يقولون في الحكم وفي الأمثال: «احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود» والمثل الشعبي هذا من الأمثال الحديثة نوعا ما، فمفرداته تدل على ذلك، وفكرة الادخال وحفظ المال للحاجة أسلوب قديم ومعروف، ويحرص عليه العقلاء، فهم لا يفرطون فيه وقت الرخاء حتى لا تصيبهم الحاجة والحرج وقت الشدة، والأيام مثل ما يقولون دوارة. يقول الشريف بركات في وصيته: احفظ حلالك عن الناس يغنيك اللي إلى بان الخلل فيك يرفاك والحلال كل مال يمكن أن ينتفع به وقت الحاجة، من نقد وإبل وخيول وبساتين وممتلكات. وعبارة المثل الشعبي محسنة بيانيا بحيث يقابل بياض القرش ووقت الرخاء مع سواد أيام الحاجة، وهذا من البلاغة التي يحرص عليها صائغ الكلام في الأمثال والحكم وغيرها، فزينة العبارة الهادفة سبكها وحبكها وبلاغتها وجودة بيانها وإيصالها المعنى. ويقال هذا المثل قبل وبعد أي حدث، فهو ليس مخصصا لوقت الندم أو بعد ما يقع الفأس في الرأس، بل يقال في أي موقف يتناسب معه. تقوله عندما تحفظ ثوبا جديدا لتلبسه وقت مناسبة، وتقوله عند حفظك لزاد لتأكله فيما بعد، وعند استخدامك لشيء قديم وتترك الجديد من قلم أو جوال أو ما شابه، وتقوله لك أو لغيرك، عند ادخار النقود، وتقليل المصاريف.. إلخ يقول الشاعر رمضان المنتشري: ماينشد عن الديباج راعي الجنوب الحرش بعد عضت الدنيا بيمناه ويساره وراعي الرفاهية يبا الزل الأحمر فرش كثيره مطاليبه ويا مكثر اسفاره والارزاق وآجال البشر عند رب العرش كم اغنى فقير وكم هوامير منهارة ليا زان وضعك (بق لليوم الاسود قرش) لاوضاع تتغير والايام دوّارة