خلال زيارتي لمكتبة الملك فهد، ومذ دخولي إلى أن خرجت وأنا محمل بكل الرسائل الإيجابية ومعاني الرقي والتعاون والاحترام من رجال الأمن، وجدت لديهم إلماماً عظيماً بأركان المكتبة وجاهزين للرد على أي سؤال قد يتبادر إلى ذهن أي زائر، إضافة إلى ذلك وأنا أهمّ بالخروج لاحظت أحد المراجعين كان منزعجاً ربما لسبب شخصي ويرفع صوته ويصر على الدخول، ولكن تعليمات الجهة لابد من وجود حجز مسبق وفقاً للبروتوكول الخاص بالاحترازات من فايروس كورونا 19، فقد تصرف رجل الأمن بكل عقلانية حيث أخذه على انفراد وبدأ بنصحه وأكرمه بكأس من الماء، مع أنه يملك كل الصلاحيات لطرده وفقاً للقانون وأنظمة المكتبة ولكن أي صورة ذهنية خلقها هذا الرجل للمنظمة التي يعمل بها، فمن هذا الموقف نستطيع القول: إن الصورة الذهنية مسؤول عنها العاملون في المنظمة جميعاً وليس موظفو إدارة العلاقات العامة فقط، فهي واجب ومسؤولية كل فرد يعمل في منظمته، أن يكون له دور في بناء صورة ذهنية جيدة وإيجابية. لا شك أن عملية بناء أو تعديل الصورة الذهنية للمنظمة هي عملية معقدة وليست بتلك السهولة، وتتطلب بذل جهود اتصالية عديدة ومختلفة، فكثيراً ما نتساءل عن كيفية تكون الصورة الذهنية، ومالفرق بينها وبين الصورة النمطية؟ فالصورة الذهنية هي جواز المرور للانطباع الأول عن كل شيء، حيث عرفها معجم المصطلحات الإعلامية بأنها: انطباع وصورة لشيء أو لشخص في ذهن إنسان «ما»، أي فكرته التي كونّها عن ذلك الشخص وصورته التي رسمها له في ذهنه، أي انطباعه عنه، وتختلف عن الصورة النمطية بأنها مجرد صورة عابرة قد تتغير مع مرور الوقت بينما الصورة النمطية تكون صورة ثابتة يصعب تغييرها، وذلك لأنها ناتج تجارب وحصيلة صور ذهنية متكررة، ولذلك نجد أنه عندما تتكرر الصور الإيجابية أو السلبية مرة عن مرة يصعب تغييرها وتكون راسخة في أذهاننا، أما عندما نستوعب مدى تكون تلك الصورة سواء عن أشخاص أم منظمات ونبدأ في تغييرها إذا كانت سلبية أو تعزيزها إذا كانت إيجابية فإنها تتغير مع مرور الوقت، وأثبتت ذلك العديد من الشركات والمنظمات في وقتنا الحالي، فمثلاً الأحوال المدنية تحولت صورتها البيروقراطية التي عرفت عنها إلى صورة مختلفة تماماً حيث أصبحت أكثر مرونة واحترافية وسلاسة في إجراءاتها وأنظمتها مع احتفاظها بالأنظمة الأساسية لها وغيرها من المنظمات في المملكة. للاتصال علاقة وثيقة لبناء الصورة الذهنية حيث أنه إذا كان هناك خلل في الرسائل الاتصالية فإن مدى تراكم الرسائل السلبية المنقولة أو المتداولة عن المنظمة سواء من خلال الأشخاص أو عبر أحد قنواتها يسبب بناء صورة غير جيدة مع مرور الوقت، لذلك بدأت تحرص العديد من المنظمات على تعزيزها وبنائها وصقلها وتدريب موظفيها، حيث أن مهارة الاتصال تعد من أهم المهارات التي يحتاج إليها جميع شرائح المجتمع خاصة في المجتمع الوظيفي، ذلك لأن الموظف يعد المنفذ الرئيس لنقل الصورة الذهنية الإيجابية عن المنظمة.