أجبرت جائحة كورونا معظم دول العالم على استخدام التكنولوجيا بعد إلغاء فكرة التعلّم في قاعات الدراسة التقليدية، فلم يعد التعلّم عبر الإنترنت يقتصر على فئات بعينها، بل الجميع في منظومة التعليم يستخدم التطبيقات الإلكترونية ليتحوّل الأمر إلى تكنولوجيا إجبارية وليست اختيارية، وهذا ليس حال المملكة فقط، بل معظم دول العالم المتحضر. ورغم التحديات النفسية والاجتماعية والتقنية لتأثير جائحة كورونا، إلاّ أن استثمار المملكة في البنية التحتية الرقمية وفق رؤية 2030، مكّنها من التعامل الأمثل مع الواقع الجديد الذي فرضته الجائحة بالاعتماد على التقنية في التعلم عن بُعد. فسارعت حكومة المملكة بشكل عام، ووزارة التعليم بشكل خاص، عند انتشار الجائحة دوليًا، إلى الاستعداد المسبق لضمان استمرارية التعليم لمواجهة هذا التفشي المحتمل، وحققت نجاحات في التعامل مع هذه الأزمة. ومع توجّه المملكة نحو التعليم الإلكتروني باعتباره خياراً واقعياً، أتى تأكيد وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، خلال لقائه عدداً من رؤساء التحرير وكُتّاب الرأي في الصحف، على أهمية دور وسائل الإعلام في إيصال الرسالة التعليمية، وأهمية الشراكة المستمرة معها في مختلف المشروعات والبرامج الوطنية، والتعاون معاً للمضي قدماً كمجتمع يكرّس جهوده لدعم أنظمة التعليم. وأن التعليم الإلكتروني بعد أزمة كورونا لن يكون كما هي الحال قبلها، فكثير من المسلمات في السابق تم تغييرها ومنها ما هو في أنظمة التعليم عالمياً. إذاً، الجائحة فرصة لتغيير ثقافة المجتمع تجاه التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد، ومن المهم أن يتشارك الجميع في مسؤولية تضامنية لتحقيق ذلك التغيير نحو مستقبل أفضل، والمسؤولية الكبرى تقع على وسائل الإعلام المختلفة لإظهار أهمية هذا التوجّه. وأيضاً لا مناص من تفعيل المسؤولية المجتمعية في هذه المرحلة كداعم كبير ومساهم في إنجاح العملية التعليمية، كما أشار معاليه، لتحقيق أعلى درجات العلاقة البناءة بين الأسرة والمدرسة، وتفعيل الشراكات المجتمعية القائمة بين وزارة التعليم وعدد من المؤسسات لتقديم الدعم والأجهزة للطلاب والطالبات. كما أن ثقة المملكة كبيرة بأبنائها المعلمين والمعلمات وأعضاء هيئة التدريس لإدارة عمليات التعليم عن بُعد بكفاءة عالية، وثقتها بدور الأسرة في متابعة الرحلة التعليمية، ودور وسائل الإعلام المهم، ولا يمكن أن تنجح العملية التعليمية دون تعاون ومشاركة الجميع. لذلك مفهوم المسؤولية الاجتماعية تجاه تعليم الأبناء لم يعد قاصراً على جهة دون أخرى، بل أصبح مسؤولية تكاملية بين القطاعين الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني.