خلال الأسابيع القليلة الماضية شهدت أسواق المال إعلان نتائج الربع الثاني للعام، الربع الذي شهد الإجراءات الاحترازية الأكثر تشدداً في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو أيضاً الربع الذي شهد أكبر وعود لشركات النفط العالمية بإعداد الخطط الكبرى للتحول بعيداً عن الوقود الأحفوري والاتجاه إلى الطاقة المتجددة والانبعاثات منخفضة الكربون. شركات النفط وخلال إعلانات نتائج الربع الثاني إما تكبدت خسائر أو نجت من الخسائر بهامش ربحي هو من الأقل ربحية تاريخياً. إحدى السمات البارزة في إعلان النتائج كانت اعتماد الشركات على ذراع تجارة النفط الخام والمشتقات لتعويض خسائر القطاعات التشغيلية الأخرى في سلاسل القيمة التابعة لكل من الشركات النفطية. التساؤل الذي يطرح نفسه هنا هو حول ماهية السلع التي تنوي الشركات النفطية المتحولة إلى الطاقة المتجددة التجارة بها في حال تعرضت لأزمة مستقبلية خصوصاً أن تجارة النفط والمشتقات كانت بمثابة طوق النجاة خلال الأزمة. السمة الأخرى التي طغت على نتائج الشركات الربعية هي تخلي هذه الشركات عن امتيازات نفطية وحقول نفط قد تكون ذات كلفة عالية للتطوير والتشغيل في ظل الأسعار الحالية للنفط. التخلي عن هذه الامتيازات قد تصنفها الشركات أنها مرونة في اختيار المناطق ذات الجدوى الاقتصادية الأفضل لها إلا أن ذلك يعني أيضاً أنها تترك مجالاً أوسع لمنافسين آخرين للحصول على عمل جاهز. الخروج من المناطق العاملة يبدو سهلاً خلال هذه الفترة من الأسعار المتدنية للنفط إلا أن ذلك قد يغلق مسار العودة في حال تحسن الأسعار لاحقاً. من الملاحظ أيضاً أن سياسة توزيع الأرباح للمساهمين تتغير بشكل واسع خلال نتائج الربع الثاني بالنسبة لشركات نفطية كبرى كانت سابقاً توزع الأرباح بشكل مضمون خلال فترات توزيع الأرباح. بعض الشركات ألغت توزيع الأرباح وأيضاً شراء الأسهم في ظل تدفقات نقدية جيدة إجمالاً حتى وإن كانت أقل من فترات سابقة. الصناديق الاستثمارية الكبرى التي أنشأت محافظها معتمدة على توزيعات الأرباح ستكون لها مراجعة شاملة لشركات النفط الكبرى وسياستها النقدية الجديدة في ظل وعودها بالتغيرات الهيكلية والوظائفية والتشغيلية. قراءة هذه الإجراءات تعكس النظرة المستقبلية داخل أروقة الصناعة النفطية إلا أن الدوافع من وراء هذه القرارات قد لا تكون واضحة، فالتحول إلى الانبعاثات ذات الكربون الأقل له تكلفته الباهظة وخفض التشغيل سيقلص التدفقات النقدية بشكل ملحوظ. يتضح أن ضغوطات البيئة المالية الحالية في ما يخص الاستدانة والتمويل هي أحد أهم الدوافع وراء هذا التقليص الواسع، كما أن ضبابية الفترة القادمة تدفع الشركات إلى رفع مستوى المخاطر المتوقع، وهو ما يدفعها أيضاً إلى اللجوء لشعارات اجتماعية أكثر من كونها شعارات عملية.