يترقب كبار المستثمرين العالميين في الطاقة وساسة صناعة النفط والغاز في العالم إعلان أكبر منتج ومصدر مستقل للنفط الخام في العالم، شركة أرامكو السعودية عن نتائجها للربع الثاني من 2020 والذي حددته الشركة في 10 أغسطس المقبل عبر البث الصوتي الإلكتروني الذي يغطي النتائج النصف سنوية والسنوية للشركة ولا يغطي الربعية الأول والثالث. وتأتي إثارة الترقب العالمي نظراً لما شهدته أشهر الربع الثاني من الاضطراب الكبير الذي لحق بصناعة النفط وبالأخص شهرا أبريل ومايو حينما انهارت أسعار النفط للسالب مع صدمة العرض الزخم وكل ما حدث لا يمت بصلة لتداعيات أزمة كورونا، وإنما يمت لما حدث في دهاليز تحالف أوبك+ الذي انهار قبل أن تنجح المملكة في إعادة إحيائه وإعادة الاستقرار للسوق البترولية الدولية وسط حرب الجائحة. وبالنظر لغالبية التوقعات التي تشير إلى أسوأ النتائج الربعية التي يمكن أن تحققها كبرى شركات النفط والغاز في العالم، تهيمن شركة أرامكو السعودية دوماً بالقمة في كافة الأصعدة من التشغيلية إلى الإنتاجية إلى التسويقية وحصد أكبر الأرباح التي تعادل أرباح الخمس شركات الكبرى في العالم، بخلاف قيمتها السوقية التي تجاوزت 2 تريليون ريال خلال طرح اكتتابها المحلي التاريخي الذي حصد مبلغ 96 مليار ريال/ 25.6 مليار دولار الذي أاظهر أكبر قيمة سوقية للشركة. ومع ذلك تظل شركة أرامكو المتكيفة والمنفذة الداعمة للسياسة البترولية للمملكة حيث شرعت بخفض إنتاجها طوعياً بقدرة مليون برميل يومياً في يونيو لدعم استقرار العرض والطلب وتعزيز قوة تحالف دول أوبك+ والتي ساهمت تخفيضاتها بنحو 10 في المئة من الإنتاج العالمي على مدى أشهر مايو ويونيو ويوليو في انتعاش النفط وانتشال أسعاره من البيع ببلاش إلى أكثر من 40 دولاراً حتى كتابة التقرير. وتجسد المناقشة الإلكترونية مدى اتصاف أرامكو بالشفافية التي جسدتها كافة بيانات ومعلومات أكبر الثروات الهيدروكربونية في العالم وتفاصيلها المالية للفترات الماضية والحالية والمستقبلية وتوجهات الشركة وسياساتها الاستراتيجية للنفط الخام والغاز والطاقة إجمالاً التي عززت ثقة المستثمرين الدوليين الذين ضخوا 12 مليار دولار في شراء سنداتها الدولية العام الماضي، فضلاً عن نجاح أرامكو في إتمام صفقة شراء 70 % من أسهم شركة "سابك" بقيمة 69,1 مليار دولار. وتشهد شركات النفط والغاز الكبرى في العالم انخفاضاً تاريخياً في أسعار النفط والغاز خلال الربع الثاني من العام الجاري 2020 حيث تزامنت قيود الإغلاق من كورونا مع صدمة طلب غير مسبوقة. وقالت كاثي هيبل، المحللة في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي: "أعتقد أنها ستكون مؤلمة وقاسية"، وستكون مدفوعات الأرباح للمساهمين أيضًا مجال تركيز للمشاركين في سوق الطاقة. ومن المرجح أن تسجل شركات النفط والغاز الكبرى نتائج "مخيبة وشنيعة" للربع الثاني على مدى الأسبوعين المقبلين، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تمتد فترة الثلاثة أشهر حتى نهاية يونيو إلى نقطة منخفضة للعام 2020. وستعلن شركة "إيكوينر" النرويجية عن أرباح الربع الثاني يوم الجمعة المقبل، بينما من المقرر أن تقدم شركة "او أم في" النمساوية، وإيني الإيطالية، وتوتال الفرنسية، وشل الإنجليزية الهولندية تقاريرها الأسبوع المقبل. فيما ستكشف شركة برتيش بتروليوم البريطانية عن نتائجها الفصلية في 4 أغسطس. وستعلن شركة كونوكو فيليبس عن أرباحها في 30 يوليو، ومن المتوقع أن تتبعها شركة إكسون موبيل وشيفرون في 31 يوليو. وأشارت هيبل إلى أن متوسط العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بلغت 29 دولارًا للبرميل فقط في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، منخفضًا من متوسط 51 دولارًا للبرميل في الربع الأول. