المتابع لسيرة عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) بعسير الفنان سلطان محمد العسيري الفنية يلحظ أنه لا يتقيد بمدرسة فنية أو اتجاه محدد بل إنه يؤكد على أن أعماله تستحضر الموروث الثقافي والتراثي، وتلامس الهم الإنساني بما يفسح مجال للحوار مع الآخر وفق أسلوب يخصه ويميزه عن الآخرين، فأعماله التي تميزها البساطة والتلقائية نجدها تجمع بين المسندية، والنحتية، إلى جانب أعمال «الريليف» مستخدماً في تنفيذها خامات الحجر، والرخام، والأخشاب بأنواعها، والكانفس، وألوان الأكريلك وانعكس على ذلك على تنوع التقنيات التشكيلية التي يمارسها، فبينما يستحضر في أعماله النحتية أسماء الله الحسنى تارة، والحروف العربية المجردة تارة أخرى، نجده يستحضر التراث العسيري في أعماله المسندية مستخدماً ألوان الأكريلك على الكانفس، والأخشاب الملونة الغائرة والنافرة؛ ساعده في ذلك امتلاكه لمجموعة خاصة في منزله تجمع بين المعثورات الأثرية والتراثية يبلغ تعدادها نحو (4) آلاف قطعة يعود تاريخ بعض منها إلى حقب تاريخية قديمة، تمثل العملات القديمة والإسلامية كالعملات الأموية، والعباسية، والرومانية، إلى جانب الريال الفرنسي، والباره العثمانية، إضافة إلى الصحف والمجلات، والصور التاريخية، والأسطوانات، والمصنوعات المعدنية والخشبية والمعدنية بأنواعها كالأسلحة، والطوابع البريدية؛ مما انعكس على أعماله الفنية التشكيلية إذ يستلهم الموروث التراثي وما يرتبط به من زخارف شعبية في بعض أعماله المسندية والنحتية منها. ويحرص العسيري على العمل الوطني والمجتمعي ففي أحد محطات معارضه الشخصية وتكريماً للقوات المسلحة السعودية المرابطة على الحد الجنوبي قدم الدعوة إلى اللواء متقاعد منصور بن محمد العياف لافتتاح معرضه الشخصي الخامس «حوار مع الطبيعة» الذي أقيم بمركز الملك فهد الثقافي / قرية المفتاحة بأبها وجمع بين أعمال النحت، والريليف، ولوحات الحامل. وتفعيلاً لمبادرة «وفاء» تخليداً لذكرى شهداء المروحية التي كانت تقل نائب أمير منطقة عسير الأمير منصور بن مقرن ومرافقيه - رحمهم الله - أبدع النحات سلطان العسيري مجسماً نحتياً أطلق عليه اسم «كلنا وفاء لأهل الوفاء» مستخدماً حجر البازلت ومادة «الايبكوسي» لتشكل مادة حافظة لصور الشهداء التي جمعت نائب أمير منطقة عسير الأمير منصور بن مقرن، ووكيل إمارة منطقة عسير سليمان الجريش، ومحافظ محايل محمد بن سعود المتحمي، وأمين منطقة عسير المهندس صالح القاضي، ومدير الزراعة بالمنطقة فهد الفرطيش، ورئيس المراسم بإمارة منطقة عسير خالد الحميد، ومرافق الأمير سعود السهلي، والمرافق الأمني، إلى جانب قائد الطائرة ومساعده كل ذلك جسده في عمل فني قصد من خلاله (كما يذكر العسيري) إلى تخليد إنجازات الشهداء المتمثلة في الجهود الكبيرة التي قدموها خلال مسيرة عملهم خدمة لوطنهم، مضيفاً بأنه استغرق في نحته وقتاً طويلاً ابتداء من البحث عن حجر البازلت المناسب، مروراً بالنحت عليه، وانتهاء بالإخراج الفني، ومن ثم عرض العمل في مزاد فني على المهتمين والمقتنين من متذوقي الأعمال الفنية مخصصاً نسبة 25 % من قيمته إلى جمعية المعوقين بعسير تفعيلاً للشراكة والتعاون المشترك بينها وبين الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) بعسير. وخلال أزمة كورونا حول العسيري العزلة إلى فرصة من خلال رسم لوحات جدارية على حيطان سطح منزله خلال أيام الحضر بمساحة تزيد على 156 متراً حولته مزاراً، ومتنفساً للعائلة والضيوف. وقد حرص العسيري على التنوع في الموضوعات والمعالجات لبعض الأسطح إذ اشتملت المواضيع على رسم الطبيعة، والخداع البصري (OP ART)، والزخرفة الإسلامية، والريليف، إضافة إلى توظيف بعض الخامات المهملة كإطارات السيارات، والحجارة. سيرة العسيري مليئة بالمشاركات والحضور الفني التشكيلي، فقد أقام خمسة معارض تشكيلية شخصية، ودرب عددا من المتدربين في مجال النحت، وشارك في تحكيم عدد من المسابقات الفنية، إضافة إلى مشاركات متفرقة في كثير من التظاهرات والمسابقات التشكيلية؛ منها: أسبوع ألمع الثقافي، ومهرجان خميس مشيط التشكيلي بمركز الأمير سلطان الثقافي، ومسابقة الفن السعودي المعاصر، وملون السعودية، ومسابقة السفير بالرياض، ومسابقات سوق عكاظ (لوحة وقصيدة) بالطائف، ومعرض الخرج السادس، ومسابقة تنمية 1، ومعرض اليوم الوطني، ومهرجان محايل، وملتقى جسفت الأول، ومسابقة التراث العمراني التشكيلية، حصل من خلال هذه المشاركات على عدد من شهادات التقدير والجوائز كان آخرها حصوله على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة التراث العمراني التشكيلية التي نظمتها هيئة السياحة بالشراكة مع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بعسير. * عضو هيئة تدريس بجامعة الملك خالد، ومدير جسفت عسير د. علي مرزوق*