أقام قادة الصين احتفالاً بمناسبة تغلب البلاد على كوفيد- 19 الثلاثاء، في حين ما زال المليارات حول العالم يعانون من تداعياته بينما يقترب عدد الوفيات من 900 ألف. وتأتي هذه الأجواء المتفائلة من بكين في ظل تزايد المخاوف بشأن عودة تفشي كوفيد- 19 في أنحاء أوروبا، مع تشديد فرنسا القيود الصحية وازدياد عدد الإصابات في بريطانيا وإعادة فتح المدارس في أنحاء المنطقة في الأيام الأخيرة. وبلغ عدد الإصابات في أنحاء العالم حتى الآن أكثر من 27 مليوناً وتوفي أكثر من 890 ألف شخص بسبب كوفيد- 19 في وقت لم تظهر أي مؤشرات على أن الوباء بلغ ذروته. لكن في الصين، تم احتواء الفيروس من خلال مجموعة من عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على السفر في وقت سابق من العام ما جعل المسؤولين يروّجون لرواية نجاح البلاد في التغلب على فيروس كورونا. وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ الثلاثاء خلال حفلة لتوزيع جوائز لمهنيين طبيين: إن بلاده اجتازت "اختباراً تاريخياً واستثنائياً" في طريقة تعاملها مع فيروس كورونا المستجد. وأضاف: "حققنا بسرعة نجاحاً أولياً في حرب الشعب ضد فيروس كورونا، نحن نقود العالم في رحلة التعافي الاقتصادي ومكافحة كوفيد- 19". وأشادت آلة الدعاية الصينية بطريقة استجابة البلاد لكوفيد- 19 وأعادت الترويج لأزمة الصحة العامة على أنها مثال على مرونة القيادة الشيوعية ومدى تنظيمها. ووجه شي كلمات صارمة إلى المشككين في الصين، قائلاً: إن "التحركات الأنانية وأي تجاوزات وأفعال تخلط بين الصواب والخطأ" تخاطر بإلحاق الضرر بأنحاء العالم. كما تروج بكين للتقدم المحرز على صعيد إنتاج لقاحات كدليل على القيادة العالمية والمرونة. وعرضت الصين لقاحات محلية ضد فيروس كورونا فيما يحاول هذا البلد الذي اكتُشف فيه الوباء، تحسين سمعته. وتعلّق آمال كبيرة على لقاحات محتملة من إنتاج الشركتين الصينيتين "سينوفاك بايوتك" و"سينوفارم" معروضة في المعرض التجاري في بكين هذا الأسبوع. ولم يطرح أي منها في السوق حتى الآن، لكن منتجيها يأملون أن تتم الموافقة عليها بعد انتهاء تجارب المرحلة الثالثة التي تعتبر مهمة جداً، في وقت مبكر من نهاية العام. واللقاحات المحتملة المعروضة هي بين نحو عشرة لقاحات في أنحاء العالم دخلت المرحلة الثالثة من التجارب التي عادة ما تكون الخطوة الأخيرة قبل موافقة السلطات الصحية. "علينا الخروج من منازلنا" وأصبحت إسبانيا أول دولة في أوروبا الغربية تجتاز عتبة نصف مليون إصابة بفيروس كورونا. وسيطرت إسبانيا إلى حد كبير على تفشي الوباء لكن الإصابات عادت إلى الازدياد منذ رفع القيود بالكامل في نهاية يونيو. في المغرب، أغلقت السلطات المدارس، وفرضت تدابير إغلاق في الدار البيضاء، بعد عودة ارتفاع عدد الإصابات في المدينة. وقال وزير الصحة المغربي خالد آيت الطالب في تصريح صحافي مساء الأحد: إنه ينبغي اتخاذ إجراءات صارمة وإلا خرج الوضع عن السيطرة في الأيام المقبلة. لكن