أعلن المغرب الجمعة أنه أطلق عملية عسكرية في منطقة الكركرات العازلة في الصحراء الغربية على الحدود مع موريتانيا، من أجل "إعادة إرساء حرية التنقل" المدني والتجاري في المنطقة، مدينا "استفزازات" جبهة بوليساريو. في الجزائر، زعمت البوليساريو، بأنها "ترد" على عملية الجيش المغربي، معتبرة أن "الحرب قد بدأت". وقال بيان لوزارة الخارجية المغربية أمس إن العملية تأتي بعد إقفال أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) منذ 21 أكتوبر، الطريق الذي تمر منه خصوصا شاحنات نقل بضائع نحو موريتانيا وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وكان حوالي مئتي سائق شاحنة مغربي وجهوا الأسبوع الماضي نداء استغاثة إلى كلّ من الرباط ونواكشوط، قالوا فيه إنّهم عالقون على معبر الكركرات بين موريتانيا والصحراء الغربية، بعدما منعتهم البوليساريو من العبور. والصحراء الغربية منطقة صحراوية شاسعة على الساحل الأطلسي لإفريقيا ومستعمرة إسبانية سابقة يسيطر المغرب على ثمانين بالمئة منها، ويقترح منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، باستقلالها. وقال وزير الخارجية في جبهة بوليساريو محمد سالم ولد السالك في اتصال هاتفي من العاصمة الجزائرية مع وكالة فرانس برس "الحرب بدأت. المغرب ألغى وقف إطلاق النار" الموقع في 1991. مؤكدا أن "القوات الصحراوية تجد نفسها في حالة دفاع عن النفس وترد على القوات المغربية". والكركرات منطقة عازلة تقوم فيها قوة لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة، بدوريات بانتظام، وهي معبر حدودي حيوي خصوصا لشاحنات نقل البضائع. وكانت جبهة بوليساريو هددت الاثنين بإنهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع الرباط، إذا "أدخلت" المغرب عسكريين أو مدنيين إلى منطقة الكركرات العازلة. وقال بيان الخارجية المغربية "قامت البوليساريو وميليشياتها التي تسللت إلى المنطقة منذ 21 أكتوبر، بأعمال عصابات هناك وبعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، وكذا التضييق باستمرار على المراقبين العسكريين للمينورسو"، بعثة الأممالمتحدة المكلفة مراقبة احترام اتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف "المغرب قرر التحرك في احترام تام للسلطات المخولة له" أمام هذه "الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة" من أجل "وضع حد لحالة العرقلة الناجمة عن هذه التحركات وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري". وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لوكالة فرانس "لا يتعلق الأمر بعملية هجومية إنما هو تحرك حازم إزاء هذه الأعمال غير المقبولة"، مؤكدا أن أفراد المينورسو الموجودين في الميدان "سجلوا عدم حدوث أي احتكاك مع المدنيين". وأعلنت موريتانيا الأربعاء أن قواتها عززت مواقعها على طول الحدود مع الصحراء الغربية "للتعامل مع أيّ احتمال"، في سياق "الأزمة الراهنة". "سد ثغرة" وأفاد مسؤول في وزارة الخارجية المغربية وكالة فرانس برس أن أفرادا من الهندسة المدنية التابعة للقوات المسلحة الملكية انتشروا صباح الجمعة على حوالى عشر كيلومترات "لسد ثغرة" في الجدار الدفاعي الذي يفصل طرفي النزاع، بهدف "منع أي دخول للمنطقة". وأضاف أن حوالى 70 فردا من "ميليشيات البوليساريو يهاجمون الشاحنات منذ حوالى ثلاثة أسابيع ويمنعونها من التحرك ويقومون بنهبهم". وأوضح أن 108 أشخاص يعملون في نقل البضائع عالقون في الجانب الموريتاني من الحدود و78 آخرين في الجانب الآخر، في شاحنات من بلدان مختلفة من المغرب وموريتانيا وفرنسا. وأشار إلى أن المغرب "التزم بأكبر قدر من ضبط النفس، لكن دعوات المينورسو والأمين العام للأمم المتحدة (...) لم تأت أكلها"، مؤكدا أن موريتانيا و"دولا أخرى معنية بالملف" أبلغت بالعملية قبل إطلاقها. وشهدت منطقة الكركرات في الماضي توترا حادا بين بوليساريو والمغرب خصوصا مطلع العام 2017. وترعى الأممالمتحدة منذ عقود جهودا لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ينهي النزاع حول الصحراء الغربية. ومدد مجلس الأمن في نهاية أكتوبر مهمة بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) لعام آخر.ودعا القرار أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات، بينما لم يعين بعد خلف للممثل الخاص للأمم المتحدة هورست كولر الذي استقال في 2019، بعدما نجح في جمع المغرب وجبهة بوليساريو والجزائروموريتانيا حول طاولة واحدة بين 2018 و2019، بعد ست سنوات من القطيعة.