يتساءل المرء عن أثر كف البصر على حواس وتصرفات الكفيف وعلى مدركاته وتصوراته؟ وأن أي محاولات لتخيل أثر فقدان البصر بإغلاق العينين غير كافية للتعرف على أثر هذه المشكلة لمن تولد معه إذ يبدو مستحيلا على شخص مبصر أن يتعرف على معنى كف البصر وتنحصر فائدة السمع في التفاهم والمعلومات الشفوية أما تمييز المساحة فيكون بواسطة اللمس وتقوم حواس ضبط الاتجاه بدور كبير فيه ولكن التميز بواسطة اللمس لا يكون له أثر جدي إلا إذا كان هناك اتصال مباشر بين الكفيف والشيء نفسه، وهذا يحد من قيمة هذه الحاسة، فهناك أمور لا يمكن لمسها مثل السحاب والأفق والشمس، وهناك أشياء إما صغيرة جدا أو كبيرة جدا كالجبال لا تلمس بقدر من يتم النظر لها ومن الواضح أن النظر هو دليل اللمس واللمس هو دليل الإحساس بالشيء لأن العين مفتوحة دائما ومستعدة لاستقبال مختلف المؤثرات من العالم الخارجي على حين أنه لا بدل عن اللمس عمليا كي يحصل الشخص على بعض الأفكار عن الشيء الملموس، فاللمس يسمح بتفهم صفات لا يستطيع النظر تميزها مثل الحرارة وصفات السطح الخارجي وتميز اللون خاصية بصرية نتيجة تأثر شبكية العين وعلى ذلك فالكفيف لا يمكنه تميز اللون برغم وجود بدائل عن الألوان أو حتى الحواس الأخرى، فاللون الأزرق يرتبط بالسماء الزرقاء كما يمكن القول إن الإدراك المكاني والمدركات والخبرات اللونية هي مناطق اختلاف بين الكفيف والمبصر والإنسان يستمد معلوماته من خلال حواسه بهذا الترتيب من الأدنى إلى الأعلى وهي؛ التذوق والشم واللمس والبصر والسمع ومعنى ذلك أن المعلومات التي يكتسبها عن طريق السمع أكثر من التي يكتسبها عن طريق البصر. وقد أكد العلماء على أن الإنسان يسمع أكثر مما يرى بمراحل كثيرة وهذا يؤكد على أهمية حاسة السمع وأنها تسبق حاسة البصر في الحصول على المعرفة وأثبتت الدراسات أنه لا يوجد فرق بين قدرة الكفيف وقدرة المبصر على الإدراك السمعي ولكن يجب مراعاة خصائص التعلم والموقف التعليمي والعلاقة بين قدرة الكفيف على الاستيعاب السمعي والتحصيل الأكاديمي علاقة قوية ومباشرة وتعتبر حاسة السمع من أنشطة الحواس عند الكفيف؛ لأنه يعتمد عليها فهو يعتمد عليها في كل إدراكه لما حوله وكذلك في الحصول على معلومات عن الأشياء التي توجد في بيئته، كما أن الكفيف يستطيع تكوين صورة ذهنية عن الأحداث والمواقف المختلفة، كما تشير الدراسات إلى أن الكفيف يعتمد على السمع في معرفة المسافة والاتجاه والمواقف المختلفة، كما أكد العلماء أهمية حاسة السمع وأنها تسبق حاسة البصر في الحصول على المعرفة ولا توجد فروق بين قدرة الكفيف وقدرة المبصر في الإدراك السمعي وقد يتفوق الشخص الكفيف على الشخص المبصر في الإدراك السمعي، حيث إن الكفيف معتمد اعتمادا كليا على حاسة السمع وقد طور مهارة السمع أكثر من الشخص المبصر؛ لأن غالبية الأشخاص المبصرين تجدهم معتمدين على النظر بشكل كبير، ولكن يجب مراعاة خصائص المتعلم والموقف التعليمي، كما أن العلاقة بين قدرة الطالب على الاستيعاب السمعي والتحصيل الأكاديمي علاقة قوية ومباشرة وترجع قوة حاسة السمع التي يتمتع بها الكفيف إلى أن هذه الحاسة تتطور بالتدريج وليس تلقائيا نظرا للاعتماد عليها لعدم توافر المراجع التي يحتاج إليها بطريقة برايل ما يجعله يعتمد على الكتب المسجلة أو الأشخاص الآخرين الذين يقومون بقراءة كل ما يريد ما يؤدي إلى تطور حاسة السمع ولذا فإن المكفوفين يعانون من نقص الخبرات التي يحصلون عليها، واليد عند الكفيف عضو مستقبل ومصدر في نفس الوقت، ولذا فإن تدريب اليد له أهمية كبيرة بالنسبة للكفيف حيث تتجمع أدوات البحث والاكتشاف الأشياء عند الكفيف في اليد وهكذا تؤثر اليد في الحياة الاجتماعية والاقتصادية تأثيرا جوهريا وتلعب دورا رئيسا في اكتشاف الكفيف من حوله وإدراك الأحجام والأشكال والتميز بواسطة اللمس لا يكون له أثر فعال إلا إذا كان هناك اتصال مباشر بين الكفيف والشيء نفسه.