القرار أغضب بعض أولياء الأمور، وكتب أحد الآباء على تويتر "كان الأولاد سعداء جداً بأنهم سيعودون إلى المدرسة غداً"، مضيفاً: "كيف ستفسر ذلك لولدين يبلغان من العمر ست وثماني سنوات؟". كما أعيد فرض القيود في فرنسا حيث وضعت سبع مناطق أخرى على القائمة الحمراء بعد تسجيلها معدلات إصابة يومية متتالية تتراوح بين سبعة آلاف وتسعة آلاف إصابة. وفي إنكلترا، فرض المسؤولون قيوداً على المسافرين من سبع جزر يونانية تحظى بشعبية كبيرة لدى المصطافين، بعدما سجلت بريطانيا في نهاية الأسبوع معدل إصابة لم تشهده البلاد منذ أواخر مايو. أما في آسيا، فمضت الهند قدماً في إعادة إطلاق اقتصادها المنهار حتى بعدما تجاوزت البرازيل الاثنين كثاني دولة في العالم لجهة الإصابات ب4,2 ملايين حالة. ولم يمنع ذلك البلد من إعادة تشغيل المترو مع فرض تدابير وقائية صارمة، بعد توقف استمرّ ستة أشهر في المدن الكبيرة خصوصاً في العاصمة نيودلهي حيث رفع ركاب يضعون الكمامات شارة النصر أمام الصحافيين. وقال أحدهم ديباك كومار لوكالة فرانس برس: "علينا أن نخرج من منازلنا لنمضي قدماً بحياتنا". وفي ذات السياق، باتت الوسائل أكثر تعدّداً وتطوّراً اليوم مما عليه الحال في بداية الأزمة الوبائية لمعالجة الحالات الأكثر خطورة من كوفيد- 19، في تقدّم من شأنه أن ينقذ الأرواح، بحسب ما أفاد خبراء فرنسيون وأميركيون وكالة فرانس برس. ويؤكد البروفيسور إريك موري رئيس الجمعية الفرنسية للإنعاش أن "تقدّماً كبيراً أنجز في هذا الصدد". ويضيف دانييل غريفن، رئيس قسم الأمراض المعدية في مجموعة "بروهيلث" التي تضمّ نحو ألف طبيب من 22 مستشفى في منطقة نيويورك، أن "فرص البقاء على قيد الحياة تحسّنت كثيراً في الولاياتالمتحدة في أوساط الفئات العمرية كافة". والشقّ الأول من هذا التحسّن يعزى إلى الأدوية. فمنذ يونيو، أظهرت عدّة دراسات منافع الكورتيكوستيرويدات للأشخاص الذين يعانون إصابات خطرة. وبحسب سلسلة من الأبحاث نشرت في الثاني من سبتمبر في مجلّة "جاما" الأميركية الطبية، تسمح هذه الأدوية بتخفيض خطر الوفاة بنسبة 21 % بعد 28 يوماً في الحالات الخطرة، من خلال علاج الالتهاب الملازم للأشكال الخطرة من الفيروس. ولم يظهر أيّ دواء آخر مفعولاً ملحوظاً إلى هذا الحدّ في خفض خطر الوفاة، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى التوصية ب"الاستخدام المنهجي للكورتيكوستيرويد عند المصابين بشكل خطر أو حرج" من المرض. ويؤكّد الطبيب في مستشفى ريمون بوانكاريه في غارش بضاحية باريس جيلالي أنان الذي شارك في إعداد إحدى هذه الدراسات "هو علاج من شأنه أن ينقذ الأرواح". ومن العلاجات الأخرى التي من شأنها تغيير المعادلة، "إعطاء مضادات التخثّر في وقت أبكر وبوتيرة أسرع"، بحسب البروفسور مارك ليون من الجمعية الفرنسية للإنعاش. ويقضي الهدف بتجنّب تخثّر الدمّ، وهي من المضاعفات الخطرة لكوفيد- 19. زجاجات صغيرة عليها ملصق «لقاح COVID-19» تم التقاطه في 10 أبريل 2020 «رويترز»