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت إلى أدنى مستوى لها منذ العام 1999 في 21 أبريل، في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى المنطقة السلبية للمرة الأولى على الإطلاق. وبحسب ما ورد قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول منذ ذلك الحين إنه يعتقد أن العام 2020 قد يُنظر إليه على أنه أسوأ عام في تاريخ أسواق النفط العالمية، مع احتمال أن يكون ما يسمى ب "أبريل الأسود" أسوأ شهر شهدته الصناعة على الإطلاق. وأضافت هيبل "إن أرباح الربع الثاني ستكون فظيعة"، وهو ما يعكس فترة من ضعف أسعار النفط والغاز بالنسبة للشركات الكبرى للطاقة. واستطردت قائلة: "خطتي الأولى هي أن نكسة النفط هذه ليست نتيجة الفيروس فقط، فهذه اتجاهات طويلة الأمد تعود إلى عقد من الزمان، وإن صناعة النفط لن تختفي غدًا، ولكنها تخوض مرحلة تراجع طويل الأمد لم نشهده". وتم تداول العقود الآجلة لخام برنت عند 44.61 دولاراً للبرميل صباح الخميس، بزيادة أكثر من 0.7 ٪ للجلسة، في حين استقرت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عند 42.19 دولاراً، بارتفاع حوالي 0.6 ٪. وقال ستيوارت جوينر، المحلل في شركة أبحاث السوق "ريدبورن": إن الربع الثاني سيكون "نقطة منخفضة" هذا العام لشركات النفط والغاز الكبرى، ومن المتوقع أن تسجل جميعها نتائج "ضعيفة جدًا". وستكون مدفوعات الأرباح للمساهمين أيضًا مجال تركيز للمشاركين في سوق الطاقة. وخفضت شركة النفط العملاقة شل توزيعات أرباحها للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية في الربع الأول من العام 2020، في حين خفضت شركة "إيكوينر" النرويجية أرباحها الفصلية إلى المساهمين بمقدار الثلثين. وأعلنت شركتا "شل" و"بريتش بتروليوم" منذ ذلك الحين عن تخفيضات في الربع الثاني تصل إلى 22 مليار دولار و17.5 مليار دولار على التوالي، بسبب توقعات انخفاض أسعار النفط والغاز على مدى السنوات الثلاثين المقبلة. وأضاف جوينر أن شركات النفط الكبرى ستندرج في ثلاث فئات عندما يتعلق الأمر بتوزيع الأرباح في الربع الثاني وهي تلك التي لن يتم تخفيضها، وتلك التي تم تخفيضها، وتلك التي سيتم تخفيضها. وأشار إلى أن شل وتوتال من المرجح أن تندرجا في المجموعة الأولى، بالنظر إلى أن الشركتين أشارتا من قبل إلى أنهما لن تخفضا توزيعات أرباحهما في الربع الثاني، في حين كان من المتوقع أن تحافظ شركة "إيكوينر" على مستوى أقل من أرباح الأسهم لبقية العام. وخص جوينر شركة "إيني" و"برتيش بتروليوم" حيث من المرجح أن تخفض شركتا النفط والغاز الأوروبيتان توزيعات الأرباح في الربع الثاني، متوقعاً أن الشركتين ستفعلان ذلك بنحو الثلث. وتابع جوينر: "أعتقد أن مجال الاهتمام الرئيس سيكون في الواقع حول ما يقولونه مستقبليًا عن أين تتجه الشركات ومدى سرعة التعافي". وأضاف "أعتقد أنها لن تركز بالضرورة على الأداء في الربع بالطريقة التي ستفعلها عادة، إنه أمر غير معتاد إلى حد ما من هذا المنظور". وأعلنت شركة "ريبسول" الإسبانية للنفط والغاز عن خسارة صافية للربع الثاني وأعلنت عن شطب أصول بقيمة 1.5 مليار دولار حيث خفضت توقعات أسعار النفط والغاز على المدى الطويل. وتنضم إلى شل وبي. بي في تخفيض قيمة أصولها في أعقاب جائحة الفيروس التاجي. وقال نيكي ريش مدير برنامج المناخ والطاقة التابع لمركز القانون البيئي الدولي في تقرير في وقت سابق من هذا الشهر: "اللعبة انتهت: شركات النفط والغاز لم تعد قادرة على إخفاء ضعفها المالي". وأضاف: "وبغض النظر عن الطريقة التي تقدم الشركات أداءها، أعتقد أنه من الواضح أن الإشارات كلها تشير في نفس الاتجاه وهذا تراجع منهجي طويل الأجل". ولفت ريش: "كان الوضع الراهن قبل كوفيد 19 أبعد ما يكون عن استقرار صناعة النفط، لذلك أعتقد أنه علينا أن نضع ذلك في الاعتبار عند تفسير أي أرباح تم الإبلاغ عنها".