تولي المملكة اهتمامًا خاصًا بالتعليم في مختلف المجالات والتخصصات في وقتٍ يشهد فيه العالم تغيرات متسارعة تتطلب جيلًا جديدًا مسلحًا بالعلم والمعرفة متماشيًا مع رؤية المملكة بخلق وتطوير قطاعات جديدة. كما تقوم المملكة بتنفيذ برنامج للتوطين لتوفير فرص عمل لهذه المواهب الشابة من أبناء وبنات المملكة. إلا أن هناك حلقة مهمة للغاية لتكتمل هذه الدورة التأهيلية من التعليم وحتى العمل.. وهي توفير التدريب العملي للخريجين الجدد في أماكن العمل قبل الاندماج بمسارهم الوظيفي الذي يناسب مؤهلاتهم ويلبي تطلعاتهم، إضافة إلى مساعدة الطلاب ما قبل التعليم الجامعي بتحديد التوجه الأكاديمي المناسب متوافقًا مع متغيرات سوق العمل وميولهم المستقبلية. وانطلاقًا من مسؤوليتها المجتمعية، أطلقت شركة القدية للاستثمار في يوليو من العام الماضي برنامج التدريب التعاوني بالتعاون مع مؤسسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية "مسك الخيرية"، حيث يهدف البرنامج إلى توفير بيئة عمل تدريبية للخريجين الجدد، ليكون التدريب على رأس العمل لمواجهة بيئة العمل وفي شتى المجالات الإدارية والمتخصصة والبدء بتحمل المسؤولية. كما يُمكّن البرنامج المشاركين من تملك الأدوات والمهارات اللازمة التي يحتاجها سوق العمل، فضلًا عن تأهيل كوادر شابة من أبناء وبنات المملكة يشاركون في مسيرة التحول ويحصلون على الخبرة اللازمة ليكونوا قادة المستقبل في القطاعات الاقتصادية المختلفة، تماشيًا مع التوجهات الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030. بدأ البرنامج في دورته الافتتاحية بتدريب 12 شابًا وفتاة على مدى 10 أسابيع. وبعد تحقيق الأهداف المرجوة من الدورة الأولى من البرنامج، تمت زيادة عدد المشاركين إلى 16 متدربًا ومتدربة في الدفعة الثانية من البرنامج التي بدأت في يناير من العام الجاري 2020 مع زيادة فترة التدريب لتمتد إلى 9 أشهر، وذلك لتعظيم الاستفادة من قبل المتدرب للبرنامج. ويساهم برنامج التدريب التعاوني في نقل المعرفة وتطوير قدرات الكوادر الشابة وتسريع وتيرة التوطين، حيث يقوم المتدرب بممارسة أعمال ومهام تطلب منه بشكلٍ يومي، بالإضافة إلى تقديم حلول مبتكرة لبعض التحديات التي تواجه القدية وعرضها بشكلٍ إبداعي. كل المحاولات مرحب بها وإن لم تنجح لتحفيز التفكير الإبداعي لدى المتدرب والبحث خارج الصندوق عن حلول غير تقليدية. هذا النوع من مهارات حل المشكلات يعمل على تعزيز الثقة لدى المتدرب وحثه على العمل بروح المبادرة والقيادة، سواء من خلال العمل بمفرده أو ضمن فريق. كما يساعد البرنامج في استكشاف ميول الخريجين المهنية وقدراتهم، حيث قد تتخطى مواهب وقدرات بعض الخريجين مؤهلاتهم الدراسية، أو قد تختلف عن مجال الدراسة الدقيق، ما يساعدهم في تحديد المسار المهني الذي يناسب قدراتهم والبدء في التدرب عمليًا على هذه المسارات المهنية، لا سيما مع تطور قطاعات اقتصادية جديدة في المملكة، مثل قطاع الترفيه والضيافة والسياحة وغيرها، والتي تشهد اهتمامًا متزايدًا من الشباب السعودي، حيث تمثل ركيزة أساسية للقدية، عاصمة المملكة المستقبلية للترفيه والرياضة والفنون. وحتى تكتمل الدورة، وبهدف تكامل هذه المنظومة لرفد سوق العمل بالمواهب الشابة المؤهلة وسد الفجوة بين التعليم والتوظيف، توفر شركة القدية للاستثمار، وفق احتياجات العمل، وظائف بدوامٍ كامل للكفاءات المميزة التي تثبت جدارتها من المتدربين عقب الانتهاء من البرنامج. ليس هذا فحسب، وإنما توفر القدية كذلك برنامج الابتعاث الدولي للطلاب السعوديين للحصول على درجة البكالوريوس أو الدراسات العليا في الولاياتالمتحدة الأميركية وغيرها من الدول، وذلك انطلاقًا من حرصها على إعداد وتأهيل جيل جديد من الكوادر الوطنية التي تتولى في المستقبل قيادة اقتصاد المملكة إلى آفاق جديدة. وعقدت شركة القدية للاستثمار بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية محاضرتين افتراضيتين تفاعليتين لطلاب وطالبات الجامعة المرموقة في إطار استراتيجيتها طويلة الأجل لتطوير المسارات المهنية للشباب السعودي، حيث قدمت المحاضرات الافتراضية لطلاب وطالبات الدراسات العليا وبرامج الزمالة فيما بعد الدكتوراه لتمكينهم من مواصلة تحديد أولويات الاستكشاف والتطوير الوظيفي، وزيادة الوعي بالعديد من الصناعات والفرص والمسارات المهنية في اقتصاد المملكة سريع التحول. وبذلك، تتكاتف الجهود والخطط والبرامج التي تبلور في مضمونها أهداف رؤية المملكة 2030 لتأهيل جيل جديد من الكوادر الوطنية من أبناء وبنات المملكة، يمتلكون العلم والمعرفة والمهارة والكفاءة والخبرة لدفع اقتصاد المملكة إلى آفاق غير مسبوقة.