فقدت الكويت والعالمان العربي والإسلامي رجلاً استثنائياً برحيل الشيخ صباح الأحمد، بل إن العالم برمته خسر زعيماً حكيماً، وقائداً بصيراً، سيتذكر الجميع طويلاً، نهجه المعتدل، ودوره البارز في تفكيك ألغام المنطقة، كما سيذكر التاريخ أن سياسته الحكيمة وبصيرته عبرت بالكويت محطات جسيمة، وأزمات كبرى، خرج منها الكويتيون بسلام، ليواصلوا مسيرة التنمية، والرخاء والاستقرار. نهل الشيخ صباح - رحمه الله -، من تجربته الدبلوماسية الطويلة، فأرسى دبلوماسية هادئة، تعكس طبيعته الشخصية والإنسانية، ووظف هذه المقاربة الحصيفة في مواجهة عواصف عاتية، واجهت الكويت، فبرز حاكماً منصفاً، يلتقي عنده الفرقاء، ويثق به المختلفون ليجنب الكويت مآلات الفوضى والانقسام، ويحمي في الآن ذاته المكتسبات الدستورية التي حققتها بلاده عبر تاريخ ممتد من التحديث والتنمية، لكن التاريخ سيقف طويلاً عند دوره الذي لا ينسى خلال أخطر أزمة واجهتها الكويت إبان الغزو العراقي في 1990، إذ كان للفقيد دور بارز خلال هذا المنعطف الخطير من خلال جهوده الدبلوماسية في حشد الدعم الدولي لقضية بلاده موظفاً خبرة أربعة عقود في العمل الدبلوماسي، وشبكة من العلاقات والصداقات المؤثرة التي نسجها مع المجتمع الدولي. كان الشيخ صباح أحد أصوات العقل، حين يفلت عقال السياسة، كما كان برؤاه العقلانية، وسعيه المخلص لتقريب المسافات، وجسر الهوات، وسيطاً أميناً، ومرجعاً للحكمة والرأي الصائب، وقد حققت الكويت في عهده طفرة تنموية كبرى، كما أهلته خدماته الجليلة للإنسانية، ليستحق لقب «قائد العمل الإنساني»، من الأممالمتحدة. يرحل عميد الدبلوماسية العربية، تاركاً إرثاً سياسياً وإنسانياً ثميناً، وبلداً مزدهراً ومستقراً وآمناً، وهذا بلا ريب هو الإرث الحقيقي.