لم يكن (الرجب) رجل أعمال تقليدياً، وإنما هو نموذج خاص لرائد الأعمال الذكي، الذي قرر أن يفكر من خارج الصندوق، وأن يخرج بأفكار "استثنائية" تجعل من تجارته تجربة فريدة ومفيدة للناس من حوله، هذه التجربة يشهد بها العالم اليوم، ويعتبرها فريدة من نوعها. "الرجب".. ليس سليل أسرة غنية، اعتمد على ثروتها في بدء نشاطه التجاري، وإنما هو شاب بسيط جداً، لأسرة متوسطة الدخل، بدأ حياته "عامل تنظيف غرف" في فندق بالرياض، ثم "باريستا يصنع قهوة"، وإلى اليوم، هو يعتز بهذه الأنشطة، التي أكسبته الخبرات العملية والحياتية في كيفية صنع نفسه ومستقبله بالطريقة التي يريدها، وعندما يسأله سائل عما إذا كان وصل إلى القمة التي يريدها، يؤكد للجميع.. "أنا مازلت في البداية".. وفي حواره ل"الرياض"، يسلط "الرجب" الضوء على حياته العملية، وكيف بدأ من الصفر، وكيف انطلق في عالم المال والأعمال، ويسدي نصائحه إلى فئة الشبان والشابات ومن رائدي الأعمال حتى يحققوا ما يسعون له. * في البداية دعنا نتعرف على بداياتك العملية وكيف كونت خبراتك وأدواتك؟ * قبل أن أبدأ في التجارة، كنت عامل نظافة غرف في "فندق الفورسيزون"، وذلك العام 2004، فبعد حصولي على شهادة الفندقة من معهد الإدارة، وحصولي على المركز الأول على مستوى الدفعة، كان أمامي اختيار الفندق الذي أتدرب فيه، فاخترت فندق "الفيرسيزون في برج المملكة"، وأعترف أن هذه المهنة سببت الإحراج الشديد في المجتمع، هذا الحرج ليس لي شخصياً ولكن لنزلاء الغرف في الفندق عندما يعلمون أن الشخص الذي ينظف غرفهم سعودي، وكثيراً يبدي النزلاء رغبتهم في دعوتي على الغداء أو العشاء، وجلست في الفندق موظفاً لمدة 6 أشهر، وخلال أربع سنوات، تنقّلت بين 7 شركات، وكنت أميل إلى الوظائف التي لها علاقة بالتعامل مع العملاء. * وما المهن الأخرى التي اقتحمتها وعملت فيها؟ * عملت باريستا "مختص إعداد قهوة" في سلسة مقاهي "د. كيف"، وافتتحت فرع غرناطة، وكنت سعيداً بهذه المهنة، التي تعلّمت منها الكثير والكثير في التعامل مع الناس، ومن الشركات التي عملت فيها فندق ماريوت، ومستشفى الملك فيصل التخصصي لاستكشاف سوق العمل، واكتساب الخبرات، وكل وظيفة ألتحق بها، لا أتركها إلا لوظيفة أفضل، وأدركت في جميع المهن التي عملت فيها، أنه لابد للشخص أن يبدع في الوظائف التي يتولاها كبيرة كانت أم صغيرة. * ولكنك عملت أيضاً موظفاً في جامعة الفيصل الأهلية في الرياض.. فكيف انتقلت من مهنة عامل نظافة في فندق وعامل صنع قهوة إلى موظف في الجامعة؟ * في 2008 وبعد تجربتي كنائب لمدير مشروع صيانة وتشغيل قاعدة الملك عبدالله الجوية في جدة، أتيحت لي الفرصة لأكون أحد أعضاء فريق التأسيس في جامعة الفيصل الأهلية في الرياض بوظيفة مساعد إداري في قسم شؤون الطلبة، وسبب قبولي لهذه الوظيفة هو سبب واحد فقط وهو مكان العمل والذي كان داخل قصر الملك فيصل الشخصي والذي يعتبر قدوة لي في عدة أمور. كنت على يقين أنني سأنجح في عملي هذا، لأنني أعشق الملك فيصل منذ الصغر، واستمر عملي في هذه الجماعة العريقة لمدة 5 سنوات تنقّلت خلالها في عدة مناصب حتى توليت منصب قيادة إدارة قسم التسويق والعلاقات العامة في الجامعة، بعد حصولي على درجة الماجستير MBA من جامعة الفيصل. * ومتى قررت أن تبدأ نشاطك كرائد أعمال؟ * في العام 2013 قررت بدء مشوار ريادة الأعمال، من بوابة التجارة في السيارات النادرة بالشراكة مع أخي الأكبر طلال والذي كان صاحب الرؤية، نحن كأخوة عشقنا السيارات منذ الصغر، أتذكر أن أول سيارة اشتراها أخي طلال في العام 2003 وكانت من نوع "بي إم دبيلو"، وأنا بعتها، وهذه أول عملية تجارة أدخل فيها، من خلال رأس مال بقيمة 150 ألف ريال، واستمرت تجارة السيارات إلى العام 2013، وخلال هذه الفترة اكتشفنا أنه أصبح لنا اسماً في عالم تجارة السيارات النادرة، لدرجة أن بعض الأصدقاء والمعارف نصحونا بفتح معرض لبيع السيارات الرياضية والنادرة، هذه التجارة كانت بالنسبة لنا خطاً تجارياً، يوازيها خط تعليمي، وثالث عملي. * وكيف استثمرت التجارة في السيارات النادرة في افتتاح نشاطك رسمياً؟ * في 2013 قررنا افتتاح معرض "سڤن" للسيارات، واستغرق المعرض عاماً للتجهيز، في هذه الأثناء افتتحت وكالة للتسوق والإعلان، كما دخلنا في شراكة مع مطعم "نزومي" في عام 2014، وهو مطعم ياباني، وفي عام 2015 تم تصنيف معرض "سڤن" كأفضل معرض سيارات في العالم، بينما فاز مطعم "نزومي" كأفضل مطعم في فئته في الخليج، وبعدها انخرطنا في عالم التجارة، علماً أن معرض "سڤن" يندرج ضمن مجال ريادة الأعمال، لأننا استطعنا أن نغير مفهوم تجارة السيارات في السعودية، حيث عملنا في السيارات الرياضية والسيارات النادرة، التي يزيد سعرها مع الزمن، وهناك أناس كانوا يملكون سيارات نادرة، لم يكن يعلمون بقيمة ما يملكونه إلا بعد التعامل مع "سڤن". * ما تم تحقيقه في معرض "سڤن" هل جاء وفق خطة عملية تصل إلى هذه النتيجة أم جاء بشكل عشوائي؟ * أعترف بأنه لا يوجد تخطيط وراء هذه الإنجازات، وإنما كان هناك هدف واضح وهو السعي إلى رفع مستوى الوعي عند الناس في قطاع السيارات الرياضية والنادرة، وهذا ما تم تحقيقه من خلال "سڤن كار لاونج" ومبادراتها التي لفتت أنظار الناس إلى الاستثمار في هذا النوع من السيارات وضخ أموال كبيرة فيها من أجل الاستثمار، وقد أقمنا فعاليات عدة تخص السيارات، منها فعالية سڤن كونكورس التي كانت ضمن موسم الرياض برعاية ودعم هيئة الترفيه حيث وجدنا كل الدعم من معالي المستشار تركي آل الشيخ الذي قدم ومازال يقدم لشباب الوطن كل دعم بتوجيه قيادتنا الحكيمة وتمكين سمو سيدي ولي العهد لرفع صورة مملكتنا الغالية عالمياً. * ما مفهومك عن ريادة الأعمال؟ * مفهوم ريادة الأعمال لدى كثير من الناس سواء في المملكة أو منطقة الخليج مغلوط بوجهة نظري، فالكل يعتقد أن رائد الأعمال هو الرجل الذي يمتلك تجارة حرة، بينما المفهوم الصحيح أن رائد الأعمال هو الشخص الذي يصنع الفرصة لنفسه وللناس، ويغير مفهوم التجارة في المجال الذي يدخله، مثال ذلك تطبيق "أوبر" الذي غير مفهوم التنقل في العالم، وجعله يتم عبر تطبيق إلكتروني، وأستطيع التأكيد على أن ريادة الأعمال اليوم بمثابة عملة نادرة، ينبغي دعمها. وليس شرطاً أن يبدأ رائد الأعمال من الصفر، فهناك رواد أعمال يبدؤون من القمة، ولديهم ثروات كبيرة، مثل بيل غيتس الذي استطاع أن يغير مفهوم الحاسب الآلي من خلال ابتكاره لنظام التشغيل ويندوز وغيرها من الأنظمة. * مع بدء نشاطك التجاري من المؤكد أن هناك صعوبات عدة واجهتك.. فما هي وكيف تغلبت عليها؟ * أكبر تحدٍ في أي تجارة، هو كيف يكسب التاجر ثقة الناس، وكيف يكوّن سمعته في الأسواق، وبكل بساطة يستطيع رجل الأعمال التغلب على هذا الأمر عن طريق المصداقية في التعامل، والشفافية في القول والفعل، عندها سوف يكسب ثقة العملاء، وبهذه الطريقة استطعنا من بناء اسمنا في الأسواق. * هل وجدت تحديات في تعاملك مع الجهات الحكومية في استخراج التراخيص الرسمية؟ * لا أبالغ إذا أكدت أننا في هذا الجانب لم نجد أي معاناة تذكر، خاصة أن التقنيات الحديثة من خلال الحكومة الإلكترونية وفرت الكثير من الجهد والوقت في إصدار التصاريح الرسمية، واليوم توجد مبادرات حكومية كثيرة تحفز رجال الأعمال، المهم أن يختار رائد الأعمال القطاع الذي يرضيه ويرضي طموحه ويشبع شغفه. الوظيفة الحكومية * كيف تقارن بين الجهد المطلوب في الأعمال الحرة وبين الجهد المطلوبة في الوظيفة الحكومية؟ * العمل الحر قد يحتاج إلى جهد يعادل 10 أضعاف الجهد المبذول في بعض الوظائف. على سبيل المثال، في الوظيفة، الموظف مسؤول من الجهة التي يعمل فيها، التي توفر له دخله واحتياجاته لإنجاح العمل، أما في العمل الحر، فرجل الأعمال هو المسؤول عن إنجاح العمل، حتى يحقق الأهداف المطلوبة. * مشوارك التجاري ليس طويلاً.. ولكن دعنا نسألك عن أبرز المحطات في هذا المشوار التي لا تنساها؟ * لا أتذكر محطة بعينها، فهناك محطات مهمة في مشوار التجارة، كان لها أثر واضح في مسيرتي، وأهم محطة مررت بها، هو عملي كعامل نظافة في الفندق، هذه المحطة اكتسبت منها خبرات عملية حياتية، ودفعتني إلى البحث عن الأفضل، عبر تطوير الذات، والبحث والتدقيق في المجالات التي تمثل لي إضافة تثري مداركي. المحطة الثانية في جامعة فيصل الأهلية حيث عرفتني على ثقافات مختلفة مكنتني من القدرة على التعامل مع الطالب المستجد والبرفيسور الباحث. المحطة الثالثة معرض تجربتي في "سڤن كار لاونج"، والقدرة على تغيير نظرة الناس تجاه تجارة السيارات الرياضية والنادرة والاستثمار فيها. كم الإنجازات * بعد تحقيق هذا الكم من الإنجازات.. هل تشعر أنك في أول الطريق أم منتصفه أم أنك وصلت للقمة؟ * أنا ما زلت في أول الطريق، ولم أحقق أكثر من 5 % من الأهداف والتطلعات التي أطمح لها، هذه حقيقة أشعر بها اليوم وهو ما يدفعني إلى المزيد من العمل. * هل من مهارات محددة ينبغي توفرها في جيل الشباب الراغب في الدخول في ريادة الأعمال وتحقيق كل ما يحلم به؟ * أهم مهارة يجب أن تتوفر في ريادة الأعمال، هي تحديد هدف واضح يمكن قياسه بالوقت ونسبة الإنجاز. المهارة الثانية هي الإصرار ثم الإصرار على تحقيق هذا الهدف وعدم الاستسلام للتحديات التي قد تواجهه، كلما تمتع رائد العمل بصفة الإصرار، كان نجاحه شبه مؤكد، وبدون الإصرار لن يحقق التاجر أهدافه. ثالث هذه المهارات هي القدرة على إيجاد حلول للتحديات والاستفادة من الموارد المتاحة حولك من علاقات ومعلومات وكفاءات لتحقيق الأهداف على أرض الواقع، بدون هذه المهارات يصعب جداً تحقيق أي إنجاز والفشل ليس هو عدم تحقيق الهدف، وإنما التوقف عن العمل هو الفشل الحقيقي. بيئة العمل * كيف يحقق رائد الأعمال طموحه وأحلامه في بيئة العمل؟ * أي رائد أعمال يريد أن ينجح، لابد أن يكون لديه ما يقدمه للمستهلك، وأن يملأ فراغاً في السوق الذي يرغب دخوله، وإذا تميز رائد الأعمال، وقدم خدمات جديدة وفريدة لعملائه، فسوف ينجح ويحقق أهدافه. أتذكر أننا أثناء افتتاح معرض "سڤن كار لاونج"، حرصنا على توفير سيارات لم يعتد المستهلك على رؤيتها لندرتها وارتفاع أسعارها، الأمر الذي جذب الجميع إلينا، وتوسعنا إلى أن حققنا بتوفيق الله وفضله هذا النجاح. في الختام كلمة لرواد الأعمال؟ * دائماً فكر بطريقة لتأسيس عمل يترك أثراً إيجابياً على المجتمع ورفع مستوى إسعاد المستهلك. لا تبدأ بداية كغيرك، ابدأ من حيث انتهى أفضل المنافسين حول العالم وليس منافسينك في مدينتك. اربط عملك بإرضاء الله ثم الوالدين وقدم كل ما تستطيع لدعم شباب الوطن ورفع اسم المملكة العربية السعودية حول العالم. مفهوم ريادة الأعمال لدى كثير من الناس مازال مغلوطاً