تشهد المنطقة متغيرات وصخباً سياسياً ومزايدات عربية وإقليمية متلاحقة. وفي ضوء هذا الواقع، الذي أصبح محل دراسة وتحليل من مختلف المفكرين والأكاديميين والمهتمين بشؤون السياسة، نجد أنّ المملكة العربية تسير بوعي وثقة وبصيرة نافذة تساير متطلبات المرحلة كافة. لقد أولت المملكة اهتماماً واضحاً في الشأن الداخلي؛ حيث يمكن لأي مطلع أن يلمس أنها بقيادتها الحكيمة وبصيرتها النافذة ومشاريعها الاقتصادية الطموحة، استطاعت أن تصنع نهضة خلاقة شملت الاقتصاد والصحة والتعليم، فضلاً عن الاستثمار في الشباب السعودي لدعم هذا التوجه ومحاكاة العالم الجديد. وسخّرت المملكة، بفضل سياساتها الداخلية الحكيمة، كامل طاقاتها في سبيل رفعة ورفاهية المواطن، وتلبية طموحاته، وتمكينه من العيش بكرامة وعزة، في ظل بيئة قوية آمنة ومستقرة وإنجازات يُفتخر بها، وتجسد الرؤية الصائبة 2030 التي كان صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رائدَها، في ظل التوجيهات الحكيمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظهما الله -، وهذا في المحصّلة النهائية أسهم في متانة نسيج مجتمعنا وتماسكه الوطني. لقد استوعبت القيادة، وبحس واقعي ومنظور عملي ورؤية شمولية وبعد نظر مستقبلي، كافة التحديات والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وتجلّى هذا الاستيعاب بمواقفها الثابتة، وبأنها جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وبأنها ركيزة أساسية لا غنى عنها في العمل على توحيد الرؤية العربية المشتركة، والحرص على دعم سائر القضايا العربية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية وضرورة توحيد جهود الأمة من أجل الخير والسلام والتطلعات التي تخدم الشعوب وتحقق لها الأمن والاستقرار والمسرّة. إنّه لمن الضروري والملحّ الإشارة إلى هذه الريادة التي تتمتع بها المملكة في هذا العهد الزاهي، والاعتراف بما حققته من إنجازات متواصلة تعكس جهود ومثابرة وحصافة رؤية ولي العهد، وإدراكه لأهمية وضرورة أن تتبوأ المملكة المكانة التي تستحقها، والارتقاء بها نحو آفاق أرحب وأوسع، وخلق بيئة جديدة تقوم على التفاهم البنّاء مع كافة دول العالم. هذه السياسات الواقعية، والنهج السليم، سواء فيما يخص الرعاية الفائقة لشؤون المواطن السعودي وشجونه، أو فيما يتصل بالالتزام بالثوابت العربية وقضاياها المشروعة، وفق مبادئ الشرعية الدولية والمصالح المشتركة، هو ما يميز مواقف المملكة ويجعلها محل تقدير وإعجاب الجميع. لقد تميزت السياسة الخارجية السعودية عن المراحل السابقة، وافترقت عن مقارباتها المبنية على سياسات المهادنة في العمل السياسي، لتبني سياسة جديدة في إدارة الشؤون الدولية والدبلوماسية تعتمد على ديناميكية قائمة على أخذ زمام المبادرة؛ للحفاظ على مصالح المملكة؛ حيث أثبتت هذه الديناميكية الجديدة جدواها ونجاحها في التعامل مع مقتضيات السياسة الدولية، في ظل التحولات والمستجدات في مختلف الميادين. كما أكدت هذا السياسة الديناميكية أنها قادرة على تقييم المؤشرات الواقعية والمحتملة لكافة التحديات والظروف السياسية والأزمات الدولية في التفاعلات الدولية والإقليمية، بوعي ورؤية واقعية، تعكس قناعات المملكة السياسية والاستراتيجية، وترسخ الحكمة السعودية المعروفة برؤيتها الثاقبة التي تكشف أهمية التعاون بين وحدات المجتمع الدولي، وضرورة ترسيخ الأمن والسلم والاستقرار، وتعميق الترابط الإنساني في هذه المنطقة الحيوية. * كاتب ودبلوماسي سعودي سابق