعبي وتعظيمه لهذه التحولات التي سيكون الفرد هو المستفيد الأول منها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وفي هذا الإطار، سنحت لي الفرصة للاطلاع بشكل مستفيض على تفاصيل تقرير التحول الرقمي الوطني النصف سنوي للعام 2020، والصادر عن "اللجنة الوطنية للتحوّل الرقمي"، والتي تعمل بتوجيه مباشر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن مهماتها، الإشراف على برامج التحول الرقمي، وإقرار إطار حوكمة مبادرات التحول الرقمي، واقتراح مشاريع الأنظمة المتعلقة بالتحول الرقمي ورفعها للجهات العليا. وباستعراض بانورامي حول الجهود السعودية في السباق الرقمي العالمي، نجد أن بلادنا لديها الكثير من الخطط الفاعلة في التحولات الرقمية الشاملة، فيكفي أن نعرف أنها احتلت المرتبة الثامنة بين دول مجموعة العشرين، وال 27 عالميًا في مؤشر البنية الرقمية ضمن مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية، وحصدت المرتبة العاشرة في مجموعة العشرين، وال 35 عالميًا في مؤشر القدرات ورأس المال البشري، وحصلت أيضًا على جائزة الريادة الحكومية 2020 الممنوحة من الاتحاد الدولي لقطاع الاتصالات المتنقلة. وتبرز نتائج التقرير الأثر الاجتماعي والاقتصادي على مستقبل الحوكمة لكل منجز، وهو ما يسهم في ريادة المملكة إقليميا ودوليا، وتحسين تجربة المستفيد بشكل نوعي، وأتمنى من الجميع قراءته؛ لأنه يوضح خريطة الطريق السعودية الشاملة للوصول إلى مفهوم "الحكومة الذكية"، في كل قطاعاتها الحكومية، خاصة أن الدولة تعول كثيرًا على التوسع في تنمية "الخدمات الرقمية الحكومية". ويمكن الإشارة إلى بعض الأمثلة على التوجه نحو "الحكومة الذكية"، ومن ذلك : تطبيق "تباعد" الذي احتل المرتبة الثالثة عالميًا في توظيف التقنيات الحديثة لاحتواء الجائحة، وأشرفت عليه هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) وقدمته بأكثر 22 لغة، كما تشرف الهيئة ذاتها على 18 منصة رقمية نوعية، منها "تطبيق توكلنا" ومنصتي "استشراف" و"النفاذ الوطني الموحد". ومن المنصات النوعية التي أثبتت جدارتها منصة "فرص" التابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية، والتي تم تصميمها بتقنية حديثة ومتطورة، لتوفر قاعدة بيانات موحدة، تكون مرجعًا رئيسيًا للمستثمر الباحث عن الفرص الاستثمارية التي تطرحها الأمانات والبلديات، وهناك أيضًا منصة "بلدي" التي تُقدم خدمات بلدية رقمية متكاملة تمنح المستفيد سهولة الوصول لمعلومات الخدمات والتقديم والسداد الإلكتروني للرسوم، وسهولة متابعة الطلب في أي وقت واستكمال النواقص في حالة وجود ملاحظات. ومن المنصات المهمة، منصة "استثمر في السعودية" الرقمية، التابعة لوزارة الاستثمار، والتي توفر للمستثمرين الأجانب خريطة واسعة من الفرص الاستثمارية الكبيرة في المملكة. وما يعطي التقرير أهمية، المنهجية المعيارية التي بُني عليها من جانب تدقيق جميع المدخلات الرقمية الواردة من الجهات الحكومية، والتحقق من استيفائها للمطلوب، وتسليط الضوء على المنجزات التي تعالج التحديات الوطنية، ومواءمة الإنجازات ذات الطابع الابتكاري مع الاتجاهات الاستراتيجية للتحول الرقمي الوطني. أخيرًا.. على الجميع سواء من المواطنين أو المقيمين، أن يدركوا بشكل متعمق أن الحكومة السعودية في سباق لا هوادة فيه ولا يهدأ مع الزمن؛ وذلك من أجل تحسين جودة الحياة، وهو ما تريد الدولة تحقيقه، وشخصيًا على يقين من أن بلادنا ستُحقق ذلك بمشيئة الله، نموذجًا رقميًا رياديًا يُحتذى به من دول العالم المختلفة.