لا شك أن الأب جسر يعبر من فوقه الأبناء باتجاه المستقبل، وهذا يأتي من مكانة الأب في الأسرة، لأنه العمود الذي تُبنى عليه وركن أساسي من أركانها، فهو بمثابة القاعدة الأساسية للأسرة. لا يمكن أن تسعد وأولادك أشقياء مهما جمعت من المال، ولا يمكن يسعد الأولاد في ظل عُنف وجبروت الأب الخارج عن الإنسانية. المال والبنون زينة الحياة الدنيا فاللهم أصلح لنا أولادنا وبناتنا؛ الطفل بين أبويه، الأم تحمله على صدرها، الأب يحمله على كتفه، الأم ينبوع الحنان، والأب رأس الحكمة، الأم تحميه من السقوط، الأب يعلمه القيام بعدالسقوط، حُب الأم يعرفه منذ الولادة، وحُب الأب عندما يصبح أباً، الأم تحمله تسعة أشهر والأب يحمل الجميع العُمر كُله، وقس على ذلك فالأم والأب لا يُقدران بثمن. أسرة في نعيم وأسرة في جحيم بين أب حنون وأب ظلوم. البيوت أسرار ولكن هذه الأسرار سرعان ما تتبخر وتظهر على السطح حينما يكون البعض من الأباء من أرباب المخدرات أو السوابق أو الفكر الضال فإن الأسرة سوف تكون على تنور ساخن جداً تجاه تربية الأبناء والعطف يعاملونهم بقسوة وطوال الوقت صراخ وزعيق على أسرته حتى يصل صوته للشارع وللجيران، وأخيراً ضياع وتشريد في الشوارع يتلقونهم الأصحاب أرباب الشر ويرحبون بهم. تأثير الصاحب أقوى من تأثير الأهل وأهل الصلاح؛ فالصاحب ساحب، فهو إما يكون من أهل الصلاح فيتمم تأثير الأهل ويكون هذا الصاحب من أهل الأخلاق الفاضلة مشهود له بالصلاة وأعمال الخير، وإما يكون من أرباب الشر فيؤثر على الصاحب في ظل غفلة الأسرة عن أولادهم، فلا يمكن أن نولد مُكللين بالأخلاق أو نعرف الخطأ من الصواب منفردين، إنما نكتسب هذه المبادئ اكتساباً، وهذهِ طبعاً مهمّة الأب والأم في زرع القيم والمبادئ في الأولاد. لكن لا يمكن أن يكون كل الآباء بالسوية نفسها من الإحساس بالمسؤولية، هناك آباء يتخلّون عن مهامهم ويلقون أعباء الحياة على الأم، يغادرون بحجّة لقمة العيش، يقلّصون المصاريف على أبنائهم ويصرفونها ببذخ على أصحابهم. نرى تجارب كثيرة على أرض الواقع، ومن ذلك أب غادر بيته بذريعة السفر للجهاد بعد أن غُرر به ونسي الزوجة والأبناء، لا يطمئن عليهم تحت ذريعة الجهاد غير المبرر. الحياة الأسرية تكوينها مهم جداً فهي المدرسة الشاملة لكل الحياة. لا يمكن أن نلغي دور الأب ضمن الأسرة وخاصةً إنه الركن الأساسي فيها، وأنه لا يقلُّ عاطفة عن عاطفة الأم وإن كانت معالمه غامضة حطّ الزمن عليها أعباءه، لكن روحه تعطي الحب بلمسة يده وتعبه وجهده. أما الصنف الثاني من الآباء المستهرتين بالحياة الزوجية فنسأل الله لهم الهداية، فالتجربة ستتكرر وتعيشونها أنتم أيها الآباء والأمهات مع أبنائكم، وهنا يصبح للتبرير غاية، وللبعد متعة لأنك أنت الآن أب وتشعر بقيمة الأب والأم، لا تدع الفرصة تتأخر لتعرف خوف والدك عليك، كن سندهُ ليكون ابنك سندك، وكن أيها الأب الحُضن الدافئ لأسرتك.