التطوع بذل وسخاء للوقت والمهارة والمال لخدمة الغير ويحقق للمتطوع انتماءً لمجتمعه ووطنه وأهميته وتقديره لذاته. وكما قيل السعادة في العطاء أكثر من السعادة في الأخذ. نحن المسلمين لدينا مبادئ دينية متينة وتقاليد عربية أصيلة تضرب في جذور الزمن تقوم على وجوب النصرة وإغاثة الملهوف والكرم والبذل والعطاء والتبرع والصدقة. في عام 1970م تبنت الأممالمتحدة «برنامج متطوعي الأممالمتحدة» كجهاز مساعد للأمم المتحدة وليكون ذراعاً تطوعية متعددة الأطراف، يهدف إلى تشجيع المبادرات التطوعية في مجالات التنمية المختلفة. وانبثقت من هذا المشروع فكرة «السنة الدولية للمتطوعين» العام 1996م التي ركزت على اعتراف واسع وترويج أكثر للعمل التطوعي حيث إن الخدمة التطوعية أصبحت ضرورة ملحة. وفي ديسمبر 2011 أعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تقديرها للعمل التطوعي أطلقت مبادرة (الأبطال المجهولون). وأما على الصعيد الوطني فقد زاد الاهتمام بالعمل التطوعي والتركيز عليه عندما أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رؤية المملكة 2030 التي جعلت على رأس أهدافها (الوصول إلى مليون متطوع بنهاية 2030) ليس هذا فحسب، بل توج هذا الاهتمام من قبل قيادتنا الرشيدة بصدور قرار مجلس الوزراء بإقرار نظام العمل التطوعي والذي تشرف عليه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بتشكيل لجنة من كافة الوزارة لتنظيم وتطوير وتمكين العمل التطوعي بمملكتنا الغالية. سعدنا كثيراً نحن المهتمين بالتطوع بهذا القرار الذي جاء مواكباً لتطلعات مملكتنا ورؤيتها الوطنية المستقبلية. وكم هو جميل هذا التنافس والمسارعة من الوزارات في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، فدشنت وزارة الصحة منصة التطوع الصحي وكذلك وزارة الإسكان ووزارة التعليم دشنتا حسابهما في منصة العمل التطوعي. كما شمل هذا الحراك أيضاً القطاع الخاص ليكتمل المثلث التنموي للمجتمع في تحقيق الهدف الوطني. ورغم كل هذه الجهود وهذه الإنجازات وهذا الاهتمام من القطاعات الثلاثة إلا أنه لايزال أمام العمل التطوعي الكثير والكثير من التطوير والمبادرات، بدءاً من المعيار الوطني لوحدات إدارة التطوع في المملكة، إلى ميثاق التطوع لجميع القطاعات إلى قواعد البيانات للمتطوعين والمتطوعات. وأملي الكبير وحلمي الذي يراودني كل يوم أن يتوج هذا الاهتمام من قبل حكومتنا الرشيدة في إنشاء (الهيئة الوطنية للتطوع) لتتحقق مسيرة التنمية الوطنية الشاملة في وضع خطة سياسة تنظيمية تطويرية للعمل التطوعي في المملكة تنظم وتنمي رأس المال الاجتماعي كما تقنن عملية «التدريب على العمل التطوعي» مع ضرورة الاستفادة في النهوض بمهنية العمل التطوعي من ذوي الخبرة والفضل والعلم والمهارة.