لقد استطاعت المملكة -بحمد الله- منذ بدء جائحة كورونا أن تحقق نجاحات متكاملة، قادتها مختلف الجهات الحكومية، كلٌ في دوره وقد استشهدت الكثير من الدول، إقليمياً وعالمياً بتجربة المملكة في إدارة الأزمة في مختلف الميادين والتي وصلت اليوم إلى حالة التعايش مع الجائحة، فكان الاتفاق والقرار الصائب، بأن يبدأ العام الدراسي لهذا العام عن بُعد. ويأتي نقل العملية التعليمية من التعليم التقليدي، إلى الفصول الافتراضية، أي التعليم عن بُعد، والذي استؤنف مع بداية الأسبوع الجاري، ليمثل واقعًا جديدًا واختبارًا حقيقيًا لمدى تحقيق وتطبيق التحول الرقمي في قطاع التعليم، وذلك أسوة بالقطاعات الأخرى، بحيث سيكون التركيز على الفاعلية في التعليم عن بُعد والقبول من المستفيدين والإنتاجية في التعليم. والأولويات القادمة لقادة المدارس الحكومية والخاصة، في تطبيق الخطط الموضوعة خلال فترة التوقف في التعامل مع التحول الرقمي وكيفية خلق تجربة التعليم عن بُعد، كتجربة ممتعة وفعَّالة، دون تراجع مستوى الخدمات المقدمة ولانتهاز الفرص أثناء الأزمات، الذي يأتي من خلال التفاعل والتكييف، مع الواقع الجديد الذي فرضته الجائحة، كواقع جديد تعاشينا معه بحكمة ومسؤولية، ووضع صحة الإنسان أولاً؛ لتتم إدارته بطريقة راشدة يُحتذى بها. وأعتقد أنَّ العمل المشترك والتكامل بين جميع الجهات ذات العلاقة والمستفيدين، سيجعل استكمال عملية التعليم عن بُعد تتم بنجاح، أما العمل الفردي سيكون عبئاً على التعليم وسيؤدي إلى فجوات في التحصيل الدراسي، لدى الطلاب، على أساس عامل الوقت المحسوب في العملية التعليمية، باعتبار أن قطاع التعليم من أهم القطاعات التي أخذت تحظى بمزيد من الاهتمام في رحلة التحول الرقمي، وذلك من أجل بناء مجتمع رقمي مستدام. وبالتأكيد سوف تكون تجربة التعليم عن بُعد تجربة إيجابية وممتعة -بإذن الله- وسوف تسهم في فتح آفاق جديدة للمستقبل التقني لأبنائنا وذلك من خلال إعداد جيل رقمي طموح قادر على التواصل الهادف في استخدام التقنيات في التعليم، بحيث يستطيع تطوير تجربة التحول الرقمي كأحد مستهدفات، برنامج التحول الرقمي المنبثق عن رؤية 2030. وما يعزز ويدعم هذا الواقع الافتراضي الجديد للتعليم عن بُعد، مبادرة "كلنا عطاء" التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المنبثقة عن مبادرة "العطاء الرقمي" وبشراكة استراتيجية مع عدة جهات حكومية وخاصة، وجمعيات خيرية فاعلة، والتي استهدفت توفير أجهزة إلكترونية لذوي الدخل المحدود، تعينهم لإكمال تعليمهم عن بُعد، وهذا يدل على مدى ما يتميز به مجتمعنا من تكاتف وتكافل وتعاضد. إن أسلوب، أو تقنية التعليم عن بُعد ليست بالتقنية الجديدة، أو المبتكرة حديثاً، بل ظهرت منذ فترات طويلة، ولكن تطبيقها على مؤسساتنا التعليمية بمختلف مراحلها، سوف يساهم بصورة كبيرة في رفع مهارات وقدرات، أجيالنا الناشئة في المجال التقني والرقمي؛ الأمر الذي يساهم في إعدادهم إعداداً تقنياً نوعياً، وهذا جزء من استكمال الجهود المكثفة التي تقوم بها المملكة في مسيرة التحوّل الرقمي، التي تقودها الجهات المختصة في مملكتنا الحبيبة.