تهتم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالحفاظ على البنية الثقافية والمعرفية للتراث العربي والإسلامي، وتشكل بعض مظاهر الحياة القديمة وامتداداتها حتى عصرنا الراهن جانبًا من هذا الاهتمام، ومنه ما يتعلق بالتراث الحيوي الذي يشكله الجمل أو سفينة الصحراء في الجزيرة العربية. ودرجت المملكة وعلى مختلف العهود السعودية - الرعاية الكاملة والاهتمام لهذا التراث الحي المصاحب للمجتمع السعودي، خاصة وأن الحياة الصحراوية ما تزال تعتمد على الجمل في معايشة الواقع، وما تزال تربية الإبل من الأنشطة الصحراوية البارزة، فيما تقام مسابقات الهجن بين فترة وأخرى في جميع مناطق المملكة ويقام مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل سنوياً لدعم مربي الإبل وعشاق هذا التراث الوطني العميق. وتطبيقاً لاهتمام مكتبة المؤسس بالتراث وإحيائه، فقد نشرت الكتاب الفريد «الجمل في الفن القديم والتاريخ والثقافة بالمملكة» باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تم توثيق الرسوم الصخرية للجمل في مختلف مناطق المملكة المصاحبة لنقوش وكتابات عربية قديمة تبين تاريخ وجودة منذ أقدم العصور (قبل 7000 سنة)، واستئناسه والاهتمام به في الحل والترحال والحروب والتجارة والصيد، فكان وسيلة النقل الأساسية التي تتحدى البيئة الصحراوية وأخطارها وقوتها، بما يمثله الجمل من القدرة على التحمل والصلابة والمناعة والقوة والصبر، خاصة من أجل الحج والعمرة عبر القوافل الآتية من كل حدب وصوب. وتحدد النقوش المصاحبة للرسوم الصخرية، أسماء مُلاك الإبل ووسوم القبائل التي تعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد. ويشتمل الكتاب على تقديم وخمسة فصول: الأول يتناول الجمل وقدراته وصفاته وتسمياته وأشكاله في الرسوم الصخرية، والثاني يسرد نشأة الجمل في الجزيرة العربية وتطوره، والثالث يعرض الجمل في الرسوم الصخرية في المملكة التي ترافقت مع الكتابات الثمودية واللحيانية، والمسند الجنوبي والنبطي، والتي توزعت من حدود اليمن الى الأردن شمالاً، خاصة في حائل وتيماء والفاو والعلا وكلوة ودرب البكرة والشويمس ومحيط كل هذه الأمكنة، وكذلك في الباحة ووادي الدواسر ووادي تثليث وجبال نجران ورنية وأطراف الربع الخالي، أما الفصل الرابع فيستعرض الوسوم والرموز القبلية والمالكين، أما الفصل الخامس فيذكر النتائج التي وصل إليها، والواقع الحالي لتطور المواصلات الحديثة مع بقاء الإبل رمزاً للمكانة ومصدرا للفخر والاعتزاز. واشتمل الكتاب على 400 لوحة تصويرية لكل هذه النقوش التعبيرية والتماثيل والحفريات. وقد قام الدكتور مجيد خان بتتبع تاريخ الإبل من خلال تلك المواقع والرسوم والنقوش على مدى 35 عاماً، حيث صاغ وحلل تلك الدراسة العلمية الموثقة عبر هذا الكتاب. يذكر أن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، تحتوي على عدد كبير من المصادر والمراجع حول الإبل، تتمثل في عشرات الكتب النادرة عن الجمل باللغتين الإنجليزية والفرنسية، كتب أغلبها قادة جيوش نتيجة مخالطتهم وتجاربهم واستعمالهم له، كوسيلة رئيسة لتنقلاتهم وأحمالهم العسكرية وحروبهم، ومعايشتهم اليومية للجمل لسنوات طويلة في الجزيرة العربية ومصر والسودان وبلاد الشام، فضلا على كتب ألفها رحالةٌ وعلماءُ مختصونَ بدراسة أحوال الجزيرة العربية.