يعود هذا الاستخدام الإلكتروني الناجح الذي أصبح جزءًا من حياتنا اليومية، وازداد مع جائحة كورونا إلى قوة البنية التحتية للحكومة الإلكترونية في المملكة التي صرفت عليها الدولة آلاف الملايين منذ سنوات لتكون شاملة مستقبلاً جميع التعاملات.. المعلومات والبيانات أصبح لها تأثير كبير في الحياة المعاصرة، وقيمة مادية ومعنوية مهمة مع تنامي أعداد الذين يستخدمون الإنترنت في العالم، فمعظمهم ومن دون مبالغة في الوقت الحاضر يستخدمون على الأقل نوعاً واحداً أو نوعين أو أكثر من البرامج الإلكترونية سواء كانت تتعلق بالتطبيقات، أو شبكات التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل الإلكترونية الأخرى.. هذا خلاف الواتس المرتبط مباشرة بالهاتف الجوال، حتى أصبحت هذه الاستخدامات جزءًا مهماً من حياتنا. ومن الطبيعي أن تصبح كذلك، فهذه الشبكات والبرامج ساعدت في تسهيل عمل الأفراد، والمؤسسات والشركات والقطاعات الحكومية الأخرى، ولنا في ظروف جائحة كورونا خير شاهد حيث أصبحت التطبيقات المختلفة أساساً رئيساً لإنهاء معظم الإجراءات الحكومية والخاصة، بل ووسيلة لعدم الخروج من المنزل أثناء الحظر المنزلي بسبب الجائحة. فلم نشهد تعطلاً كبيراً في الحياة اليومية، حتى في الإفراغات، وأساليب التقاضي، وتجديد الرخص المختلفة، وغيرها من الاحتياجات المتكررة للأفراد والمؤسسات، وأخيراً في التعليم عن بعد الذي قررته وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الصحة والجهات الأخرى حفاظاً على صحة الطلاب والطالبات، حيث رأينا الملايين منهم وهم يبدؤون دروسهم اليومية مع بداية العام الدراسي 1442. ولاشك أن من إيجابيات جائحة كورونا -إن كان لها إيجابيات- وقانا الله شرها وأبعدها عن بلادنا هو التطبيق الكامل للحكومة الإلكترونية في جميع التعاملات اليومية حتى للتطبيقات التي لم تكن جاهزة أصلاً بشكل كامل، كان لها الفرصة للبدء والتطوير والتحسين، وهذا ما شهدناه في قطاعات أخرى سواء في القطاعين الخاص أو العام، حتى أصبحت التعاملات الإلكترونية تشكل جانباً من أهم التغييرات التي سنشهدها بعد زوال الجائحة -قريباً إن شاء الله-، فستستمر هذه التطبيقات في خدمة الجميع، وستستمر في التحسين والتطوير لتقلل من الزيارات اليومية المباشرة للكثير من جهات الخدمات على وجه الخصوص. كما أن من إيجابيات التوسع في هذه التطبيقات ما رأيناه من إتاحة الفرصة لشباب هذا الوطن لكي يستفيد من هذه الظروف الاستثنائية في اختراع تطبيقات توصيل، وابتكار وسائل لم تكن يوماً على البال لولا ظروف هذه الجائحة. وكان لتشجيع الدولة للشباب بتقديم المكافآت للعاملين في مجال التوصيل والتطبيقات الإلكترونية الأخرى أثره الإيجابي في زيادة الثقة بالتعاملات الإلكترونية، وسرعة انتشارها حتى على مستوى الأفراد، فبعد أن كانت ترفاً وكمالية للبعض في الظروف العادية، أصبحت اليوم ضرورة مهمة في هذه الظروف الاستثنائية، فتعلم الصغير والكبير استخدامها، والاستفادة منها في قضاء احتياجاته المتنوعة أياً كانت. ويعود هذا الاستخدام الإلكتروني الناجح الذي أصبح جزءًا من حياتنا اليومية، وازداد مع جائحة كورونا إلى قوة البنية التحتية للحكومة الإلكترونية في المملكة التي صرفت عليها آلاف الملايين منذ سنوات لتكون شاملة مستقبلاً لجميع التعاملات، ولتكون أحد مكتسبات رؤية المملكة 2030 الطموحة التي يقودها بكل كفاءة واقتدار الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فصارت المملكة مثالاً يُحتذى في نجاح القطاعات الحكومية والخاصة في سير الحياة اليومية لملايين المواطنين والمقيمين بطريقة عادية دون إحساسهم بأن منع التجول، أو عدم الاستقبال المباشر لهم في المقرات الحكومية أو الخاصة قد أثر بشكل سلبي على إنجاز أعمالهم، بل بالعكس رأى كثيرون أنها اختصرت عليهم المسافات والأيام لقضاء حوائجهم التي كانت تتطلب في الظروف العادية أياماً أو أسابيع، هذا خلاف الوقت الطويل الذي يستغرقه الإنسان في الذهاب إلى هذه الجهات مباشرة وما فيه من تعطيل لمصالح الأفراد. ومع هذه الإيجابيات الجميلة التي استشعرها كل فرد مواطناً كان أو مقيماً، لكن علينا أن ندرك أن تفاصيل حياته اليومية تحولت إلى مصدر معلومات، فلا يستطيع الإنسان على سبيل المثال أن يطلب شيئاً عن طريق التوصيل إلا من خلال تقديم بيانات تفصيلية عن عنوان منزله ورقم جواله، كما لا يستطيع أيضاً طلب احتياجات أكبر عن طريق تطبيقات التسوق الإلكتروني إلا من خلال تقديم معلوماته البنكية.. وهكذا في التطبيقات الإلكترونية الأخرى. كل هذه المستجدات جعلت المعلومات التي يقدمها الأفراد ذات قيمة معنوية ومادية يعتمد عليها في الاقتصاد الرقمي، فلذلك لابد من المحافظة عليها حتى لاتتحول من وسيلة لخدمة الإنسان إلى وسيلة للاعتداء على حقوقه وحرياته.. وهكذا نشأ نظام حماية المعلومات الشخصية، فبعض ضعاف النفوس أو محترفي الاختراقات يحاولون استغلال هذه الفرصة في محاولة سرقة هذه المعلومات والمساومة عليها لاحقاً إما مقابل مبالغ مادية ضخمة، أو مقابل تنازلات معينة يستفيد منها المخترق أو سارق المعلومات في مصالح فردية أو مؤسسية أو حتى إرهابية. ومن هنا نشأ مفهوم حماية المعلومات الشخصية. ولعلي في مقال قادم أتناول جهود المملكة في مجال حماية المعلومات من خلال الجهود التي يقوم بها مكتب إدارة البيانات الوطنية التابع للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» التي يقودها شباب سعودي ذوو كفاءات تقنية وفنية عالية.