حملت إلينا مؤشرات الاقتصاد الوطني ارقاما إيجابية مع ختام الربع الثالث للعام المالي الحالي 2020، على الرغم من الأجواء الرمادية التي يعيشها الاقتصاد العالمي وترنحه جراء الجائحة وأصداء الشكوك التي تحيط العلاقات الدولية مثل الإرهاب العالمي وتداعيات الانتخابات الأميركية.. فقد تحدى اقتصادنا الوطني كافة تلك الانواء ونحا نحواً إيجابياً مرتفعاً مدفوعاً بزيادة 4 % في العائدات غير النفطية وزيادة 7 % في الانفاق الحكومي -على أساس سنوي- وذلك طبقا لتقرير السوق السعودي من جدوى الاستشارية. ومع استمرار هذا الخط البياني الإيجابي يتعافى أيضا سوق العقار باعتباره أحد أهم القاطرات غير النفطية للاقتصاد الوطني ومعه تتبلور -يوما بعد يوم- الحاجة الملحة لتغيير نمطية التفكير في مشاريع التطوير العقاري في المملكة والحاجة الى استحداث أنماط متخصصة من التطوير العقاري ترتبط ارتباطا مباشرا بالاستراتيجية الوطنية وبرامج تحقيق الرؤية 2030. فعلى رأس برامج تحقيق الرؤية تأتي ثلاثة روافد أساسية هي برامج التحول الوطني في القطاع الصحي وبرامج تحقيق الرؤية في خدمة زوار الحرمين والسياحة الداخلية وبرامج تحقيق الرؤية في مجالات الرياضة والترفيه. طبقا للتوجه الطموح لبرنامج التحول الصحي يبرز دور التطوير العقاري المتخصص في مجال الرعاية الصحية كأحد الممكنات التي تتناغم مع الرؤية الوطنية، فنحن نحتاج الى استحداث وتوسعة ودعم القطاعات العقارية القائمة في المجال الصحي لتشمل تحلفات متخصصة من المطورين والمكاتب الاستشارية والمقاولين المتخصصين في المجال الصحي، ويجب أن تتسع رؤية هذا المجال المتخصص بحيث لا تقتصر على الرؤية التقليدية في بناء المستشفيات والمراكز الصحية -المستوصفات- وإنما تتخطى ذلك لتشمل المجمعات الصحية المتكاملة والمراحل المختلفة من المستشفيات بالاضافة الى تطوير عقاري لسلاسل المنشات الصحية المكملة مثل مراكز التأهيل والرعاية اللاحقة للمستشفيات والعيادات المتخصصة وسلاسل مراكز الأشعة والمعامل والتحاليل.. وعلاوة على ذلك استحداث الاليات التمويلية في المؤسسات التمويلية والبنوك والصناديق العقارية التيي تتفهم تلك النوعية من الاستثمارات العقارية المتخصصة واختلاف دورة رأس المال الرأسمالي ورأس المال العامل فيها عن الاستثمارات العقارية التقليدية في المحلالت السكنية والتجارية والصناعية الاخرى. والرافد الثاني وهو برامج تنشيط السياحة بشكل عام ومع اتباع نفس الفكر -خارج لصندوق- ينسحب على الاستثمار العقاري في مجال المنشئات السياحية ومايخص السياحة الداخلية منها على الاخص. فمع التوسع العريض في إعادة استكشاف الاماكن والمعالم والمقاصد السياحية الرائعة التي حبا المولى عز وجل إياها وطننا الحبيب لا يخطئ مراقب -حتى من غير المتخصصين- القصور الشديد والملحوظ في المنشئات السياحية من منتجعات ومنشئات سياحية متكاملة في الوجهات السياحية المختلفة في ربوع البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. فهذا التوسع يضع ضغطا ملحا لاستحداث كيانات عملاقة في مجال التطوير العقاري المتخصص في المنشئات السياحية المتكاملة. وتتمتع هذه الكيانات العملاقة برؤية واضحة وخبرات عميقة وعريضة في المعايير العالمية لهذه النوعية من التطوير العقاري حتى تتمكن من تلبية الطلب المتنامي بل والعمل كقاطرة لدفع الطلب وزيادة حصة قطاع التطوير العقاري السياحي من الموارد غير النفطية للاقتصاد الوطني. أخير وليس آخرا فمن أهم برامج تحقيق الرؤية 2030 هي حزمة المبادرات الوطنية الطموحة التي تخدم الشباب والرياضة والترفيه لابناء الوطن. وهذه صناعة متخصصة ودقيقة تستدعي مجموعة من المطورين العقاريين المتخصصين في إنشاء المجمعات الرياضية والترفيهية ومعهم مجموعة متكاملة من روافد تلك الصناعة من مصممين ومقاولين وموردين أيضا المؤسسات التمويلية والتشغيلية. والاساس أن هذه التحالفات الوطنية المتخصصة تعمل على نقل التكنولوجيا والخبرة الدولية في هذا المجال المتخصص بحيث يكون قطاع التطوير العقاري المتخصص على رأس قاطرة التنمية في هذا المجال. ويجب أن تستشرف تلك المجموعة من المطورين العقاريين الوطنيين والمتخصصين رؤية المملكة في هذا المجال وسعيها الدؤوب لاحتضان مجموعة من الفعاليات الرياضية والترفيهية العالمية. بحيث قطاع التطوير العقاري المتخصص البنية الاساسية من ملاعب واستاذات ومجمعات ترفيهية وراضية بالكم والكيف والمواصفات العالمية التي تستبق تلك الفعاليات العالمية بحيث تكون جاهزة بشكل استباقي ومتزامن مع تقدم المملكة لاحتضان تلك الفعاليات. وفي المجمل فإن هذه المجالات المستحدثة المتخصصة والمتنوعة للتطوير العقاري يجمعها عدة ملامح مشتركة على رأسها التناغم مع الرؤية 2030 وأيضا الحاجة لبناء كيانات متخصصة عملاقة والتحالف مع الجهات ذات الصلة في الصناعة المكملة من مكاتب هندسية وشركات تشييد ومقاولات وشركات توريد وعلى الاخص صناديق التمويل العقاري المتخصص والمؤسسات المالية التي تتفهم طبيعة هذه النوعية من التطوير العقاري المتخصص.