إن كل طموح سياسي نحو المستقبل هو في حقيقته محاولة قائمة على الإيمان المطلق والثقة بالمجتمع من أجل تفسير الواقع الاجتماعي بطريقة تمنح ذلك الطموح مساراً مفتوحاً نحو المستقبل، والمتابع لحديث سمو ولي العهد يدرك أن الإنجازات التي تحققت ليست عملية سهلة فرضتها السلطة، ولكنها عملية تفاعلية أنجزها المجتمع بقيادة مؤسسته السياسية.. خلال الأسبوع الماضي تحدث سمو ولي العهد لوكالة الأنباء السعودية في حديث موجه إلى السعوديين بالدرجة الأولى وإلى العالم أيضاً، حيث يسبق هذا الحديث اجتماع قمة العشرين التي ستعقد برئاسة المملكة العربية السعودية هذا العام، في هذه المقالة لن أكرر ما جاء في حديث سمو ولي العهد، فقد كان حديثاً شاملاً كشف لنا وللعالم المشهد السعودي بأكمله، وعكس ما تحقق من إنجازات ارتبطت بالخطط والطموحات التنموية التي رسمت عبر رؤية المملكة 2030، وهي خطة طموحة هدفها تحقيق إنجازات تنموية غير مسبوقة في المشهد السعودي. محور الحديث دار حول تلك الإنجازات التاريخية وغير المسبوقة التي تحققت للمملكة خلال الأربع سنوات الماضية، فقد كانت تلك السنوات الأربع الماضية مشهداً سياسياً ممتلئاً بالإنجازات التي أفرزتها الرغبة السعودية العميقة لتحقيق التحول عبر لحظة تنموية ثورية في مجالات متعددة، ساهمت وبشكل فعلي في تغيير المشهد السعودي ثقافياً واجتماعياً، لم ينتظر المشهد السعودي تغيراً مرتبكاً أو غير واثق في مستقبله، فقد استجابت السعودية ككيان سياسي للتحولات الإقليمية التي سادت المنطقة بدعم دولي خلال السنوات الماضية بطريقة مختلفة سجلت الإنجازات الفعلية. لقد قدمت السعودية مشروعاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عبر مسارات متعددة تولى النظام السياسي تقديمها للمجتمع، ولم يكن مفاجئاً تلك الاستجابة الهائلة من المجتمع السعودي الذي يشكل الشباب فيه النسبة الأكبر، وقد كانت قراءة النظام السياسي للمجتمع السعودي دقيقة وواضحة فقد كان المجتمع بجميع فئاته منتظراً تلك اللحظة التاريخية التي يوضع فيها المجتمع فوق مسار تنموي دقيق كما هي رؤية 2030، والتي أصبحت فرضياتها مشروعاً طموحاً يتطلع إليه كل الشباب السعودي، الذي طلما كرر رغبته بانطلاق في فضاء العالم المتطور بعيداً عن تلك المسارات التي حاصرته لعقود وساهمت في تصنيفه في خانة تقليدية لا تعكس حقيقته، بمعنى أدق لقد كان المجتمع السعودي بحاجة إلى سياسي ناضج يمتلك القدرة على التنبؤ ولن يكون أحد أقرب إلى هذه الصفة سوى ولي العهد الذي يشارك فئة الشباب السعودي العمر والطموح والتطلعات. أربع سنوات مضت غيّرت المشهد السعودي وأصبح من السهل التنبؤ بشكل البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهذا ما تحدث عنه سمو ولي العهد بالأرقام التي فتحت مساراً سهلاً أمام الفرضيات التي حملتها رؤية المملكة 2030 والتي كانت تتحدث عن الإنجازات التي تحولت واقعاً مشاهداً، حيث أدرك القائمون على تلك الرؤية جاهزية المجتمع السعودي ورغبته الجامحة في تحقيق أعلى مستويات النمو والتطور. لم يكن الرهان سهلاً أمام مهندس هذه الرؤية سمو ولي العهد الذي يمكن اعتباره شخصاً استثنائياً لهذه المرحلة، فتلك الأرقام والإنجازات التي تحققت خلال الأربع سنوات الماضية تحدٍّ كبير يصعب إنجازه إلا بقيادة مميزة سطرها ذلك العمل الدؤوب والمستمر والمرهق الذي قاده سمو ولي العهد بنفسه وقاد هذه الرؤية متحدياً كل الصعوبات المحتملة لنقل المجتمع السعودي إلى مرحلة مختلفة ومنجزات تنموية جديدة. إن فكرة التحول في المشهد السعودي لم تكن مقبولة قبل عقد من الزمن، وكانت هذه الفكرة تصنف بكونها غريبة على تركيبة العقل السعودي، ولم يكن من السهل وضع التصورات المؤدية إلى ذلك التحول وكانت التوقعات والسيناريوهات نحو تحقيق التحول كلها توقعات مخيفة ومقلقة، ولكن ذلك المشهد المتشائم والذي كانت تروج له الكثير من الفئات غير الواثقة بالمجتمع السعودي تحول في مشهد رائع خلال أربع سنوات فقط عبر خطة سعودية بحتة استطاعت أن تقرأ الحاجة الفعلية للمجتمع السعودي أطلق عليها رؤية المملكة 2030، والتي استطاعت أن تتغلب على تلك الأفكار المغلقة لتحوّل المجتمع السعودي إلى نموذج تنموي غير مسبوق عبر تاريخ المملكة العربية السعودية. إن كل طموح سياسي نحو المستقبل هو في حقيقته محاولة قائمة على الإيمان المطلق والثقة بالمجتمع من أجل تفسير الواقع الاجتماعي بطريقة تمنح ذلك الطموح مساراً مفتوحاً نحو المستقبل، والمتابع لحديث سمو ولي العهد يدرك أن الإنجازات التي تحققت ليست عملية سهلة فرضتها السلطة، ولكنها عملية تفاعلية أنجزها المجتمع بقيادة مؤسسته السياسية التي تدرك أن مستقبل هذا المجتمع وطموحاته وحيويته لا يمكن أن تصل إلى المستقبل دون إنجازات فعلية وفق أسس منهجية وعملية، عبر الاعتقاد والإيمان المطلق أن الإنسان السعودي كمؤسسة سياسية وكمجتمع يمتلك تلك الرغبة الصادقة لتحقيق الإنجاز.